23 ديسمبر، 2024 4:17 ص

“جــاستا” إعادةُ رسمِ خارطةِ العالمِ السياسيةِ والقانونيةِ /ح1

“جــاستا” إعادةُ رسمِ خارطةِ العالمِ السياسيةِ والقانونيةِ /ح1

#الحلقةُ_الأولى :
#نحنُ …
لا نتعاملُ ضمنَ مبدءِ المنافقينَ المنحرفينَ الضالينَ المضلينَ أبداً والقائلِ “لا تمدحَ شخصاً تحتاجُ يوماً الى ذمهِ”, لأنَّ هذا المبدءَ سوفَ لا يُبقي حجراً على حجرٍ لتشكيلِ أساسِ الثقةِ المجتمعيةِ, كمَا سَينسفُ مبدءَ إستحقاقِ المدحِ والذمِ الآنيينِ, بل يتحتمُ علينَا أن نُوطدَ أنفسنَا على التعاملِ مع الموقفِ, فإن كانَ الموقفُ موقفاً يستحقُ الثناءَ إمتدحنا, وإن كانَ الموقفُ يستحقُ الذمَ ذمَمْنَا, ولا علاقةَ لنَا بمكنونِ المقابلِ وما ستؤولُ مواقفهُ في المستقبلِ …والتعاملُ مع المواقفِ سيكونُ خارجاً عن قانونِ التناقضِ, لأنَّ لهذا القانونِ شروطاً لا يُمكن تحققُهَا بينَ خطابينِ متناقضينِ على موقفينِ متباينينِ, لأنَّ المواقفَ المتباينةِ للمقابلِ يستتبِعُهَا خطاباتٌ مختلفةٌ مِنَا ومِن غيرِنَا, وهذا الإختلافُ والتباينُ في الخطابِ يكونُ خارجَ موضعِ التناقضِ, الذي يُشترطُ في تحققهِ وحدةُ الموضوعِ …
وهُنَا نتمكنُ مِن دفعِ شبهةِ التناقضِ التي رمَانا بهَا الغيرُ, لتوهمهِ أنَّ الخطاباتِ المتباينةِ في الغالبِ تكونُ موضوعاً للتناقضِ وإستحكامِ إنطباقِ القاعدةِ عليهَا, وبالمقابلِ أنَّ المتمسكينَ بهذا القولِ يُنبؤنا صراحةً بخفةِ عقولهِم ومحدوديةِ ثقافَتِهِم, بل وإنَّهُم لَم يتناقضوا ولَم يكونوا مِن موضوعاتهِ لركونِهِم بينَ أمرينِ, بينَ السكوتِ المطبيقِ عمَا يحصلُ في الواقعِ الخارجي, وعدمِ التفاعلِ معهُ, وبالتالي لا يُصفُ الساكتُ بالتناقضِ لعدمِ تكلمهِ, وبينَ العاملِ بقاعدةِ المنافقينَ المتكبرينَ الضالينَ المضلينَ “لا تمدحَ شخصاً تحتاجُ يوماً الى ذمهِ” !!!
