26 نوفمبر، 2024 6:43 م
Search
Close this search box.

حقيقة الاسلام الغائبة…الحلقة الثامنة والعشرين

حقيقة الاسلام الغائبة…الحلقة الثامنة والعشرين

لماذا تعددت رسالات السماء….اذا كان الدين من مصدرٍواحد… ؟
ابتداءً علينا ان نُقرَ بأن هذا الموضوع من الموضوعات الشائكة والمعقدة ، و الدخول في محاورته يحتاج الى أثبات بنص غير محرف ولا قابل للتفسير اوالتأويل المختلف،حتى لا نقع في اشكالية الموروث واصحاب النص الذين لا يؤمنون الا بما هم فيه يوقنون.لذا علينا توخي الدقة والحذر من كل كلمة او رأي نأتي به لربما يصبح مغايرا لرأي الاخرين. وحتى لا يظلم الاسلام الذي ظلمه الفقهاء وحركة التفسير.
وانطلاقاُ من ان لاشيء مقدس الا الله والقرآن ، ولا معصوم في الدنيا ابدا حتى الأنبياء ،لان العصمة في الرسالة ،المائدة 67. نقول :علينا ان نبحث وبجدية لماذا تبدلت رسالات السماء عبر الزمن مادامت هي من مصدر واحد هو الله جلت قدرته؟ ولماذا لم تأتِ برسالة واحدة دون الدخول بأشكاليات التعدد واختلاف الآديان التي ولدت لنا كل اشكاليات الفُرقة التي نعاني منها اليوم ؟
،وسنحاول ابداء وجهة نظرنا الخاصة، نرجو من القراء والمعلقين ان يقرأوا المقال بجدية ويجيبوا او يعلقوا بموضوعية – ان رغبوا – حتى لا نخسر الجهد المبذول ولا القراء معا.وحتى لا نهاجم بالعاطفة لا بالعقل كما هوجمنا عند كتابة مقالنا السابق (الناسخ والمنسوخ والايات الشيطانية لسلمان رشدي (الذي بتطرف مؤسسة الدين الأيرانية التي تفهم الحرية الفكرية بمنظور ديني ضيق خَلقت منه محررا أنسانياً ، لازنديقاً حين أساءت استخدام الرد .
يقول القرآن الكريم ) ان الله أصطفى آدم ونوحاً وأبراهيم وآل عمران على العالمين،آل عمران 33(.واذا ما تتبعنا الجذور التاريخية للانبياء الذين اصطفاهم الله تجدهم من هذه السلسلة حتى مجيء الرسول محمد(ص) ووفاته في 11 للهجرة ،وبوفاته أنتهت رسالات السماء. وبأنتهاء رسالته قد بلغت الانسانية سن الرشد وبها صار العقل حراً مختاراً بتوجه هدى القرآن .
بنهاية الرسالة المحمدية كان عدد الذين ذكرهم القرآن من الانبياء24 نبياً وغالبتهم وردت أسمائهم في خمس سورهي الانعام ، الانبياء ، الشعراء ، ومريم ،والصافات منهم ثلاثة عشر رسولا والباقي انبياء. والفرق بين الانبياء والرسل، ان الانبياء جاؤا ومعهم كتاب والرسل حملوا بكتاب ورسالة (محمد شحرور –الكتاب والقرآن). وبرسالة محمد وصلت المجتمعات العربية الاسلامية الى قمة الكمال بالقياس الى التطبيق الرسولي الذي قد بلغها بقوله تعالى )اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا،المائدة آية 3) (.وبهذا يكون الرسول والدين قمة الكمال الذي لا يأتي بعدهما الا النقص.
