22 ديسمبر، 2024 11:37 م

ثقافة التسامح والصحة النفسية

ثقافة التسامح والصحة النفسية

احيانا يجد المرء نفسه في مواقف لاتسر على الاطلاق كنسيان هاتفه الجوال او محفظة نقوده في المنزل وهو في طريقه للعمل او يعلق في الازدحامات المرورية او غيرذلك من المنغصات
وبعض الاشخاص الذين يتعرضن لمواقف كهذه تضيق بهم الدنيا واحيانا ينفجرون غضبا وتراهم يتلفظون الفاظ بذيئة ويرعدون ويزبدون ويحاولون اقصى جهودهم للخروج من هذا الموقف…… ولكن في اليابان يقابل هذا الموقف بعبارة غريبة يقولها الناس بمعنى مختلف تماما وهي عبارة (شو كا ناي)
تستخدم هذه العبارة في مواقف سلبية في الغالب ولا تجعل المرء ان يستسلم للامر الواقع. معناه العام ( كل شي له حل او في اللغة العامية تنحل). وحظيت هذه المسألة باهتمامات الكثير من الخبراء ومتخصصي التواصل
يضرب احد المستشارين الامريكيين واسمه روشيل كوب وهو من المتخصصن في هذا المجال مثلا يقول فيه ” كنت اعمل مع احد اليابانيين ونحن في زحمة العمل ابلغ هذا الشخص و دون سابق اتذار ان مناوبته ستكون ليلا وتم تبديله بشخص اخر وكان الجواب (شو كا ناي) ولو حدث هذا لاحدنا لكان وقعه كبير جدا

في مواقف كهذه يقول هذا المستشار الامريكي ان من وجهة النظر الامريكية ان الرد على ما حدث سيكون قوي جدا قد يفضي الى اشتباك
ولكن هذه العبارة ليست فكرة ثقافية فريدة من نوعها تقتصر على اليابان انها تعبير عن مشاعر كونية كما تقول استاذة علم السكان في جامعة ستانفورد مياكو انوو
وتضيف في الحياة اليومية الامريكية على سبيل المثال اسمع بعض الناس يتفوهون في مواقف كهذه عبارات من امثال ” ما حصل………حصل”
تداول هذه العبارة اليابانية وما تخلفه من مشاعر يطر ح بعض الاسئلة المهمة : هل هناك شىء مفيد من معنى عبارة (شو كا ناي) هل هناك شيء يطرد الاحباط عند قبول هذه العبارة بدل من محاولة مواجهة الموقف بشكل دائم

والمعروف ان هناك عبارات مشابهة في ثقافات اخرى في العالم ,ففي اللغة الانجليزية مثلا ” خذها كما هي ” والامور ستنحل . وفي العربية ” الي صار صار ”
وكذلك كل ثقافة لها خصوصياتها ولكن كلها تتشابه في القبول بالامر الواقع وذلك لان كل منا يعرف متى نقبل بالقدر او المصير بدل من العمل على مواجهة الواقع.
بعض الدراسات تقول ان القبول بالاشياء السيئة قد يفضي الى تقليل القلق في نهاية الامر. كما اثبتت هذه الدراسات انه اذا اعتاد المرء على قبول مشاعره السلبية تقل عنده هذه المشاعر السلبية مما يؤدي الى تحسين صحته النفسية

ان قبول موقف سيء هو نوع من اعادة التأطير الادراكي
او الذاتي وهذا امر نافع ايجابي كما تقول استاذة علم النفس اريس ماوس من جامعة بيركلي
وتضيف اذا احسنت التفكير وبايجابية حول تلك الاحداث(التوتر) في طريقة تضئل الاثار العاطفية بشكل عام فانك فعلت خير بصحتك. عندما تتعلم المسامحة والتناسي تشعر في داخلك بسلام اكثر وتوجه جهودك وكل ما تملك الى تغيير المواقف التي يمكن تغييرها

قد يكون من الجدير بنا عندما تحدث الامور السيئة لنا ان نتوقف ونسال انفسنا ما الذي يجعلني ان اتوتر ؟ هل بالامكان ان اغير ذلك؟ واذا لم استطع لماذا هذا التوتر يا ترى ؟ وهل سيكون ذلك ستراتيجية فعالة ؟
ان كل ذلك يتوقف على طبيعة الموقف كما يقول الخبراء

فاذا كان الامر بسيط ونتائجه غير كبيرة فهذه الستراتيجية ستراتيجية صحيحة. ولكن اذا كان الامر متكرر مثل علاقة المرء مع مدير لايطاق يصرخ بوجهه العاملين أوشريك يستغل شريكه هذه هي حالات يتطلب الامر من المرء ان يجد طريقة لازالة هذه المشكلة الهيكلية كما تقول استاذة علم النفس في جامعة ميشغان ستيفني بريستون

وتضيف قائلة ربما تشابه هذه المشاعر القدرية ظاهرة تدعى الانهزام الاجتماعي. حيث تم وضع فأرة صغيرة في قفص مع اخرى اكبر واقوى وفي هذه الوضعية اكتسبت الفارة الصغيرة عجزة تعلمته خلال هذه القترة وبعد مواجه عنيفة مع الفارة الاكبر اخذت الفارة الضغيرة تظهر سلوك شبيه بالاكتئاب ( سلمت نفسها الى\اعتادت على النظام الاجتماعي الظاهري في القفص)

والخبر السار من كل هذا ان بامكان الانسان في العديد من الحالات اتخاذ الاجراءات للخروج من مواقف سيئة متكررة مثلا ترك عمل مزعج جدا او ترك شريك لايطاق يسمم الاجواء
”.
الا انه بعض المواقف السلبية المتكررة قد تتطلب مقاومة وتغيير وتشير بريستون هذا يفسر كيف يمكن ان تحدث الثورات الاجتماعية الكبرى. ولكن ماذا الامور اليومية كالاختناقات المرورية . بعض الاحيان من الافضل عدم المبالاة واستخدام بدائل العبارة الياباتية بلغتك
.
“يقوم الناس باستخدام هذه الاليات المناسبة للمواقف لانها اسهل من الاصرار ومحاولة الجادة في مواقف التوتر “كما تقول ساشي اينوو وهي عالمة نفس تقوم بعمل خاص لجامعة بيركلي ومديرة العيادة الخارجية للبالغين في سان فرتسيسكو.
وتضيف ان شعور الاستسلام والقبول بالامر الواقع يؤدي الى فهم اعمق للذات ومعرفة حدودها وهذا \مقدرة بشرية فريدة وهو امر مهم للابقاء على الشعور العادي
وقد تتناولت المعلمة اليابانية (يومي ناكاتا) مسالة جمال العبارة اليابانية المذكورة واعباءها في موقع على النت اسمه GaijinPot والموجه الى العاملين الاجانب في اليابان وهي تتحدث عن والددها الذي يعمل براتب انها شاهدته وهو يعود الى المنزل بعد عمل مضني مستخدما هذه العبارة واصبحت الان وهي تتقدم بسنين العمر تغير موقفها السلبي من العبارة لانها عبارة تتحكم بردود الافعال الطبيعية
واضافت انا كنت ارفض هذه العبارة اليابانية ولو ان هناك الكثير من الامور لانستطيع السيطرة عليها ولكن تبين لي نستطيع كبشر السيطرة على ردود الافعال

عن البي بي سي