#وبالمقابلِ …
إنَّ الثباتَ على الموقفِ والوقوفَ على نفسِ الخطِ وعدمَ تغييرِ بوصلةِ الخطابِ, لا يعني أنَّ المقابلَ يتعاملُ بطريقةِ وحدةِ الكلمةِ وعدمِ التراجعِ عنهَا, وبالتالي أنَّهُ رجلٌ ومغوارٌ وتحطُ لهُ أجنحةُ الملائكةِ عِندَ سيرهِ على الأرضِ, بل ربمَا يكون ذلكَ المُصِرُ والثابتُ على الرأي والموقفِ والخطابِ متكبراً متعالياً, بل وأنَّ ما سيجرهُ ثباتهُ على الموقفِ مِن آثارِ قتلٍ ودمارٍ وحرقٍ للأخضرِ واليابسِ, سيكون هذا الثباتُ وهذا التصلبُ على الرأي والخطابِ والموقفِ نابعاً مِن نأيهِ وبُعدهِ ونجاةِ أهلهِ عشيرتهِ ومقربيهِ مِن الدمارِ, وبالتالي لا يَخشَ مِن المقابلِ بقاءهُ على هذا الثباتِ, لأنَّ نارَ الثباتِ سوفَ يكونُ بمأمنٍ مِنهَا على النفسِ والمالِ والأهلِ !!!بل إنَّ الثابتَ على الموقفِ ما لَم يُقرنْ صاحبهُ بمعرفةِ الهدفِ, ووحدةِ المصيرِ مَع مَن سَيُصَبُ عليهِم نارُ الثباتِ, بل ومَا لَم يكن الثباتُ على الموقفِ حكماً شرعياً وعقلياً وإنسانياً, وليسَ حكماً نابعاً عن الجهلِ والغرورِ والإعجابِ بالرأي, فلا خيرَ في الثباتِ ولا في الثابتِ عليهَا, بل إنَّ أمثالَ هؤلاءِ الثابتينَ أقلُ مَا يُصفُ بهِ صاحبهُ أنَّهُ ثورٌ لا يُميزُ الذي أمامهُ أمِن اللينِ فَيُصِبَ بنطحهِ, أم مِن الصُلْبِ يُوهي بهِ قِرنَهُ الى غيرِ رجعةٍ !!!
# ولذا …
ربَّمَا الكثيرُ لايعلمُ القانونَ الذي أقرهُ الكونكرس الأميركي بإقرارِ قانونِ (العدالةُ ضدُ رعاةِ الإرهابِ), والذي يُعرفُ #بقانونِ_جاستا JASTA, حيثُ يُفيدُ هذا القانونُ بإمكانيةِ محاكمةِ الحكوماتِ الأجنبيةِ الراعيةِ للإرهابِ بمحاكمِ المحليةِ الأميركيةِ, أي أنَّ المحاكمَ الأميركيةِ مِن شأنِهَا أن تنظرَ الى الدعاوى المقدمةِ مِن قبلِ المشتكينَ في قضايا خارجَ حدودِ الولاياتِ المتحدةِ, متعديةً الى إصدارِ الأحكامِ القضائيةِ بحقِ دولةٍ أجنبيةٍ أخرى, أي تتعاملُ مع الدولِ الأجنبيةِ وكإنَهَا أحدُ المجرمينَ المحليينَ داخلَ حدودِ إدارتِهَا وليسَ دولةً ذاتَ سيادةٍ وإستقلاليةٍ !!!

#وربما …
الكثيرُ مِن القراءِ والمتابعينَ يتعجبونَ لإثارةِ هكذا موضوعٍ في هذا الوقتِ, وهذا التعجبُ لا يخلو مِن أحدِ سببينِ :السببُ الأولُ : إنَّ الإعلامَ العربي الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً لَم يُسطْ الضوءَ كفايةً على هذا الموضوعِ, بحيثُ إكتفى الإعلامِ العربي بالمرورِ على الخبرِ مرورَ الكرامِ, وهذا ما ولدَ فجوةً معرفيةً على المتابعِ العربي خصوصاً, وهذا ما أدى الى أحدِ أسبابِ هذا التَعَجُبِ !!!السببُ الثاني : إنَّ ماتمرُ بهِ المنطقةُ عموماً والعراقُ وسوريا على وجهِ الخُصوصِ سيجعلُ التوجهَ للكتابةِ في هذا المضمارِ أمراً أقربُ الى التفاهةِ بمنظورِ القارئ !!!
ولكن بالحقيقةِ إنَّ مِن أهمِ الأسبابِ التي أجبرتني على الكتابةِ في هذا الموضوعِ -بالرغمِ مِن صعوبةِ فهمهِ على الكثيرِ- هو تخبطُ أغلبُ إن لَم أقلْ كلُّ الكُتابِ والمحللينَ في تقريرِ هذهِ المسألةِ, مما تركَ فجوةً كبيرةً جداً لا يُمكن أن يقفزَهَا المهتمونَ في الشأنِ السياسي أمثالَ المتابعينَ لولئكَ الكُتابِ !!!
