23 ديسمبر، 2024 6:03 م

جثة محروقة بخمسين الف دينار

جثة محروقة بخمسين الف دينار

حملت جوازها ومضت صوب قباب الكاظمية بغية إطلاق ما في رحالها من ابتهالات وأمنيات في فضاء السجين العلوي موسى بن جعفر عليه السلام , في دعوة ابلاغ واستئذان للحصول على التأشيرة الهاشمية من  مرقد الحفيد لزيارة قبر منقذ البشرية وعراب الرسالة السماوية  محمد(ص) ,غير انها لم يدر في خلدها انها تنهي مراسيم زيارتها الأخيرة في طقوس حياتها الدنيوية , بعد ان وضعها الإرهاب هدف له عبر سيارة مفخخة كانت على موعد معها   لنقلها الى عالم الابدية , فأمست جثة محروقة الجسد ,نازفة الدماء كنزيف عمرها المسكوب على وجه الرصيف,لتصبح رقما في قيد الموت القسري الذي استباح الامتداد الطبيعي لخواتيم الرحيل لبني البشر في خارطة الحياة العراقية.
حقيقة ان ذلك ليس رواية لاحسان عبد القدوس او قصة لتولستوي بل انه مشهد من مأتم عزاء لصديق فقد والدته في حادث ارهابي , اخذ يسرد في تفاصيل الفاجعة وجوابنها التي لا تقل في مجرياتها عن وحشية ماجرى , وربما لأننا اعتدنا في عراق الموت على  تكرار النسخ الدموية من صور للاشلاء المتناثرة في فضاءات الطرق , مما حدى ان نغادر واقعة الاحتضار الى لقطة الاحتضان والتعامل الذي ترافق مع نقل الضحايا وكيف ان هذه المرأة بقيت تلفظ انفاسها الاخيرة بانتظار ان تنقل من احدى المستشفيات القريبة من موقع الحادث الى مستشفى اخر بغية اجراء مايستوجب اتخاذه من تدابير فورية لانقاذ الزائرة الشهيدة “ام كاظم” وهنا يقف القانون حاجزا بعنوان السياقات المتبعة في استقبال الحالات الطارئة  مطالبين ذويها بورقة تحويل حتى تفتح لها الردهة ويهئ لها السرير, وبين نقاش طويل وصل الى حد الشجار وبعد اكثر من ساعتين تم فتح الباب الموصود الا ان ذلك لم يشفع لها بان تكون من ضمن المسجلين على قيد الحياة فقد استنزفت مابقي من وقتها وبات النقاش ينتقل من اجراءات  الدخول والعلاج  الى كيفية الوصول الى اطلاق السراح والحصول على شهادة وفاة, وبعد جهد جهيد وبفلسفة بيروقراطية حمقاء كتابنا وكتابكم, احيلت الاوراق للمصادقة عليها  ليجد ان القائم بتصنيف الحادثة كونها من نوع ارهابي  , يطالب “بأكرامية ” لغرض انه وثق في سجلاته وقيد بحبر عزرائيل ان الضحية صعدت الى السماء بماكنة ارهاب.