فهل حافظنا على كمال الرسالة كما طلب القرآن منا ذلك ؟ سوال موجه لفقهاء الدين ؟. “طبعا لا
لأن المصداقية الآلهية هي التطبيق وليس في التصور كما يفهمون ؟
من هنا نفهم ان النبوة ابتدأت بنوح وانتهت بمحمد بدلالة الاية 163 من سورة النساء والتي تقول:( انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده) اي ان آدم ومن جاء قبل نوح ليسوا من
2
الانبياء بل من الذين اصطفاهم الله وعلمهم التجريد ،والتجريد هو النقلة الحياتية من الطبيعة الى المعرفة ، ومن هنا بدأت التوجه الالهي نحو اسعاد البشرية.فآدم ليس بالضرورة هو ابو البشرية ولا نبيا او رسولاً ولا حتى بشراً بل هو لربما أسم جنس،وزوجه ليس زوجه كما نفهم لربما زوجة صوتية ،والا لماذا لم يُذكر اسمها ،وحواء اسم تصور لا وجود له في القرآن، أنما هو رمز من المختارين للهداية
،لذا فهو ابو الانسنة التي جاءت من بعده حين اضاف عليها بعدا انسانيا اخلاقيا وليس ابوياً.وبعد ان أنفصلت الانسانية عن الهمجية البيولوجية .
والسؤال المطروح هو: هل كانت الديانات في عهد نوح غير قادرة على استيعاب قوانين الجدل والتطورلتستمر الآديان ؟ نقول نعم لاننا لم نجد شيئاً يذكر من هذا في نبوة نوح بينما نراها قد ذكرت في عهد محمد (ص) لتطور العقل الانساني عبر الزمن وتفهمه لقوانين الطبيعة والجدل والتطور.وهل كان الانبياء والرسل بعد نوح غير مؤهلين لمثل هذه المهمة الصعبة بعد؟ ام ان الرسالات قبل الاسلام جاءت بمحدودية المعرفة على قدر ماكانت عند الناس يوذاك من علم ومعرفة وأدراك؟ والمعرفة حق عام لا يحتكر من احد .ام كان هناك نقصا في التشريعات القانونية التي يجب ان تنزل في كمال الانسان وتقدمه البشري؟ نستطيع ان نقول :حصراً …نعم ، لأن العقل لم يصل بعدالى مرحلة ربط الظاهرة الحياتية وتفسيرها لقرب عهده من الحياة البيولوجية المعتمة ،لذا ظلت شعائر دون تطبيق .
ولان الشعوب التي عاصرت الانبياء القدامى ،كان بعضهم لديه القانون ،لكن القانون كان يخدم الاله المقدس عندهم او الامبراطور دون عامة الناس ،فهم عاشوا من الناحية الواقعية في دول بلا
قانون رغم وجود القانون .لذا تجيب الاية الكريمة على لسان من يُستخدم قهرا ولا يعطى له اجرأ يقول الحق : (وما أسئلكم ان أجري الا على رب العالمين،الشعراء 109).أسئلة بحاجة الى حوارهادىء من قبل العلماء لا الفقهاء ؟ اذن نحن بحاجة الى نقاش المقدس،ونقاش المقدس لا يزيدنا الا ايمانا واقتناعاً بالآله وعقيدته المرسلة الينا ؟ فأذا حرم علينا الحوار في المقدس، والتحريم شمولي وأبدي لا يحق لأحد ان يفتي به حديثا لأن الحق لا يدحظ .كيف سنصل الى الحقيقة المادية االتي جاءت بها آيات البصائر؟ والفقهاء يحرمون نقاس المقدس مستندين الى الآية 187 من سورة البقرة .
نحن نعلم ، منذ نزول الديانة اليهودية والديانة المسيحية كانت هناك حضارات قائمة ،لها قوانينها وتشريعاتها المعروفة.كحضارة المصرين القدماء والعراقيين القدماء وحضارات الفرس واليونان والرومان والهنود والصين وغيرهم.حضارات انتجت وابدعت لنا علوما وفنونا وصناعات وصلتنا عن طريق الاثار المعتمدة الان وهي متقدمة جدا بالمقياس الحضاري الحالي ،وجملة شرائع وقوانين ابتداءً بأصلاحات أوركاجينا وقانون آور نمو وقوانين حمورابي والقوانين الاشورية و مرورا بالتشريعات الفرعونية واليونانية والرومانية والتي لازالت معتمدة للتدريس في الجامعات العالمية الى الان، وانتهاءه بالمثيولوجيا الفارسية الضخمة المعروفة.