والسببُ الآخرُ لإثارةِ هذهِ المسألةِ السياسيةِ المعقدةِ في صفحاتِ التواصلِ الإجتماعي مِن قِبَلي وقِبَلِكُم أحبتي, هو لأثبتِ لكلِّ القراءِ أنَّ الحكومةِ السعوديةِ بكلِّ ما تملكُ مِن قدراتٍ ماليةٍ وإعلاميةٍ ومراكزِ تخصصٍ في الأبحاثِ السياسيةِ, كانتْ تخشى الى حدِ الجبنِ والإرتعادِ مِن فتحِ هكذا ملفٍ وفي العلنِ, وإنَّ هذا الخوفَ سببهُ عدمُ قدرتِهَا على إقناعِ جمهورِهَا ومتابعي سياستِهَا الخارجيةِ أمَامَ المدِ الإعلامي التي تُثيرهُ غَرِيمَتُهَا إيرانُ في الخارجِ !!!
#لذا … 
أحببتُ أن أقدمَ العونَ والمساعدةِ لأولئكَ الكُتابِ والمحللينَ السياسيينَ السعوديينَ المُمتلئينَ مالياً ومادياً والفارغينَ علمياً, مُستخرجاً الكثيرَ مِنهم مِن بحبوحةِ الخوفِ مِن الإعلامِ الإيراني المقابلِ في المنطقةِ والعالمِ, ولأثبتَ لَهُم أنَّ هؤلاءِ فارغونَ علمياً وإنَّهُم أكثرُ فراغاً مِنكم, ولكنَهُم تميزوا عليكُم أنَّهُم إستعانوا بالكثيرِ مِن المثقفينَ العربِ حيثُ نفسُ أولئكَ المثقفونَ عانوا ما عانوا مِن التهميشِ والإبعادِ والتحقيرِ مِن قبلِ أبناءِ جلدَتِهِم -العربُ-, حتى أضطروا الى الإرتماءِ بأحضانِ الغيرِ, وحتى لو كانَ أولئكَ الغيرُ مِن أعدائِهِم !!!ولو حاولتَ الإطلاعَ على ماكتبهُ المحللونَ والكُتابُ العربِ الخليجيينَ والسعوديينَ, لوجدتَ أنَّهُم قد تناقلوا كلمةِ #الثباتِ_على_الموقفِ تناقلَ العدوى, وهُم لا يعلمونَ حقاً أنَّ أمثالَ هكذا ثباتٍ يُعتبرُ مِن أوضحِ أنواعِ الغباءِ عندَ المقابلِ, بل مِن أوضحِ أنواعِ الحيرةِ وعدمِ المعرفةِ والعلمِ ما يُمكن أن يُفعلَ في المستقبلِ ما لو قُرَّ هكذا قانونٌ !!!
ولكن أقولُ لَهُم :
أليسَ مِن الغباءِ والحماقةِ أن نتبجحَ ونتفاخرَ ونَزهو بالثباتِ على الموقفِ مَع مَن لا موقفَ ثابتٌ عندهُ ؟!!أليسَ مِن العبوديةِ أن نتوسلَ بالمقابلِ ونستجدي عطفهُ بأن يرحمَنَا لا لِشيءٍ سوى أننَا ثابتونَ على الموقفِ ؟!!أليسَ مِن الجبنِ أنَّ نُرسلَ للمقابلِ رسالةِ تطمينِ والتي مفادُهَا : أنَّكُم وإن نكثتموا العهدِ ولكنَّنَا نبقى على العهدِ والميثاقِ والبيعةِ لَكُم ؟!!