18 ديسمبر، 2024 8:35 م

الحرب العالمية الهائلة قد إنطلقت منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين , وهي متواصلة بآليات وأساليب متنوعة , وبقدرات متباينة وفقا لمعطيات الحالة التي تتفاعل معها , فهذه حرب تختلف عن الحروب التقليدية التي أسدل القرن العشرون الستار عليها.
فالبشرية منشغلة بالحروب وهذا ديدنها منذ الأزل , وبموجب ما توفر من أدوات ووسائل تكنولوجية وإليكترونية وتواصلية متنوعة , فأن الحرب قد إتخذت إتجاهات ومنحنيات غير مسبوقة , فهي حرب على كافة المستويات وبقدرات معقدة ومتطورة.
إنها حرب نفسية وفكرية وعقلية وسلوكية ومائية وزراعية , وتجارية وغذائية ودوائية وجرثومية وبايولوجية وإليكترونية , وتستحضر ما يمكنها من أدوات التحارب والتدمير.
فكل ما يخطر على البال وما لا يخطر يحضر في هذه الحرب , التي تشب في بقاع الدنيا وتطغى أحداثها ونوباتها على الأخبار المسموعة والمقروءة والمرئية.
ووفقا لما يبدو عليه الواقع الأرضي على المجتمعات أن تعي بأنها تعيش حالة حرب متطورة , فتعتصم بإرادة وطنية واحدة وتُفاعل عقولها وتستثمر في إمكاناتها , وتبني ما يحافظ على ديمومتها وتواصلها , قبل أن تتحول إلى قشة في تيارات الحرب المستعرة.
فالحرب تتخذ صفحات متنوعة فهي اليوم في سوحها الكبرى تجارية وفي تفاصيلها دموية تدميرية , وعند أخرى مشاعية الأسلحة الأوتوماتيكية الفتاكة , ولدى آخرين صاروخية نووية إليكترونية بايولوجية ترهيبية وبطائرات مسيرة.
وبين حين وحين تصعد موجة وتهبط أخرى , وينشغل الكتاب والمفكرون بما ينجم عن الأمواج المتلاحقة ويغفلون التيار وما يصب في نهر الوجيع البشري الدفاق.
والكثير من المجتمعات والشعوب تتحول إلى حطب لها ووسائل لتنفيذ أجنداتها وبرامجها الخلاقة , خصوصا المرهونة بالطائفية والمذهبية والدين الذي تقرن به أحداث ذات إنفعالية طاغية , تعمي الأبصار وتشل العقول وتحجب قدراتها على النظر والتقدير.
ولكل حالة أدواتها ومفرداتها التحاربية التي يتحقق تأجيجها والإستثمار الفائق فيها , وما يجري في بعض المجتمعات يمضي وفقا لإرادة هذه الحرب , التي ستتواصل على مدى القرن الحادي والعشرين , وغايتها أن تنمحق الشعوب المطمورة بالأضاليل والبهتان , وتدوسها سنابك القوى الشرسة الإفتراس.
فهل سنتمكن من إستيعاب الصورة الحقيقية للأحداث والتداعيات , ونتفاعل معها بقدرات إحترازية ودفاعية ذات قيمة حضارية وإرادة وطنية حرة؟!!