بينما لم نجد انتاجا ماديا في دولة الاسلام منذ ظهوره والى اليوم،لا بالعكس انتج الاسلام لنا من هم اعداء البشرية كما في داعش والقاعدة وطالبان والوهابية الذين ولدوا من نتائج حركة الفتوحات الاسلامية القهرية المنافية للنص القرآني (لكم دينكم ولي دين ) التي تنكرت لكل من يخالفها في الدين
3
.فكيف ندعي الكمال في ديننا ونحن ضد انسانية الانسان في كل تصرفاتنا وقوانيننا..؟ علينا ان نعترف نحن لسنا افضل من الأخرين .فالأسلام ماجاء نافيا للديانات السابقة بل مؤكدا عليها.
وكل هذا حدث لنا عندما سلمنا أمرنا للفقهاء الذين يجهلون المعرفة الحقيقية لماهية النص.
فلا زال العلم الحديث لم يتوصل الى كيفية بناء الاهرامات واكتشاف اسرار التحنيط للموتى عند المصريين القدماء واسرار بناء حدائق بابل المعلقةعند العراقيين،وكل ما كتب عنها لا يدخل الا في حساب الحدس والتخمين وليس في حساب الثبت العلمي الصحيح . ناهيك ان بعضاً من
نصوص القرآن نراها قد تشابهت مع نصوص حضارات الاقدمين كما جاءفي مضمون الاية”العين بالعين ….والسن بالسن …..والجروح قصاص،المائدة 45″ حيث ورد النص في قانون حمورابي وبعض الشرائع العراقية التي سبقته.
أبتداءً نحن لا نشك بأن الاسلام كان دينا سماويا أنزل على الرسول(ص) بآكثر من 6200 آية قرآنية كلها من البينات ، سورة يونس آية 15) .وعلى موسى(ع) بتسع آيات بينات(ولقد اتينا موسى تسع آيات بينات الاسراء 101). وعلى عيسى(ع) بثلاث ايات بينات”وآتينا عيسى بن مريم البينات” وهي ثلاثة ( أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراًبأذن الله وأبرىء الاكمهِ والابرص واحي الموتى…. آل عمران49).ان كل هذه الايات البينات هي الحقيقة المدركة من الله جلت قدرته للانسان.لا كما قال عنها المخالفون انها سحرمبين كما قال فرعون لموسى في محاورته معه (اني لأظنك يا موسى مسحورا ،الاسراء 101).يبدو انهم قد فهموا الاعجاز جمالا لفظياً،لا أعجازا ربانياً غير مدرك لقصر نظرهم في التآويل القرآني.
ان الاشكالية الواجب معرفتها اليوم ،هي ان القدماء كانوا قد شاهدواالظاهرة الكونية بأم اعينهم، لكنهم لم يفهموا القوانين الالهية الخفية ،فحين رمى موسى العصا وانقلبت الى ثعبان شاهد السحرة وفرعون العملية، لكنهم لم يستوعبوا القوانين التي تمت بها العملية حين انقلبت العصا الى ثعبان، فقالوا عنها سحراً ، والسحرُهو مشاهدة الظواهر بالحواس”فهل للاية ظاهر وباطن” في التأويل والتفسير.فعندما نعود لهذه المشكلة نتلمس حديثا نبويا ينقله لنا الفقهاء في الجامع الصغير ج1 ص107 يقول فيه الرسول(ص): (أنزل القرآن على سبعة احرف لكل حرف منها ظهر وبطن) .ونحن نعلم ان كل ايات الاحكام ليس لها من باطن ابداً وهي قابلة للفهم العام بأستثناء آيات الغيب التي يصعب الحوار فيها لانها خارج الادراك الانساني) وتلك حدود الله فلا تقربوها،البقرة 187(.
هنا علينا ان نفرق بين نبوة موسى وعيسى(ع) من جهة ونبوة محمد(ص) من جهة اخرى، فالاولى جاءت بآيات بينات مفصولة عن الكتاب المنزل عليهما في كتابي التوراة والانجيل ، بينما نبوة محمد كلها ايات بينات بكتاب واحد غير مفصولٍ عن الايات البينات يقول الحق:( ان الله وملائكته يصلون على النبي ،يا ايها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما،الاحزاب آية 56 ) .والمقصود هنا بكلمة يصلون هي الصلة بين الله والمؤمنين وليست الصلاة الاعتيادية المعروفة كما يعتقد البعض ،لان الله لا يصلي على احد بل ان الاخرين هم الذين يصلون عليه، هنا اختلط الامر على الفقهاء قي التفسير،لان القرآن يؤول ولا يفسر،( ولما لم يأتهم تأويله،يونس 39). ،ولم يقل الله جلت قدرته تفسيره وبين اللفظتين فرق كبير،فالتفسير يعني تفسير النص لغويا ،بينما التآويل هو تأويل النص علميا.
