4 نوفمبر، 2024 9:17 م
Search
Close this search box.

جنازتي

ناظم حكمت
ترجمة نزار سرطاوي
هل ستبدأ جنازتي في ساحة بيتنا في الأسفل؟
كيف ستنزلون بنعشي ثلاثة طوابق؟
المصعد لن يتسعها
والدرج ضيق للغاية.

ربما تكون الساحة غارقةً في أشعة الشمس والحمائم
ربما تتساقط الثلوج وتختلط صرخات الأطفال في الهواء
أو في الأسفلت المتلألئ بالمطر
و تتناثر صناديق القمامة في المكان كالمعتاد.

إذا اتبعنا العادات هنا، فعليَّ أن أمضي ووجهي نحوَ السماء،
في سيارة الموتى، قد يُسقِط الحمام شيئًا على جبيني ، ليجلب عليّ الحظ.
وسواء أحضتْ فرقةٌ أم لم تحضر، سيقترب الأطفال مني،
فالأطفال يحبون الجنازات.

نافذة مطبخنا ستحدق ورائي حين أمضي،
الغسيل على الشرفة سيلوّح لوداعي.
لقد كنت أكثر سعادة هنا مما تتخيلون،
يا أصدقائي، أتمنى لكم جميعاً حياةً طويلةً هانئة.
——————————
يُعدّ ناظم حكمت أول شاعر تركي حديث. ولد عام 1902 في سالونيك التي كانت في ذلك الوقت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية لكنها الآن تابعة لليونان. كان والده موظفًا في وزارة الخارجية. ولعلّ جده ناظم الذي كان شاعراً هو الذي وجهه نحو الشعر. وقد صدرت مجموعة ناظم الشعرية الأولى وهو السابعة عشر من عمره.
في تلك الفترة الزمن احتل الحلفاء وطنه في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فغادر ناظم مسقط رأسه في إسطنبول للالتحاق بالجامعة في موسكو. وهناك تواصل مع العديد من الكتاب والفنانين، الذين كانوا من مختلف أنحاء العالم.
في عام 1924عاد إلى تركيا بعد الاستقلال. وبدأ ينشر أشعاره ومقالاته في الصحف اليسارية وغيرها من المنشورات. غير أن ميوله اليسارية جلبت عليه الكثير من المتاعب، مما اضطره إلى العودة إلى روسيا، حيث تابع الكتابة دون الخضوع للرقابة.
في عام 1928 صدر في تركيا عفو عام، وهذا ما شجع ناظم على العودة إلى بلاده. وخلال السنوات العشر التالية ، نشر تسعة كتب شعرية منها خمس مجموعات من القصائد بالإضافة إلى أربعة قصائد مطولة أصدر كلّاَ منها في كتاب منفصل.
تعاملت الدولة التركية من ناظم بالكثير من الشكّ والعداء، ولعلّ هذا ما جعل الشعب ينظر إليه باعتباره بطلاً. وكان من بين مؤلفاته عمل بارز يدور حول أسلوب الحياة الذي التي يتمتع به رجال بلاده ونساؤها من أهل المناطق الريفية كما في البلدات والمدن، وجاء الكتاب تحت عنوان مناظر طبيعية من بلدي. ويعتبر واحداً من الأعمال الأدبية الوطنية التركية العظيمة.
تعاظمت الضغوط السياسية على ناظم مرة أخرى. إذ لم يكن تطرفه موضع ترحيب في تركيا. وكثيرا ما كان يوصف بالشيوعي الرومانسي أو الثوري رومانسي. لكن وجهات نظره كانت مخالفة للأحزاب السياسية الحاكمة في وطنه، وكثيرا ما كان يتم اعتقاله بسبب ذلك، فقضى الكثير من أيام حياته في السجن أو في المنفى حتى عام 1951، حيث غادر وطنه مرة أخرى ، ولم يعد إليه أبدًا. فقد عاش من ذلك الحين وحتى وفاته في الاتحاد السوفيتي وأجزاء متفرقة من أوروبا الشرقية.
كان ناظم متحمساً للشيوعية المثالية، وكان الجمهور يستقبل قصائده الوطنية بصورة إيجابية. إلا أنه في الفترة ألأخيرة تأثر بشكل كبير بالمدرسة المستقبلية الروسية في موسكو. وراح يتخلى عن الأشكال “التقليدية” للكتابة. وقد وحاول أن “ينزع الشعرية” عن الشعر.
كان ناظم يكتب باللغة التركية ولكن الكثير من أعماله ترجمت إلى الإنجليزية وإلى العديد من اللغات. وقد تعرض لأزمة قلبية وتوفي في موسكو عام 1963.

أحدث المقالات