بينَمَا نرى مواقفكُم وتصرفاتِكُم وخطاباتِكُم تتلونُ بألوانِ الحرباءِ مع أبناءِ جلدَتِكُم, بل تتعددُ بتعددِ المذاهبِ والمناحلِ والمشاربِ, بل وتتعددُ بتعددِ المصالحِ في قتلِ وحرقِ وسحلِ وتمثيلِ وترويعِ بأبناءِ الطرفِ المخالفِ لِآرائكُم الفقهيةِ وليسَ الكلاميةِ فحسبِ …أليسَ كانَ مِن الأولى أن تَثبتوا على الموقفِ والشرفِ والعفةِ والدفاعِ عن الأعراضِ والإنسانيةِ والمقدساتِ في كلِّ بقاعِ المعمورةِ مع أبناءِ الإسلامِ حتى نكونَ زيناً لرسولِ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), ونجعلَ هذا الثباتَ وهذهِ الكلمةِ تطبيقاً حياً لقولهِ تعالى : {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }فصلت 34,وقولهِ تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل 125 …نعم …
قد ثبتُم على الموقفِ وعلى نفسِ الكلمةِ وهي قتلِ وسفكِ وترويعِ وتهجيرِ ونهبِ وتدميرِ المقابلِ, حتى جعلتُم المسلمينَ يتناقلونَ بينَ المذاهبِ والأديانِ خوفاً وهرباً مِن ثباتِكُم على الموقفِ, بل ويرتمونَ بأحضانِ الجلادينَ والظالمينَ ويعيشونَ كلَّ حلقاتِ البؤسِ والعَوزِ والعبوديةِ, لا لِشيءٍ سوى لأنَّكُم ثابتونَ على الموقفِ !!!
#لكن …مع كلِّ هذا وتلكَ لابأسَ أن نُعَرِفَ المقابلَ المروءةِ وطريقةِ الخطابِ وكيفيةِ التفكيرِ, بل ونعلمَهُم معنى الثباتِ على الموقفِ, والذي يعني الثباتَ على رضى اللهِ تعالى والثباتَ على رضى الرسولِ الأمينِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), بل والثباتَ على حبِ مَن شابَهَنَا بالإنسانيةِ والبشريةِ خارجاً وظاهراً وشكلاً, وليسَ قلباً ولا نفساً ولا نيةً, لأنَّ النفسَ والنيةِ والمكنونَ والسِرَ والباطنِ لا يعلمُ بِهِ إلا اللهُ تعالى, حيثُ قالَ تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل 125 …#إنَّ …
تفعيلَ أيَّ قانونٍ في الحكومةِ الأميركيةِ, بحيثُ يكون ملزماً للحكوماتِ الأخرى التابعةِ لهَا, لا بدَ من إستحصالِ أغلبيةِ أعضاءِ الكونكرسِ الأميركي, ولا يتحققُ هذا الإقرارُ مِن قبلِ الحكومةِ الأميركيةِ ما لَم يُقابَلْ بالفيتو الرئاسي, وأمَا في حالِ تعارضِ تشريعِ القانونِ مَع الفيتو الرئاسي سيسقطُ القانونُ مباشرةً, إلا في حالةِ أن يبلغَ التصويتُ مرحلةِ الأكثريةِ أو ما يُعرفُ بالثلثينِ …والفيتو الرئاسي مِن الأمورِ الحسنةِ في إدارةِ الحكومةِ بشكلٍ عامٍ, لأنَّ الرئيسَ لتلكَ الحكومةِ لابدَ مِن أن يكون مِن أكثرِ السياسيينَ إطلاعاً على مصالحِ البلادِ مِن بقيةِ السياسيينَ, وهذا الإطلاعُ والكفاءةُ التي يتمتعُ بهَا الرئيسُ ليسَ إلا لكونهِ محاطاً بالمئاتِ مِن الخبراءِ العارفينَ بحقائقِ الأمورِ, مع إفتقارِ السياسيينَ البقيةِ في مجلسِ الشيوخِ والنوابِ لمستشارٍ واحدٍ محيطاً كإحاطةِ أولئكَ المحيطينَ بالرئيسِ …
نعم ..
