الحلقة السابعة والعشرين
هل فعلا ان اصحاب الديانات الثلاث يقرأون كتبهم المنزلة… ويقدمونها للناس بأمانة وصدقية الدين ؟ام يعتمدون على ما تتناقله الآلسن وتسمعه الآذان..من مرجعياتهم الكبار التي سخرت كل امكانياتها الفلسفية والأجتماعية والوعظية الغامضة بتفسيرات ترادفية اضاعت المعنى والحقيقة على الناس بقصد ان يوهموا الناس بقداستهم التي يرفضها الدين(البقرة الآية174..،واذا سألتهم قالوا لك ..هذا هو ديننا ؟وكأن الدين او المذهب جاء للفُرقة لا للوحدة بين المؤمنين والمسلمين ؟. لا تسمعوهم لا زالوا هم في غياهب الجن يسكنون ويعملون لجعلكم عميان في حارة المتحاورين…؟ فالدين لله والوطن للجميع…؟ وليس لأحد على أحد فرض الدين او المذهب الا بنص مكين.. وهم لا يملكونه ابداً …؟
يقول القرآن الكريم :
المؤمنون هم اصحاب محمد(ص) وكتابهم القرآن ، أما المسلمون فهم اصحاب الديانات الاخرى من نوح الى محمد،وكتابهم التوراة والأنجيل والزبور ورسالات اخرى ضاعت عبر الزمان ،يقول الحق : (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحزاب آية 35).
نفهم من هذه الآيات الكريمة أمرين : الاول ان المسلمين شيء والمؤمنين شيء أخر، والثاني ان الاسلام يتقدم دائماً على الأيمان ويسبقه. اذن اين الأختلاف.( شحرور لازال حيا يرزق) ؟
وفي آيات آل عمران،67،والبقرة 132 ، والجن 14 والاعراف126 ،ويونس 72-73 ،الذاريات 35-36.: ان الجن وابراهيم ويعقوب والأسباط ويوسف وسحرة فرعون،والحواريين ،ونوحا ولوط كانوا من المسلمين، أنظر الآيات بنفسك …
ولا تعتمدعلى ما يقوله لك رجل الدين …؟
الكتاب المقدس المباع اليوم في الاسواق هو: العهد القديم ويشمل (التوراة والزبور،أماالعهد الجديد فهو ( الأناجيل الاربعة ) التي تُخبر اصحابها ان خطة الله في الارض قد تحققت،انظر كتاب اللاهوت المقدس عندهم في نظرية وضع الأناجيل.
أما التوراة فهي كتاب العهد القديم ويتألف من 39 كتاباً اوحى بها الله الى أنبيائه عبر حقبة طويلة من العصور بكتاب متماسك وبرسالة واحدة اوحى بها الله للبشرية الُمعرفة التي تتناسب مع مراحل الوعي الأنساني قبل أكثر من ثلاثة الاف سنة لوضعها في خط الاستقامة وابعادها عن الظلم والأعوجاج في مسيرة الحياة .
كما اعطى الله النبي موسى بالأضافة الى التوراة الكتاب والفرقان ،( واذ اتينا موسى (ع) الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون البقرة 53 : وأعطى عيسى (ع) الأنجيل ورسالته الكتاب والحكمة (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل، (آل عمران48). ،وهي تعديل لكتاب موسى الذي سبقه في التنزيل.
وأعطى لمحمد(ص)القرآن والسبع المثاني وتفصيل الكتاب (الاحكام والنواهي). كل الآيات الربانية جاءت متسلسلة لتكمل الواحدة الأخرى وحسب ظروف المرحلة التاريخية في التطور الأنساني.لكن الرسالة واحدة…؟ لهذا تعددت رسالات السماء.
فالتوراة والكتاب والفرقان كانت بحاجة الى بينات مادية لأثباتها، سماها الله أولا : آيات ، وثانياً بينات وعددها تسع،وكانت دليل موسى لتصديقة بأنه مرسل من الله.فهذه الآيات هي : العصا واليد البيضاء والجراد والقمل والطوفان والضفادع والدم وشق البحر والرجز،الأعراف ،الآيات (139 -136).،كلها بينات مادية شوهدت بالعين المجردة والحواس،لذا قال عنها بصائر.
اماعيسى بن مريم ،فقد جاءته الآيات خارج الأنجيل لقول الحق ( آتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس،البقرة 87) .اي كلها بصائر كما في قول عيسى عن قول الحق 🙁 أني أخلقُ لكم من الطير كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بأذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بأذن الله وأنبئكم بما تأكلون…،آل عمران 49).
القرآن يحتوي بين دفتيه على أكثر من 6200 أية في 114 سورة مُحكمة يونس 15. وكل الآيات بينات وهي الحق كما في قوله 🙁 واذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين ،الجن 7).
المشكلة انهم قالوا عن بعض الآيات انها سحر دون أدارك لمعانيها ، من هنا يبدو لنا انهم (أي الناكرون لها) فهموا الأعجاز جمالاً لا حقيقة بينة، مع انها ليس لها علاقة بالجمال لا من قريب ولا من بعيد.