4
وهناك فرقا بين الفقهاء والعلماء ،فالفقهاء هم الذين يفقهون الناس في علم الشريعة (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ،التوبة 122) .اي ليكونوا فقهاء فيه .وليس في العلوم البحتة التي أحتوى جزء منها القرآن كما في نظريات جدل الكون والانسان، يقول الحق: ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثلٍ وكان الانسان اكثر شيء جدلا
،الكهف54) ،والجدلية هي اساس نظريات العلم الحديث.وآيات اخرى كثيرة تتطرق الى الجبال والامطار والحركات الكونية وتكوين الاجنة ،كلها بحاجة الى تأويل علمي بحت بعيدا عن عاطفة الفقهاء ورأي الاخرين.
فالعلماء هم المتخصصون في العلوم البحتة (انما يخشى الله من عباده العلماء،فاطر 28 ). فأذا علمنا .ان القرأن هو كتاب الوجود المادي والتاريخي ,والمقيد بقواعد البحث العلمي والتفكير
الموضوعي،رغم كونه ليس كتابا في النظريات العلمية ، فهل تنطبق عليه عبارة “هكذا اجمع الفقهاءاوما قاله السلف”ليعتمد تفسيرهم في النص القرآني بشكل شمولي.هذا غير جائز ابدا لكون القرآن حقيقة موضوعية خارج الادراك الانساني. من هنا فقد ترك التأويل مفتوحاً للعلماء مجتمعين لا منفردين وليس للفقهاء الذين ليس من حقهم التحدث بنص الاية الكريمة،(وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم،آل عمران آية 7). والاية جاءت بصيغة الجمع للعلماء وليست بصيغة المفرد،اذ ليس بأستطاعة العلماء تأويل القرآن الا مجتمعين لاحتواء الاية الواحدة على تخصصات علمية
متعددة،وهذا ما يتعذر على الفقهاء فهمه ففسرخطئًفي بعض آياته الكريمة والخطأ بمرور الزمن أصبح حقيقة فولد لنا كل هذه الأشكاليات من فُرقة المسلمين.،لذا فهم اساؤا الى النص اكثر من ان يحسنوا اليه .
وهذه اشكالية كبيرة لابد لنا من الالتفات اليها لحلها لنتخلص من التفسير القرآني الاحادي وفق نظرية الترادف اللغوي الخاطئة الذي بنيت على الحدس والتخمين وبه أضاعوا المعنى العلمي واللغوي للنص القرآني وجعلونا في تيه لا نعرف له من نهاية. لكن السلطةالسياسية وجدت في الفقه والفقهاء ضالتها في السيطرة على المجتمعات سياسيا ليس الا ؟
اذا تتبعنا الايات القرآنية وتعمقنا في دراستها نجد ان القرآن الكريم هو كتاب هداية وعقيدة أساساً ،وليس كتابا في العلوم النظرية او التطبيقية، ولا يَقصد ان يضع نظريات او حقائق علمية مجردة ،وأنما يسوقها في معرض الهداية والارشاد.لذا لايصح ان يحشرالقرآن الكريم حشرا في تفسير الاتجاهات العلمية المختلفة ،لان العلم في تطور مستمر قد يضع القرأن في موقف الحرج مع الزمن لأن الزمن يلعب دورا في عملية التغيير ،رغم ثبات النص وحركة المحتوى.
هنا نحن بحاجة الى دراسة مقارنة كما فعل الباحثون في الديانات الاخرى دون حرج من آثم ،وكذلك عند دراسة الظواهر في أنقى أشكالها. نعم نحن بحاجة الى مثل هذه الدراسات حتى لا نسمح لسلمان رشدي وغيره من الطعن بالنص القرآني الذي اعتبره ناقص او محدود الاهمية ولانسمح للخنجر الباكستاني وداعش الاجرام الملوح لنا بقطع الرقاب على كل من يفكر برأي جديد ان يهددنا باستمرارتحريضا من المنتفعين بالتخلف وسلطة الدولة الغاشمة .وهذا هو هدف اعداء الصراط المستقيم.
