18 ديسمبر، 2024 7:54 م

جِراح معركة المصير الغاضبة

جِراح معركة المصير الغاضبة

الحزن والغضب رايتان مرفوعتان أبدا!
يقول شاعر عن امتحان الله للبشر:
في قريتنا
نسمع الآذان
مع نباح الكلاب..
و ليُفَرّق الله بين
ما له و ما لنا
يرمي لنا عَظْمة المدينة!
عندما كانت الحمير مثلا لا تحصل على حشيش أو لا تتوقع الحشيش من أمر من الأمور، تتساءل ساخرة: ما الفائدة!
فتعلَّم البشر منها ذلك، رغم أن الله تعالى كرمهم وفضلهم على كثير من المخلوقات. فكانت الواقعية البائسة!
حمار من الحمير السائبة قال يوما: حب من طرف واحد!
نعم ليكن حبا من طرف واحد! رغم أن السبب هو هذه الحمير التي كانت تتطفل وتزعج وتسبب المشاكل وتعتبر نفسها أصحاب القضية وحماة الشرف، لكن في كل الأحوال، حب من طرف واحد أفضل من نهيق من طرف واحد، كما هو معروف! ومحب من طرف واحد أفضل من حمار من طرف واحد ، مثل حال هذا الأستاذ أو الشخص العشائري الرسمي الأحمق!
الضفادع تفضل المستنقعات على الحدائق، مثلما أن الإنسان ينزع إلى التجميل والتقبيح والتبرير وتحصيل الحجج المناسبة، حسب الحال والرغبة والفائدة المرجوة، حقيقية كانت أو وهمية!
في أحد الأيام كنت جالسا مع صديق تركي يدعى (السيد نائل) في حديقة من حدائق العاصمة أنقرة، فهاجمنا كلب من الكلاب غير السائبة يعود لشخص جاء خلفه. فأردنا أنا والسيد نائل أن نعطيه، ولا أقول نلقنه، درسا في مضار اقتناء الكلاب. فاستلمَنا هو وأعطانا محاضرة طويلة وقيمة في أضرار البشر ومنافع الكلاب!
ولأن أكثر كلامه كان حقيقة وواقعا وموافقا لقناعاتنا الراسخة في نفوسنا، رغم وقاحته، اعتبرناه محقا ومعذورا وحكيما!
يقول أحد الأصدقاء أو أحد الأعداء، لا فرق: كانت تقول مثلا عندما أفاجئها:
(Gene bahar geldi(
أي، هل جاء الربيع ثانيةً، بترجمة حرفية ممكنة! حيث كانت اللغات والقواميس عاجزة عن ترجمة عبارتها هذه وغيرها كذلك، ولا تفهم قصدها، وأنا أيضا كنت أجعل نفسي لا أفهم ماذا تقصد! رغم أني كنت أفهم جيدا ماذا تقول وماذا تعني وماذا تريد!
وكان لايهمني الربيع والشتاء والخريف والفصول ولا الحرب القائمة ولا الرسميات ولا الآخرون!
لكن الآن أعترف أني لم أفهمها جيدا، خاصة بعد أن قالت مرة: ماذا تفعل لو طلب أهلي منك ثمانية ملايين، مهراً!
ذلك ما قاله أحد الأصدقاء أو أحد الأعداء، لا فرق!
كما أن جراح الخارج من الجنة لا تشفيه كل الحفلات والمهرجانات، كذلك من ألِفَ الوجوه الجميلة والعزيزة، لا يرتاح مع الوجوه الأخرى! فكيف إذا كانت هذه الوجوه سيئة ضارة وقحة، وتريد من إنسان ما أن يحترمها بإجبار اجتماعي سخيف مضحك! بينما هذا الإنسان ليس فقط لا يحترمها بل يحتقر من يحترمها كذلك!
الحسابات الخاطئة والحسابات الكثيرة تضر الإنسان. والتمسك الشديد بالأشياء الغالية يكسرها! ثم لا ينفع بعد ذلك الترك أو الإبتعاد أو الإستغناء أو الإستبدال. وحتى الموت أيضا لأن كل الأطراف ومنهم صاحب الشأن أو المشكلة ينتظرون الحساب ويوم الحساب في حضرة الله تعالى أحكم الحاكمين، وكل طرف يتوقع أن الله سوف يحكم لصالحه! بما أن الدنيا أو الايام تمر مرورا غبيا مثل سرب الدجاج تسير خافضة رأسها أسفل إلى الأرض بحثا عن شيء يؤكل أو هكذا تعودا وألفة! ولا تصلح للحساب والمحاسبة، خاصة مع الحظوظ الضعيفة وضيق الخيارات وحيرة الإنفعالات إزاء المطلوب الغالي العزيز، أو الذي كان غاليا وعزيزا يوما ما!
وتنشأ الغيرة من اقتراب الذباب من أزهار الحديقة التي نملكها أو أملكها بما أن الآخرين هم الذباب “أو هم الجحيم كما يقول سارتر”! أو التي أظن أني أملكها بما أن “الملك لله” أولا وآخرا! وبما أن الحلول النافعة صعبة ونادرة عادة. ونحن نتعب ونهتم حتى نيأس من أمر ما، فإذا رحمنا الله ولطف بنا وسهل أمرنا، نقول ما كان أسهل ذلك، وما كان الأمر يستدعي كل هذا الإهتمام! وننسى أو نكاد أن الله تعالى اللطيف هو الذي سهل ذلك الأمر بلطفه ورحمته! رغم أن الشياطين القابعة في ظلمات دهاليز النفوس كانت توسوس لنا: لماذا أخر الموضوع هكذا! أو لماذا نحن وليس غيرنا! أو لماذا بهذا الشكل وهذه الصورة! أو نريد امتحانا يسيرا وليس صعبا إلى هذه الدرجة! أو غيرها من الوساوس الذكية الغبية!
بعض الناس يستفيدون من الأشياء الصائبة ومن الأشياء الخاطئة ومن المصائب والكوارث! وبعضهم يتضرر من الاشياء الصحيحة ومن الأشياء الخاطئة ومن الحفلات والمناسبات والأعياد! نسمي ذلك حظا أو قسمة أو قدرا! وهو كذلك إذا تجاهلنا الذكاء أو الغباء الذي يحضر أو اللذين يحضران أثناء التعامل مع الواقع وموجوداته!