23 ديسمبر، 2024 11:04 ص

حكايات انتخابية – 5 / (ولِيتو) المالكي (ولية) والعراقي بطبعه يكره (الولية)

حكايات انتخابية – 5 / (ولِيتو) المالكي (ولية) والعراقي بطبعه يكره (الولية)

فاز نوري المالكي، ونال مبتغاه، وعلى المعارضين – الذين نصبهم القدر (قادة) سياسيين في بلدٍ كانت معظم تحولاته السياسية صنيعة قدرية – أن يشربوا من الكأس التي كانوا ينوون تقديمها له!، إن كانوا شجعانا وفرسانا يفهمون قواعد الفروسية السياسية. فاز المالكي، وليس في جعبته ما يفاخر به من إنجازات تخفف من بلاء شعب العراق وجياعه، بل ربما كان الرجل ركنا من أركان فجيعة هذا البلد. فاز المالكي، وخصومه الخائبون هم من صنع هذا الفوز، فلا أحد ساند ودعم وروّج للمالكي أكثر من خصومه، هؤلاء الذين راحوا يتناسخون ويتناسلون ويتزايدون من حوله، ولم يبق من سهم ورمح إلا وأطلقوه عليه. فاز المالكي برغم أخطائه!. عوامل كثيرة ساهمت بفوز رئيس الوزراء المنتهية ولايته في الإنتخابات النيابية الحالية، عوامل وجد العراقيون أنفسهم محكومين بها، وخارج إرادتهم وتطلعاتهم وصراخهم الداعي للتغيير، وقد كنتُ شخصيا من بين الذين راهنوا على فوزه الساحق الماحق، وربما تسبب رهاني بـ (زعل) الكثير من الأصدقاء وبعضهم ساسة معارضون، رغم علمهم أني آخر من يصفّق لسياسي إسلامي. ليس جديدا على العراقيين أن يجدوا أنفسهم محكومين بعوامل طارئة تملي عليهم (لامعقوليتهم) في إتخاذ الرأي والقرار في أمور تمس حياتهم، فهذا ديدنهم على مر العصور، وقد وجدوا أنفسهم هذه المرة ومنذ عام تقريبا تحت وطأة مشهد إختلطت فيه عناصر إجتماعية ونفسية أكثر مما هي إقتصادية أو سياسية. سنحاول إيجاز ولملمة أهم تلك العوامل عسى أن يتنازل البعض ويتقبل الواقع الذي كان من صنيعته، ويراجع أساليب التنافس الإنتخابي الذي إعتمده دون نهج علمي وواقعي يأخذ في الإعتبار دراسة طبيعة المجتمع العراقي . أكثر من ورقة رابحة مسكها المالكي بيده وهو مطمئن لفوزه ، حصل على كلّ منها نتيجة صراع خلقته أحيانا ظروف ملتبسة، وفي أحيان أكثر صنعه غباء منافسيه ومعارضيه، وأهم تلك الصراعات : 1. صراع عربي كردي (بغض النظر عمن يمتلك الحق فيه)، كان فيه المالكي يمثل العرب منفردا، فكان لابد أن يتعاطف المزاج الشعبي مع المالكي، وكلما صعّد الكرد من (غلوائهم) كلما وجدنا (العاطفة) الشعبية العربية مرغمة على الوقوف بصف المالكي داعمة ومؤيدة، بل تعدى ذلك الى تعاطف بعض من خصوم الأمس من العرب السنة مع المالكي، ويتحمل الكرد هنا مسؤولية هذا الورقة الرابحة التي كسبها رئيس الوزراء. 2. عزّز وأجّج وصعّد (القادة) السُنة الصراع الشيعي السني الى أعلى مستوياته عندما تناغموا وتوائموا مع (طاقم) المسلحين، وصل حد وقوفهم في ساحات الإعتصام على منصة واحدة مع مجرمي القاعدة وداعش، وهم يلقون (أي القادة السنة) خطبهم وتهديداتهم ملوحين بالبنادق!! …. وفي هذا الصراع أيضا وجد العرب الشيعة أن المالكي هو رأس الحربة وهو وحده من ناب عنهم مدافعا وحاميا، وهذا سبب مهم وكاف لأن تذهب (العاطفة) الشعبية بإتجاه دعم المالكي ومناصرته، ويتحمّل هؤلاء (القادة) مسؤولية هذه الورقة الرابحة الأخرى التي مسكها المالكي. 3. في الصراع العراقي العربي (إن صحت تسميته)، كانت بعض الدول العربية وفي مقدمتها السعودية وقطر – واللتان تتحملان مسؤولية خلق مثل هذا الصراع – توغل في إيذاء العراقيين وإهانة مشاعرهم، تارة بالأسلحة والمال الذي تغدقه على مجرمي القاعدة ومن لفّ لفّها، وتارة بالإعلام الذي جرّح مشاعرهم وسفّه بهم ….. وفي هذا الصراع كذلك، وجد العراقيون مرة اخرى أن المالكي هو رأس الحربة فيه وهو من يواجه هذا الغل وهذا العدوان العربي!، وهذا سبب مهم آخر دفع بالوجدان والعاطفة الشعبية للوقوف مع المالكي، لذلك تتحمل تلك الدول العربية التافهة مسؤولية صناعة هذه الورقة الرابحة. 4. أما السبب المهم الآخر الذي جذب العاطفة الشعبية (قبل غيرها) نحو المالكي، فهو هذا الإصطفاف العجيب والغريب الذي جمع شتات (قادة) سياسيين – هم خصوم بعض – دفعتهم طموحاتهم الزعامية (فقط) لا مصلحة الأمة لكي يصطفوا ويناوئوا ويسبوا الرجل، بدل أن يقدموا حلولا لمشاكل الأمة، وهذا ما أضعفهم وأظهرهم بمظهر المتكالبين على مغنمة السلطة. 5. أما الإعلام المعارض فهو (أتفه التافهين) في هذه المعركة التنافسية التي أريد لها إبعاد المالكي عن كرسي السلطة العراقية، وكأحد الأمثلة على ذلك، هذا القميء الدعيّ المهرج المأفون المأبون المدعو (انور) الذي خصص وأوقف برنامجا يوميا كاملا – فقد – لسبّ المالكي، وبما أن الوجدان الشعبي – وبسبب المظلومية الأزلية له – مرّكب وقائم على مناصرة المظلوم، فقد وَجَدَ أن المالكي محاصر من قبل إعلام تافه ورخيص يفتقد للمعايير الأخلاقية، بل ويفتقد لفن إضعاف الخصوم، وهذا ما دفع بالوجدان الشعبي ليستنهض مخزونه العاطفي لمناصرة المالكي. المعارضة فن له قواعده وله فروسيته، وله حدوده الإنسانية والأخلاقية، ومتى ما تحوّلت هذه المعارضة الى إيغال في الإيذاء ورقص فوق جسد الجريح، وقوة مفرطة إنقلب سحرها على الساحر وأتت بما لا تشتهي. وللأسف الشديد، أن الذين فهموا ذلك هم قلة قليلة، ومنذ أكثر من سنتين حاولت إيصال بعض هذه الأفكار الى بعض السياسيين عبر رسائل ومخاطبات – أحتفظ بوثائق بعضها – ولكن من حسن حظ المالكي لم يستجب لنا أحد!!.
 [email protected]
 https://www.facebook.com/farooq.albasri