علاقة حكومة “شمال العراق” بالحكومة المركزية في “بغداد” بعد العام” 2003″ أشبه بـ “حامي هدف” بفريق قوي يلعب أمام فريق ضعيف لا يملك أدوات تهدد خشبات مرماه.
علاقة المصير التي تربط “المكون الشيعي” مع “المكون الكردي”،التي رسخها الطاغية “صدام حسين”،بفعل الظلم الذي نال المكونين،نتيجة سياساته الطائفية المقيته تجاههما،وبلغت ذروتها،بعد العام “1991 “،عندما انتفضت محافظات الجنوب،على خلفية هزيمة الجيش العراقي، بعد غزو الكويت،بقرار شخصي اتخذه صدام ،ليتم إعدام (500000 ) ألف إنسان شيعي اغلبهم في مقابر جماعية،(لازال بعض الأهالي لم يعثروا على رفات أبنائهم!) ، وقبلها وجه شقيقه المجرم “علي حسن المجيد” بقصف “مدينة حلبجه” الكردية، بـ “الكيمياوي”،وقتل الأطفال والنساء والشيوخ،في حادثة لا تقل بشاعة عن القصف الأمريكي لمدينة “هيرو شيما وناكازاكي اليابانية” خلال الحرب العالمية الثانية.
تلك العلاقة التي عبدتها دماء المجاهدين من أهالي الجنوب والشمال،التي أينعت ثماراً تغطي جبال كردستان مع حلول كل “نيروز”،وتروي لنا قصة عاشق جنوبي يرتل أبو الأذية…. من أعلى قمة جبل….وهو ماسك بندقيته … يقلب جمرات البلوط…. ثم يدير رأسه… ناحية الجنوب…… بصوت ناعي الهور “سيد محمد”(…. اللايم لو دره أبلواي …..مالام …)،في لحظة اجترار للتأريخ ،عندما قطعت خيول الأكراد الفيافي،بقيادة الشيخ “محمود الحفيد”،لتلتحق بطلائع ثورة العشرين،تلبية لفتوى الجهاد ضد الانكليز التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف الاشرف آنذاك.
(من لا يقرأ التاريخ لا يفهم السياسة)،ترى لماذا يفرط ساستنا في مشاهد التأريخ،فنصبح “بلا عراقة”،دون مدرسة( ثقافية وسياسية واجتماعية وووو…. الخ) .
فهل المطلوب فقدان الهوية العراقية؟!
التقارير الإعلامية، وبعض تصريحات القيادات الكردية تشير الى تصلد الموقف الكردي على عدم التنازل على بعض المكتسبات الحزبية،فيما الشارع الشيعي ملتهب وفي أعلى مراحل الاحتقان والغليان.
ترى ألا يستحق الشريك والصديق الشيعي أبداء التنازل عن بعض المكتسبات الحزبية،لإنقاذ البلاد من حافة الهاوية؟.
أم أن القوى السياسية الشيعية فقدت وزنها بنظر الكرد،وفي السياسة “لا قيمة لفاقد الوزن”!.
الواقع العراقي ومعطيات “صفقة القرن” يشير إلى أن خيار تقسيم العراق،بيد القوى السياسية الكردية،وهي أمام لحظة عصيبة من تاريخ العراق،وبالتأكيد هي حرة فيما تختار.
فالسيناريوهات المتوقعة،فيما أذا استمر تكلس مواقف القوى الكردية على مطالبها،سيقابله توحد شيعي شعبي وسياسي يحقق أغلبية برلمانية للمضي بالعملية السياسية،بالتوافق مع قوى سنية صاعدة أدركت خطورة الواقع،وذاقت مرارة “داعش”،رغم حجم الضغوطات الخارجية على تلك القوى،تقابله ردت فعل كردية ذات نزعة انفصالية.
للأسف فأن “الأنانية السياسية” ،سوقت بعض القوى السياسية التي تدير البلاد منذ العام “2003 ” فاقدة للنضوج السياسي،ولطالما أحرجت مرجعياتها الإقليمية والدولية على حد سواء،ما جعلها عاجزة عن تجاوز حراك الشارع العراقي منذ ما يزيد على (120 ) يوم!.
ما يضطر القوى الخارجية الفاعلة في المشهد العراقي، لضمان مصالحها!، للذهاب “للسيناريو الصهيوني” ” الذي يعني “خيار التقسيم”!،الذي يدفع القوى السياسية الكردية،الصعود إلى المربع الخطر،واللعب لوحدهم مع الكبار( تركيا ـ إيران ـ الكيان الصهيوني ـ أمريكا)!،وعندها تتمزق شباك حامي الهدف الكردي!.
لأنه الحلقة الأضعف بين أخويه العربيين،فلكل منهما عمقه الاستراتيجي.