يبقى هنالكَ بعضُ الإستشاريينَ الذينَ يعملونَ مع نفسِ الحزبِ الذي ينتمي إليهِ أولئكَ الساسةِ, وبالتأكيدِ أنَّ هؤلاءِ الإستشاريينَ لا يفقهونَ المصالحَ العليا للبلادِ كتلكَ التي يفقههَا المحيطونَ بشخصِ الرئيسِ, لهذا قلنَا سابقاً في المقالِ الإنْتِخَابَاتُ الأمِيرِكِيَةُ والسِبَاقُ السِيَاسِي- (https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1648051715510682&id=1573641099618411&substory_index=0) أنَّ الرئيسَ ماهو إلا موظفٌ لتنفيذِ ستراتيجياتِ البلادِ المرسومِ لهَا مسبقاً مِن قبلِ تلكَ الإدارةِ الخفيةِ !!!
وهذا ما يجعلُ الخطابَ للرئيسِ الأميركي أكثرَ شمولياً وسعةً مِن الخطاباتِ الأخرى والتي تُصفُ في الغالبِ بخطاباتٍ منقوصةِ الرؤيا المستقبليةِ, وهذا ليسَ وصفاً مجازياً لهَا, بل هو حقيقياً دائماً, لأنَّ هؤلاءِ السياسيينَ لا يفقهونَ الكثيرَ ممَا سيفقههُ الرئيسُ بعدَ تسلمهِ مقاليدَ الحُكْمِ العليا في البلادِ, لذا يكون متمتعاً بهذهِ الرؤيا الشموليةِ الواسعةِ لعلةِ مَن يُحيطُ بهِ مِن الإستشاريينَ والخبراءِ !!!#حيثُ …أنَّ الكثيرَ مِن النقوضِ التي تناولتْهَا رسالةُ الرئيسُ أوباما كانتْ حقيقيةً, وأغلبُ مخاوفهِ كانتْ جديةً, ممَا سيجعلَ الكثيرَ مِن الساسةِ المتواجدينَ في الكونكرسِ ينسحبونَ مِن التصويتِ على إقرارِ قانونِ التجريمِ هذا, لأنَّهُم لم يكونوا على إطلاعٍ كمَا حصلَ بعدَ أن بعثَ الرئيسُ هذهِ الرسالةِ إليهِم …
وهنَا في المقامِ لابدَ لنَا مِن إيضاحِ مسألةٍ مهمةٍ جداً, أنَّ أغلبَ السياسيينَ في العالمِ المتقدمِ مع ما يملكونَ مِن معرفةٍ كبيرةٍ وسياسةٍ راجحةٍ, لكن يبقى هَمُهُم الأكبرُ والأعظمُ كسبَ تعاطفِ الناسِ والإستعدادِ لمعاركِ كسبِ الناخبينَ على مدارِ الساعةِ, لذا نرى في الغالبِ أنَّ قراراتِهِم تصبُ في مصلحةِ بعضِ المواطنينَ, مستغلينَ قدرتِهِم على التحكمِ في إنفعالاتِهِم والسيطرةِ على شعورِهِم, غاضينَ الطرفَ بشكلٍ تامٍ عن المصالحِ العليا للبلادِ …
لذا تجدَ أنَّ في أغلبِ الموادِ التي يُرادُ التصويتُ عليهَا والتي لهَا تماسٌ مع المجتمعِ, كيفَ يتحركُ الأعضاءُ في الكونكرسِ على التأكيدِ عليهَا, مع علمِهِم أنَّ هكذا مادةً لا يُمكن تمريرَهَا لتعارضِهَا مع المصالحِ العليا للبلادِ, لذا يجعلونَ الكرةِ في مرمى الرئيسِ معتمدينَ على ما يملكهُ مِن حقِ النقضِ, وبالتالي هُم يكسبونَ مقبوليةِ الشارعِ والحفاظَ على القيمِ العليا للبلادِ في نفسِ الوقتِ !!!