ان القرآن الكريم يفتح لنا مجال الحرية التامة في الفكر والاعتقاد لا كما حدد حريتنا رجال الدين الذين لايعترف القرآن بهم ولا يخولهم حق الفتوى على الناس ولا يميزهم بلباس معين ،يقول الحق 🙁
5
قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين ناراً……،الكهف 29) ولم يقل للكافرين ناراً ،لان الظلم قد يرتكب من الأثنين .كما اننا نرفض القول بأنه توجد آيات في الكتاب غير قابلة للفهم كما يدعي البعض ،والا لو كانت كذلك فلا داعي لورودها في القرآن ،او لاصبح القرآن حشوا لا لزوم لبعض اياته ،وحاشى ان يكون القرآن كذلك. لكنهم هم الذين حشروا فيه بعض الآيات لمصلحة اصحاب نظريات الجنس والزواج المتعدد اللا معقول ونظرية وما ملكت أيمانهم..اذ
ليس معقولا ان يحرم الله الزنى في الآية 4 من سورة النور ويبيحها في أيات اخرى دون عقد أحصان.
اننا نصر على ان بعض الآيات التي وردت في القرآن بخصوص حقوق المرأة وما ملكت ايمانكم والأرث والوصية جاء تفسيرها خطئا مقصوداكان التحريف او النقص فيها واضحا ،بعد ان اتلف
النص الاصلي حين جمع القرآن وتوزيعه في الامصار الاسلامية في عهد الخلافة الراشدة ،لذا أصبح الحوار فيه صعباً.
من هذ المنطلق نجد ان الدين الاسلامي كان ديناً شموليا لكل الناس وحلا للمشاكل الحياتية لكل المجتمعات الانسانية ،بينما عجزت الديانات السابقة عن تحديد هذا المسار الشمولي و الوعي
الفكري والعلمي الذي رافق الحضارات القديمة والتي عجزت هي الاخرى عن تطبيق نظرية انسانية الانسان التي جاءت بالقرآن ملزمة التنقيذ وعندهم مشرعة بلا رقابة او تنفيذ .يقول الحق:(ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين،آل عمران 58)،اي ان على المسلمين واجب التنفيذ لحقوق الناس،حكاما ومحكومين والخروج عليها يستوجب المحاسبة والمسائلة دون تمييز كما يفعل حكام الاسلام اليوم ،حين أصبح الاسلام متهما في كل نقص مبين . فأين هذا الذي يطرحه القرآن في تطبيقات المسلمين اليوم ؟ ولا شيء..اذن لا اسلام بيننا اليوم ..؟
فهل يجوز ان يجبر الانسان على اعتناق الاسلام بلا حقوق كما في داعش الاجرام اليوم وظلمة السلطة ومحتكريها،فهل نتذكركيف اصبحنا اليوم نحن المسلمون اسما بلا مسمى . لذا فالنظرية الاسلامية ترفض التماهل بالتشريع مطلقاً كما في قول الامام علي(ع): كلكم أمام الله سواء). والالتزام بالمعاييرالحضارية في معاملة الناس وتقديس انسانية الانسان التي عجزت عنها الحضارات القديمة ،وهنا يكمن سر تعدد الديانات السماوية للبشر اجمعين .
نحن حاليا نعاني من مشاكل عديدة، هي اشكاليات بحاجة الى حل ،فهل نحن بقادرين على حلها او على الاقل الدخول في محاورتها دون اعتراض سلبي من احد.ان مسئولية الحكومة الوقوف بصف العقل والمنطق،و ان تخترق الحواجز لتضع القانون والانسان في المقدمة وان تفصل سلطات الدولة عن حقوق الناس ليتحرر الفكر وتسود الحرية،ومن لم يستطع عليه ان يتنحى عن المسئولية قبل ضياع الوطن والمجتمع كما في اسلام العرب والعراقيين اليوم. وكا يعلم الجميع ان العراقيين اليوم لا يعيشون تحت سلطة دولة كاملة الاركان بل سلطات مبعثرة يعبث بها المنتفعون..فهل هذا يجوز ؟ .
