22 ديسمبر، 2024 8:16 م

حوار في المرآة!!

حوار في المرآة!!

أظنّني أنتَ يدعوني، وتدعوني
وكنتُ”موساك” يامن كنتَ”فرعوني”
وجهي ووجهُكَ في المرآةِ ماالتقيا
إلا على قَدَرٍ في الغيبِ مكنونِ
إذ كنتُ “أنتكَ” حدَّ اللعن تشبهُني
كأنَّما كنتَ في المرآة أو دوني
وجهانِ في جَسَدٍ والماءُ ثالثنا
فأيِّنا كان من ماءٍ ومن طينِ؟
هبني اجترحتُكَ في معناي لي جسداً
أمطرته الشيب في لوحي وتكويني
حدَّ انثناءة غيمٍ أنزلتْ مطراً
كما تثاءبت الصحراءُ في لينِ
وكدتُ أولغُ حتى كاد يشربُني
في الأبجدياتِ خمري وهو يرويني
حتى فم العتبات البيض يسألني
معنى ضلالِكَ عني حين تهديني

أظنُّه كان وجهي حين تبصرُني
وكنتُ أبصرُ ظلي في القرابينِ
فأين أنتَ؟ أضاعتني بغربتِها
عيناك فاتلُ عليها “سورة التينِ”
*****
هبني سأرسم في عينيكَ لي شَبَهاً
يوم الوداع إذا ماغبتُ يبكيني
وفي شفاهِكَ بعضَ الحرف أودعُهُ
معنى غيابِكَ عني حين تؤويني
بعضُ التوحّد يغويني فأتبعُهُ
حد الغواية، والترحال يشكوني
كنْ أنت وجهي، فلا “الجوديّ” حيث رسا
هذا السفينُ، ولا المحنيّ عرجوني
حتى التلاوة في عينيك تقرأني
والأبجديةُ أتلوها وتتلوني
فهل تلوتَ تعاويذي وبسملتي
حتى كأنَّكَ في عينيَّ”ذو النون”
حتى كأنَّك من ماضٍ يسابقُني
وحاضرٍ لستُ أدري كيف يبقيني
ولستُ مستبقياً فيهِ ثمالتَهُ
وقد رهنتُ به ثوبَ السلاطينِ
وقد زهدتُ به ما لستُ أضمنُهُ
بقيا ليالٍ إذا ماقمتُ تطويني
حسبي بأنَّكَ في العشرين تهتفُ بي
كيما أبيح لها في الغيب ستّيني
*****
وفيك تسألُني عيناك عن قدرٍ
ونحن أولى بما كنا الى حينِ
مذ كان جلدُكَ أثوابي أوزِّعُها
كأنَّني دونها مثل “إبن يقطينِ”
مابيننا السجنُ:مقتولٌ وقاتلُهُ
والجسرُ مابيننا في سجن”هارونِ”
كنتُ الغريبَ فلا دارٌ ولا وطنٌ
والأرضُ تنشرني حيناً…وتطويني
وكنتُ أسألُ عني، والبلادُ نأتْ
وفيك أبحثُ…والمنفى دواويني
هلاّ أعدت إلى عينيَّ ضوءهما
لعل بعض العمى في الغيب يهديني
علَّ الطفولات تؤوي ظل غربتِها
دون النبوَّة في وحي الشياطينِ
الأربعون يتامى، والخطى افترقتْ
مابين مؤتمنٍ فيها ومأمونِ
والعشرُ والستُّ بعضٌ من أراملها
إبن السبيل، ووجهي في المساكينِ
صحبتُ ظلي…رأيتُ البحرَ دون دمي
كأنَّ صوتَكَ في المنفى يناديني
وقلتُ: هبني شراعاً، والمدى سفني
ياأين أنتَ، وكان البحرُ يجفوني
البحرُ يغرقُ في المرآةِ أشرعةً
وكان وجهُكَ فرشاتي وتلويني
حتى مددت الى كفيك مئذنتي
فيا أغثني، فقد ضجت قرابيني
لستُ”أبن نوحٍ”، ولا الطوفانُ أغرقني
ولستَ”عيسى” إذا مامتُّ يحييني
*****
أراغبٌ أنتَ عني حين تنكرُني
بعضُ الخروج دخولٌ حين تقصيني
بعضُ الوداعِ تعلّاتٌ وأفجعُها
اني سابكيك يامن كنت تبكيني
كمن يودِّعُ وجهاً كان في جسدي
كان الرحيلُ إلى عينيك يغريني
حد التوحد كنا بعض ماوجدت
يد المشيئة دون الكاف والنونِ
لكنَّما كنتَ ظلي واختلاج يدي
فما رميت بها الا لترميني
كان التغرّبُ في الأرواح نافذتي
منها…إليك، أناديها فتدنيني
حتى وجدتُك فيها بعض ماتركت
خطاي في الأرض من بوح المجانين
*****
ياكل من عرفت عيناي صورتَهُ
حد التوله في الدنيا وفي الدينِ
ياأول الخطو في الترحال قيلَ له
الآن يبتديءُ الأقصى من الدونِ
المهدُ بدؤُكَ في المرآةِ توسعُهُ
ماأوسعَ القبرُ من لحدٍ لمدفونِ
لكنَّما كنتَ فيه الظلَّ تسبقُهُ
والآن تتبعُهُ مثل المطاعينِ
تساقطَ الناس من حولي كأنَّهُمُ
والموحشاتُ فمٌ، مثل التلاحينِ
وكنتَ وحدَكَ فيهم بعضَ أدعيةٍ
تُتلى، وتقرأُهُ في “طورِ سينينِ”
وماقبضتَ يداً كانت تُمدُّ لهم
معنى وجودِكَ في غب الافانينِ
يكفيك أنَّكَ لم تبرحْ، وقد ذهبت
كلُّ المذاهب فيهم صوب”قارونِ”
يكفي بأنَّك صوّامٌ بمسغبةٍ
والخلقُ فيها غدت مثل السراحينِ
وكنتَ تبصرُ هذا الخلقَ تسمنُهم
صغارةُ النفس في رث المواعينِ
أن كنتَ في لغة التصديقِ قافيةً
لم يدرك اللحنُ فيها أيَّ موزونِ
أنحنُ فيما قضت أقدارُنا سببٌ
أم نحن كنا بها بعضَ التمارينِ
أَغربةٌ ووجودٌ غيبُهُ صورٌ
ووحشةٌ وغيابٌ في الموازينِ
وَضيْعَةٌ بين أثوابٍ نجمِّلُها
حتى غدونا بها مثل القرابينِ
أَأنْتَ فيما وجدتَ الحادثاتِ صدى
أم كنتَ توجدُها بين العناوينِ
أَشاهدٌ وحكاياتٌ مبعثرةٌ
تلملمُ الخرز المبثوتَ في الجونِ
أم كنتَ في الغيب مشهوداً قيامتُهُ
لوشئت قلت لها فيما جرى :كوني