أنظروا كيفَ يمكرونَ بشعوبِهِم ويضحكونَ على أبناءِ أوطانِهِم, لكن سيخرجُ الكثيرُ مِن هؤلاءِ المواطنينَ مستفادينَ وبشكلٍ كبيرٍ مِن هكذا مسرحياتٍ, لأنَّهُم سيتعرفونَ الى طريقةِ تفكيرِ الرئيسِ وإدراكهِ للأمورِ, بل سيدركونَ عملياً وخامةِ إقرارِ وتمريرِ هكذا بنودٍ وقوانينَ, وهكذا نلاحظُ شعوبَهُم كيفَ يرتقونَ على شعوبِنَا العربيةِ علماً وفهمَا وإدراكاً, لأنَّ نفسَ الحكومةِ لا تجعلَهُم يمرونَ بتجربةٍ إلا ويخرجُ بهَا الكثيرُ مِن أبناءِ الشعبِ ممتلئ الوفاضِ سياسياً ومعرفياً !!!#ولكن …مع صعوبةِ إقرارِ هكذا قانونٍ فلابدَ أن تنظرَ المملكةُ السعوديةُ الى جديةِ الأمرِ, بل وتجعلُ أمرَ إقرارهِ أمراً محتملاً, بعدَ معرفَتِنَا أنَّ المقابلَ لا أمانَ ولا إيمانَ لهُ أبداً, بل لاحدَ لإطماعهِ في المنطقةِ والتي ربَّمَا تكون المملكةُ أحدُ مقدماتهِ في المستقبلِ, لذا لابدَ أن تُعِدَ المملكةُ سيناريو محتملاً لإقرارِ هكذا قانون, حتى لا تبقى مرتعدةِ الفرائصِ على مدارِ السنةِ, وبالخصوصِ في أيامِ إقترابِ أحداثِ الحادي عشرِ مِن أيلولِ …
ولا بأسَ أن نقدمَ لهُم سيناريو بسيطاً يتناسبُ مع فهمِ القارءِ والمتلقي, لأنَّ هذا السيناريو فهمنَاه مِن فلتاتِ لسانِ الرئيسِ الأميركي أوباما, والذي قالَ فيهَا :
“وإن سن قانون جاستا يمكن أن يشجع الحكومات الأجنبية للعمل على أساس المعاملة بالمثل والسماح لمحاكمها المحلية لممارسة الولاية القضائية على الولايات المتحدة أو المسؤولين الأميركيين بما في ذلك رجالنا ونساؤنا في الجيش – بزعم وقوع إصابات في الخارج عن طريق دعم الولايات المتحدة لأطراف ثالثة, وهذا يمكن أن يؤدي إلى قيام دعاوى ضد الولايات المتحدة أو مسؤوليها بسبب افعال من قبل أعضاء في جماعة مسلحة تلقت مساعدة أميركية، أو استخدام خاطئ لمعدات عسكرية اميركية من قبل قوات أجنبية، أو إساءة استخدام سلطة من قبل وحدات شرطة تلقت تدريبا أميركيا، حتى ولو انتهت هذه الادعاءات في القضايا إلى غير جدوى . وإذا تمكن المدعون من الفوز بأحكام معينة – على أساس القوانين المحلية الأجنبية والتي تطبقها المحاكم الأجنبية – فإنهم سوف يبدؤون في النظر إلى أصول حكومة الولايات المتحدة المملوكة في الخارج لتلبية تلك الأحكام، مما ينبئ بعواقب مالية خطيرة على الولايات المتحدة”#أنظروا … كيفَ يهزءُ هذا القذرُ الوسخُ بكُم وبحكوماتِكُم الى حدِ قولهِ “حتى ولو انتهت هذه الادعاءات في القضايا إلى غير جدوى”, نعم إنهُ يُؤمنُ جيداً أن الحكوماتِ العربيةِ ولو إجتمعتْ بعضِهَا الى بعضِ فلا يُمكن أن يكونُ إجتماعِهَا بجدوى قضائيةٍ, فكيفَ إذا كانتْ تنظرُ الى حكوماتِكُم منفردةً عسكرياً, فبالتأكيدِ مَن ليسَ لهُ القدرةُ على الحسمِ القضائي ليسَ لهُ القدرةُ على الحسمِ العسكري, لأنَّ القضاءَ يتعكزُ على القوةِ التنفيذيةِ الأمنيةِ والعسكريةِ !!!
