فجأة وبلا سابق إنذار، شهد العراق في الأيام القليلة الماضية ، دخول قوات الجيش في معارك ضد تنظيم (داعش) الإرهابي في صحراء الأنبار، يأتي ذلك بعد سنين ما فتيء بها ذلك التنظيم بالقيام بتفجير المؤسسات ودور المواطنين، وعمليات اختطافً واغتيالاتٍ في مختلف المدن، اصطبغت بها ارض العراق بلون الدم القاني، انطلاقاً من صحراء الانبار، وبعض المناطق الحاضنة لتلك المجاميع الإرهابية.
وفي كل هذا فإن حكومتنا لم تبدي أي تحركاتٍ من شأنها ردع ذلك التنظيم؛ حتى اقترب موسم الإنتخابات، وفي ليلةٍ وضحاها، انطلقت عمليات الجيش العراقي لتدك اوكارهم، ورافق تلك العمليات تصعيداً إعلامياً من قبل إعلام الحكومة، من المفترض أن يكون موجهاٍ الى دعم القوات الأمنية في حربها ضد الإرهاب، الّا أن ذلك الإعلام رافقه تصريحات غريبة للقائد العام للقوات المسلحة، والتي اتهم فيها خصومه السياسيين، وبعض وسائل الإعلام، بدعم تنظيم (داعش)، وتوهين الجيش العراقي.
مع ان ما طُرح في وسائل الإعلام، حتى من الفرقاء السنة أنفسهم، لم يكن سوى تشجيع للجيش العراقي في ضربه للإرهاب، مع النصح والتحذير من المساس بالمدنين، كي لا يتم تحين الفرص من قبل المتربصين للنيل من جيشنا الباسل، واتهامه بقتل المواطنين المسالمين.
تصرفاتٌ غريبة، وتصريحاتٌ عجيبة، بات يطلقها المالكي بين الفينة والأخرى، هذه المرة تنبئنا بالخطر الكبير على الأمن السياسي، وبالتالي على الديمقراطية الإجتماعية، والحريات الشخصية. فبعد التهم التي كالها رئيس الوزراء لكل من تطرق أو يتطرق الى الأحداث بالنقد، أو التحذير من مغبة الأخطاء التي قد ترافق العمليات العسكرية، أو التنويه الى بعض الأمور المتعلقة بها، واتهامهم بالخيانة ودعم الإرهاب؛ لا يستبعد ان يتطور الأمر الى اعتقال أولئك المتهمين (من وجهة نظر المالكي)، وقد يصل الأمر الى من يعبر عن رأيه الخاص في مواقع التواصل الإجتماعي!.
ما نراه اليوم من تصريحاتٍ لجميع شرائح المجتمع العراقي، بمكوناته السياسية والاجتماعية؛ جميعها تتفق مع ضرب الإرهاب أينما كان، والكل يشد على أيدي الجيش العراقي، الّا أنّ على الحكومة الأخذ بالحسبان؛ أن الجيش ملكٌ للوطن، وليس ملكاً للحكومة، وأن أفراد الجيش مواطنين، وليسوا مليشيا، او مرتزقة، او عبيدا لرئيس الوزراء. وعلى الحكومة إحترام، وتقبل الرأي الآخر مهما حصل، سيما إنْ كان ذلك الرأي لا يخالف الدستور والقانون، وعدم اللجوء إلى إستمالة السلطة القضائية، وتطويع السلطة التنفيذية لقمع الخصوم السياسيين، والتنكيل بهم.
والّا بكل بساطة، ولا نحتاج الى جهد جهيد؛ بإتهام الحكومة في اختيار توقيت ضربها لجماعة داعش؛ بالدعاية الإنتخابية، وتحقيق أجندات لقوى الإستكبار العالمي، بل وأتهامها بالتقصير في الذود عن دماء الشعب العراقي، والتهاون والإستخفاف بتلك الدماء؛ بتأخير ضرب تلك الجماعات لما يقارب العامين، بالرغم من توفر الإمكانات اللازمة لضربها، منذ تسلم القوات الأمنية للملف الأمني من القوات المتعددة الجنسية عام (2010).
وهنالك تساؤلٌ يُطرح : هل ان ما يصدر عن رئيس الوزراء سيادة قانون أم إرهاب دولة؟!.
سينبئك الدهر بما غاب عن ناظريك.