وهنا يبدو انهم لم يفرقوا بين القوانين الآلهية التي تمت بها العمليات وبين السحر، فالقوانين علم ألهي مقدر بقدر لا يدرك ، والقدر هو الوجود الحتمي للأشياء خارج الوعي الانساني، بينما السحر هو مشاهدة الظاهرة بالحواس دون فهم القوانين التي تحكم هذه الظاهرة كما في عصا موسى التي تحولت الى افعى ثم اعيدت سيرتها الاولى.يقول الحق : “وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى قال ألقها ياموسى فألقاها فأذا هي حيةُ تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الآولى،سورة طه 18-21 “
ان القرآن بحاجة الى بحث ودراسة علمية بحتة ومعمقة من قبل العلماء لا الفقهاء،(الآية 7 من سورة آل عمران).لأثبات قوانين الحقيقة الموضوعية المادية والتاريخية فيه ، بالأضافة الى وحدانية الله .لذا فالتأويل هو الاساس وليس التفسير الفقهي الترادفي الخاطىء؟ .لذا فالرسول(ص) امتنع عن التآويل منتظرا الأجيال القادمة لمعرفة الحقيقة بنفسها .
لقد نشأ الأسلام بعد الرسول(ص) على قاعدة خاطئة عند المسلمين حين حولوه الى فرق ومذاهب لخدمة السلطان، وتحول الخطأ بمرور الزمن الى عقيدة فضاعت الحقيقة والعقيدة علينا معا.. لدرجة انه اصبح يتعايش في لغة الناس وليس في واقعهم،وهذا هو ما خطط له الفقهاء لتصبح السيادة لهم ومن خلفهم السلطان .وما هذا التخلف والتزمت والأنحباس الفكري اليوم بين المسلمين ، الا نتيجة لهذا التوجه الخاطىء في التفسير..؟
فليس من حق المفسرين و رجال الدين الذين لا يعترف القرآن بهم ولا يمنحهم حق الفتوى على الناس ،ولا يميزهم بلباس معين ان ينفردوا فينا في التنويع والتقييس بالمطلق. وبذلك أضاعوا على الامة فرصة التقدم والتطور كما ملكها العالم اليوم.
لا حل امامنا في العراق اليوم بعد ان ضاع الوطن بيد مؤسسة الدين وسراق المال العام ،الا بألغاء المادة الاولى من الدستورالعراقي الذي صاغته أيدي بعض رجال الدين الفاقدين للآهلية الفقهية الدستورية ، وغيرهم من المتزمتين والتي تنص على:” ان الاسلام دين الدولة الرسمي،وهو مصدر اساسي للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.
هذه الثوابت التي هم فصَلوها على مزاجهم ضد حقوق الانسان وفرقوا بين الرجل والمرأة ، والأرث والوصية ،والزواج والطلاق ودسوا علينا آيات جاءت ناقصة التوضيح كما في حقوق المرأة وما ملكت أيمانهم.. وما ملكت أيمانهن ،لأنها جاءت بدون عقد احصان وهذه الآية تتناقض مع الآية ( 4 ) من سورة النور ؟ فلا يمكن لرسالة آلهية منزلة تنص على واقع غير صحيح بالمرة، أضافة الى كل حق يتمتع به الانسان حراً.
هنا يجب استبدال هذه المادة الدستورية ، بنصٍ مدني لا يلزم المواطن بالنص الديني في تشريع القوانين وتطبيقها…؟ فالحرية هي الاساس والزمن يلعب دور في عملية التغيير ،والقرآن يقول : لكم دينكم ولي دين …؟.
الكتب المقدسة هي ثلاثة :التوراة ، هي كتاب اليهودية المقدس،وهي تختلف عن كتاب العهد الجديد المسيحي المضاف اليه عدة اسفار لا تعترف بها اليهودية، رغم عدم اختلاف النص في العقيدة،لكن اليهودية لا تعترف بها..
المسيحية أعتمدت التوراةالعبرية كعقيدة ،لكنها زادت ببعض الأضافات كما في الأناجيل الأربعة سالفة الذكر،لانها موضوعة ويبدو ان العاطفة للمؤلف لعبت دورا في الأضافة.لذا فأن المسيحية لاتقبل غير أناجيلها وترفض الأخر ايضا ، مثل اليهودية ،مع العلم ان كل الأناجيل موضوعة وغير منزلة..
اما القرآن الذي جاء بعد المسيحية بستة قرون (600 سنة تقريبا)،فأنه جاء بمعطيات عديدة وردت في التوراة العبرية والأناجيل الاربعة ،مع ان القرآن لم ينكر التوراة والانجيل ،بعكس نكرانهم له، لا بل يوصي بالأيمان بهما ،يقول الحق : (يا ايها الذين آمنوا ..آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نُزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالاً بعيدا،النساء، آية 361). ورسالته هي الخاتمة وتختلف عن كل الرسالات التي من قبلها لكونها حدودية وسميت بأم الكتاب لورود كل الاحكام والنواهي فيها.