ولكن مع هذا الإستهزاءِ قد فتحَ الرئيسُ الأميركي أوباما لكُم أيهَا السعوديونَ خصوصاً البابَ على مصراعيهِ, مِن خلالِ إمكانيةِ إستهدافِ الأرصدةِ خارجِ حدودِ البلادِ الأميركيةِ كالشركاتِ والأسهُمِ الماليةِ والأصولِ التجاريةِ مثلاً, حيثُ أنَّ أمرَ إستيفاءِ مؤدى الأحكامِ القضائيةِ المقامةِ على الإنتهاكاتِ الأميركيةِ, أسواءٌ قامَ بهَا نفسُ الجيشِ أو مَن تدربَ على أيديهِم أو مَن تلقى الدعمِ مِن قبلِهِم في داخلِ الحدودِ أو خارِجِهَا !!!
وهنَا يُمكن فتحُ بابِ الى تسجيلِ الدعاوى مِن قبلِ المتضررينَ مِن الأفعالِ الأميركيةِ مِن قبلِ المواطنينَ والشركاتِ, بل وتوسعةُ هذا العملِ الى أوسعِ نطاقٍ بحيثُ يشملُ تدوينَ الإفاداتِ مِن خارجِ الحدودِ في المملكةِ, كالبحرينِ والكويتِ والإماراتِ, لأنَّ إعدادَ هذهِ الدعاوى مِن شأنِهَا أن تشكلَ قوةً رادعةً لإقرارِ هكذا قانون, خصوصاً إذا تم تجميدُ الكثيرُ مِن الأصولِ الماليةِ والأسهُمِ التجاريةِ في البلادِ, أي خارجِ حدودِ الولاياتِ المتحدةِ التي لا جدوى مِن إقامةِ الدعوى عليهَا مباشرةً لصعوبةِ إستيفاءِ مؤدى القضاءِ …#ولكن …
لابأسَ أن أتهكمَ قليلاً وأعيدَ صياغةِ موضوعٍ قديمٍ كنتُ قد كتبتهُ سابقاً وبحلقتينِ وتحتَ عنوان -السيدُ الخُميني بيــنَ آيــةِ التَبَيُــنِ والعمالــةِ الأميركيــةِ- (https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1616796065302914&id=1573641099618411&substory_index=0) …حيثُ أخشى مَا أخشاهُ على الحكوماتِ العربيةِ أن تعمدَ كمَا عمدتْ إيرانُ الى إقرارِ قانونَ يسمحُ لَهُم بمقاضاةِ الإدارةِ الأميركيةِ لقوفِهِم وراءِ الخيانةِ وإنقلابِ الطيارينَ أبانَ حربِ العراقيةِ الإيرانيةِ عام 1980, ثُم يكتشفوا بأنفسِهِم أنَّ مفجرَ الثورةِ كانَ عميلاً ومتخابراً -بطريقةٍ وبأخرى- مع الرئيسِ الأميركي جيمي كارتر, وأنَّ الثورةِ الإسلاميةِ ما كانَ يُكتبُ لهَا النجاحُ لولا المباركيةِ الأميركيةِ عامَ 1967, ووقوفِ الثورةِ بوجهِ الإتحادِ السوفيتي والعملُ مع الجانبِ الأميركي بإقافِ تمددهِم, مع كذا رسالةِ تطمينٍ إيرانيةٍ برائحةِ مفجرِ الثورةِ الروحانيةِ, والتي مفادُهَا : إنَ مصالحَ الولاياتِ الأميركيةِ ستكونَ بِمأمنِ مِن أفرادِ الثورةِ, بل العملَ على تجذيرِ التواجدِ الأميركي في منطقةِ شرقِ الأوسطِ !!!
وهذا ما يُفسرُ لنَا جلياً سكوتِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ بالردِ على إقرارِ هكذا قانونٍ ولو إعلامياً, بل إكتفوا بالردِ بإستخدامِ بعضِ الأقلامِ التي لَم تستطعْ أن تقررَ المسألةِ وليسَ أن تُعطِهَا الحلُ كمَا فعلنَا, وهذا الردُ جاءَ مِن بابِ فإن لم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيداً طيباً !!!