الاسلام ليس دينا للعبادة كما يتصور البعض،لأن الله غني عن العالمين ،بل دين عبادة طوعية لتحقيق نظرية الصراط المستقيم اي (العدالة والحرية في الأختيار ) وثورة فكرية للانسانية جمعاء ،نأمل ان يُقرأ ويُفهم ويُطبق الاسلام لنتخلص من كل ما لحق بنا من شوائب وأدران عوَقت مسيرتنا الحضارية كل هذا الزمن الطويل.
6
ان الحكومات العربية بأجمعها لا يمكن ان يقال عنها اسلامية الا بالاسم لاغير،لذا فمحاورتها جائزة عرفا وقانونا وتشريعاً حتى تتحول الى الرأي المعقول ،واخراج وطننا العراق من المآزق الكبير الذي فرضته علينا باطلاً مؤسسة الدين..
. ان معوقاتنا واضحة للعيان ،هي ; كما يطرحها المفكر العلامة محمد شحرور والتي بحاجة الى فتح باب الحوار الجدي معه لتغيير واقع الفكر الديني الجامد الذي تطرحه مؤسسة الدين والذي اوقعنا بكل هذه الاشكاليات المدمرة للحضارة والتقدم في الوطن العربي خلال 1400 سنة من التخريف
الديني اللامقبول.. فالدين هو المصداقية في التطبيق وليس التصور كما يفعلون ..حتى اوصلونا الى حالة التوقف الحضاري بين دول العالم واصبحنا نتمنى لو عشنا بلا دين كما في اليابان والصين..؟ وهي :
* الخروج من المنهج التفليدي الذي فرضته علينا مؤسسة الدين اللامعترف بها في الاسلام والتقيد بمنهج البحث العلمي الموضوعي الذي عدوه حراما.فلا حرام في المنهجية العلمية مطلقاً.بل الاسلام احكام ونواهي لا غير.
* عدم اصدار الاحكام المسبقة قبل البحث فيما نريد بحثه وخاصة في حقوق المرأة والأرث والوصية ،لذا فالبحوث كلها جاءت اما ناقصة او مشوشة. لذا لابد من التغييروفق المنطق العلمي الصحيح .
* عدم اهمال الفلسفة الانسانية لتحديد الحرية المطلقة ،حتى وصل الحد بهم الى تحريم علم الفلسفة التي هي اصل العلوم،وما علومنا التي نتغنى بها اليوم الا من نتاج افكار فلاسفتنا العظام امثال الكندي وابن سينا والاخرين.
* ايجاد وتحقيق نظرية في اسلامية المعرفة الانسانية مأخوذة حصرا من القرآن الكريم .وشطب الاتهام بالزندقة والهرطقة والكفر والالحاد لكل فكر نير يريد الاصلاح، فالكافر بالاسلام هو ليس من لم يعتنق الاسلام بل هو الظالم ولا غير.
* الازمة الفقهية ،نحن بحاجةالى عصرنة الراي الفقهي والدخول بمناقشة اراء وطروحات الفقهاء الخمسة المعتمدين في الاسلام بعد ان اصبحت تاريخ ، واعطاء البديل للذي يستحق من اجتهاداتهم من تفيير بعد ان ابتعدنا عن عصورهم كثيرا ًوان كانوا هم الاساس الذي يجب ان لا يهمل.
* الأسلام هو الآيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الأخر، وهو الآيمان بالحق المطلق ، والعدل المطلق بين الناس..لذا فهو يتوائم مع الفكر الحر الغير المقيد بنص ،لذا لابد من تأصيل مرجعية العقل لا مرجعية الدين .
اشكاليات بحاجة للمحاورة والمناقشة والاختراق بعد ان أكل علينا الزمن وشرب ودمر الوطن العربي والعراقي باسم الدين، ونحن هنا قاعدون. سنبقى على حالنا الى ابد الابدين ان لم نحرك ساكناً،في مصداقية التطبيق وليس التصور وطرح المآثورات دون تنفيذ ، فهل من مجيب؟
ملاحظة هامة
اخذت بعض محاورات المقالة من رأي الكاتب القدير الدكتور محمد شحرور في كتابه الموسوم (الكتاب والقرآن).
والدكتور العلامة :المرحوم حسين مؤنس استاذ الحضارة الاسلامية بجامعة القاهرة.
ونوقشت الأراء بحرية الفكر والأعتقاد.
د.عبد الجبار العبيدي [email protected]

أحدث المقالات