فالأنبياء أسحاق ويعقوب وهارون وأدريس وزكريا ويحي وداود وسليمان،كلهم جاؤا في الفترة بين موسى وعيسى فهُم انبياء لا رسل اي جاؤا بكتب لا برسالات محددة ،جاءت على سبيل التجريد (التوعية والأيقاظ في المراحل الانسانية الأولى ).
وهكذا فالقرآن يعترف ويؤكد على المكانة البارزة للأنبياء وكتبهم من السابقين على الاسلام ،ويخص بالذكر مريم بسورة جاءت بأسمها (سورة مريم .
لذا فأن الجهل بالديانات جميعا ومقاصدها قد فرضت فرضا علينا من مؤسسات الدين التي استخدمته لمصلحتها الخاصة لا العامة ، يقول الحق في حقوق اصحاب الديانات الاخرى : ( ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون،المائدة 69). فمن أين جاءت الكراهية والاختلاف والاتهام بالكفر والابتعاد عن قول الحق ؟ الم يكن ذلك تجهيلا في كل ما يمس الاسلام ،وهذا ما تدعي به السلفية كالقاعدة وطالبان وداعش والوهابية
، واصحاب اسلام التزمت المذهبي المرفوض الذين اقفلوا عقول الناس عن الحقيقة الدينية بالشمع الأحمر ..؟.
اما تفسير الآية 51 من سورة المائدة التي يقول فيها الحق 🙁 يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولاهم منكم فهومنهم….) المقصود بها رؤوساؤهم الذين وقفوا من الاسلام موقف العدِاء والمقاومة ، وليس العامة منهم. لكن المفسرين فات عليهم ان القرآن خالٍ من الترادف اللغوي ،فجوزوا الكل بالبعض.
فالمسألة ليست في اتباع الجوانب الفلسفية والاجتماعية والسياسية في الديانات دون المعنى الاساس للتأويل القرآني المُعترف بكل الديانات دون تمييز. وهنا تتحمل المرجعيات الدينية للديانات الثلاث مسؤلية الفُرقة والخطأ..في التطبيق .
نحن بحاجة الى حوارات الأديان ،بين اليهودية والمسيحية والاسلام مبنية على الحقيقة العلمية ..لا الغيبية – لهذا فشلت الحوارات السابقة- ،لكن الجميع يرفضون هذه الحوارات الحقيقية خوفا من كشف الحقيقة وتعريتهم عما يعتقدون… أنظر حوارات الأزهر والفاتيكان…الأخيرة .
نعم نحن بحاجة ماسة اليوم لمعاجة ومراجعة الكتب المقدسة الثلاثة من خلال علم الدراسات النقدية ،لأبعاد فلسفة المرجعيات الدينية في هذه الاديان التي بنيت كلها تخميناً على الفكر الطوباوي ،لا الحقيقي خدمة لاستمرار هيمنتها على اصحاب تلك الديانات خدمة للسلطان وأدخلوها المنهج الدراسي الذي بلشف عقول الطلبة بهذه الآوهام المريضة.
أتركوا صحيحي مسلم والبخاري وبحار الانوار للمجلسي فكلها بنيت على الحدس والتخمين،بنص القول لرسول الله حين قالها علنا في فتح مكة: ايها
الناس لا تنقلوا عني غير القرآن مخافة ان يختلط قولي بقول القرآن العظيم،انظر الواقدي في المغازي ،الطبعة الحجرية القديمة.
استطاع الأوربيون ان يخرجوا من عنق الزجاجة وسيطرة الكنيسة عليهم بعد ان حددوا مبادىء السياسة عن مبادىء الدين ،فبنوا حضارتهم اليوم التي اصبحنا نحن المسلمين نتمنى العيش في ديارهم بأمان الحرية والدين .
ثقوا ان لافرق بين الديانات فهم كلهم مسلمون ، وسيبقى الله رب العالمين … والدين لكل المسلمين والمؤمنين … دون تفريق…؟ .
بقي ان نعلم…ان اساس المسئولية الأخلاقية في حكم الدولة ان يكون حقاً، موافقا للعقل ،وموافقا للصواب ، ومناسبا ولائقا بحق الوطن والناس، وان يكون نافعا للجميع…مع هذا كله يبقى ناقصا ان لم تكن المسئولية الاخلاقية هي أرادة الله المعلنة في كتابه العزيز،والتي توافق طبيعته الكاملة، فلا يوجد اساس للواجبات الأخلاقية أعظم من الله ذاته ،الذي يطلب منا ما يوافق أرادته…فهل نحن مطيعون..؟
المصادر المعتمدة
————————
القرآن الكريم
صحيحي مسلم والبخاري
المجلسي بحار الانوار
د.محمد شحرور الكتاب والقرآن معتمد في الأقتباس
د.موريس بوكاي التوراة والانجيل والعلم
د.حسين مؤنس كتاب الحضارة
[email protected]