19 ديسمبر، 2024 12:10 ص

تيار الحكمة الوطني

تيار الحكمة الوطني

الثري دي(3D) وهو نظام عرض سينمائي، تم إكتشافه سنة 1890، إلا أنه تم الإستغناء عنه بسبب التكاليف العالية للأجهزة المستخدمة لأجله، ويسمى أيضاً بـ (النظام الثلاثي الأبعاد)، ويعرض على شاشة تعمل بالكريستال السائل (LCD)، تٌظهر صورة ثلاثية الأبعاد، تجعل تجربة المشاهد كلاسيكية, وأكثر واقعية, فتثير الإهتمام لدى المشاهد، بإظهارها البعد الثالث للصورة، فتعطي صورة للعين اليمنى تختلف عن العين اليسرى، عن طريق استعمال فصل الألوان, أو الاستقطاب أو الإغلاق الفعال المستعمل في الشاشات المستخدمة لهذا الشأن.

أقدمت مجموعة من شباب (تيار الحكمة الوطني)، على تطبيق تلك الفكرة وتجسيدها على ارض الواقع، ولكن بطريقة مختلفة، بعيدة عن التقنيات التكنلوجية، والشاشات الالكترونية، المستخدمة في ذلك النظام الإلكتروني، لإعطاء صورة واضحة من زوايا متعددة، يطلع عليها الجمهور بأبعاد مختلفة، ترسم مدى واقعية تفكير الشعب العراقي، ونظرته للإحداث القائمة في البلاد، بكافة مستوياتهم ومعرفة التدرج الفكري والمستوى العقلي لدى الشارع العراقي.

طرحوا أولئك الشباب موضوع في غاية الأهمية، حول الأحداث القائمة في منطقة شمال العراق، والازمة بينها وبين الحكومة الإتحادية، فتنوعت الطروحات والافكار لدى الشباب في مستهل منشوراتهم المتعددة، على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث طرحوا ثلاث خيارات موحدة، بعد سؤال الشارع عن كيفية حل الأزمة مع الأكراد، وكانت الخيارات كالتالي (#نحاربهم, #نحاورهم, #نلجأ_للقانون).
شارك في هذا الاستبيان(75) شاب من شباب تيار الحكمة، وحصل المنشور على الكثير من الإعجابات، والتعليقات من المتابعين لهم، حيث شارك عدد كبير منهم المنشور على صفحاتهم الخاصة، وتفاوتت الخيارات فيما بينها، وكان الأغلبية العظمى من المعلقين، يدعون للحوار تحت سقف الدستور، أي بنسبة ( 89%)، ثم تلاها بنسب بسيطة ان نلجأ للقانون, وكانت نسبتهم ( 9%)،ثم كانت ادنى النسب هي خيار الحرب، حيث حصل هذا الخيار على نسبة ( 2%)من المشاركين وكانت تلك الاحصائية الاولية للمبادرة.

تلك النسب المتفاوتة، تظهر لنا مديات تفكير ورؤية الشارع العراقي، حول الأحداث القائمة في البلاد، حيث كانت الاغلبية العظمى تدعو للحوار تحت سقف الدستور، مع الإبتعاد كل البعد عن الحوار الغير قانوني البعيد عن الدستور، لأنه سيجير هذا الامر للمصالح الحزبية والشخصية الفئوية، وقرنوه بحوار واتفاق اربيل السابق المشؤوم، فالغالبية اختارت الدستور ليكون هو الفيصل في فض النزاعات والاختلافات المتبادلة، كما اشارة لذلك المرجعية الدينية في خطبتها السابقة، واكدت عليها في مجمل خطبتها في الجمعة المنصرمة، لضمان حقوق جميع المكونات، اما من اختار القانون، فكانت حجتهم ان الحوار مع الاكراد لا يجدي نفعاً، لأنهم هم اول من يخرق الدستور، مع العلم هم من المشاركين الاساسيين في كتابته، فعليه سيكون القانون هو من يضع الامور في نصابها، أما من اختاروا الحرب، انقسموا الى قسمين، الأول: تحدث من حرقه وألم في القلب، وحجتهم أن الأكراد يبحثون عن مصالحهم الخاصة فقط، بعيداً عن المصلحة العامة للبلاد، وعليه لابد من تأديبهم بالقوة، والقسم الآخر كان متأثراً بدعوة بعض السياسيين الطائفين، الذين لن يتوقفوا عن دعوتهم للطائفية والحرب والدماء، كما ظهرت بعض تلك الشخصيات، على الشاشات الفضائية وتحدثت بهذا الامر علناً.

من خلال تلك التجربة الفريدة من نوعها، وإن تباينت الآراء، واختلفت وجهات النظر بين الجميع، لكن تبين ان الشعب العراقي بغالبيته العظمى ينبذ الحرب والإقتتال والطائفية المقيتة، ويدعو الى الحوار المتبادل بين جميع الأطراف، لحل المشاكل العالقة بين جميع مكونات الشعب العراقي، تحت ظل خيمة الدستور العراقي، والقوانين التي تصب في ذلك الإتجاه، للحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً، وهي ايضاً دعوى للعيش السلمي داخل المجتمع العراقي، ونتمنى من أولئك الشباب الواعي مزيداً من تلك المبادرات الجميلة، التي تظهر حقيقة الشعب العراقي، مع انها تبعث برسائل للسياسيين القائمين على البلاد، تخبرهم برؤية المجتمع العراقي حول الأحداث القائمة، وعليهم الامتثال لها ومراعات قرارات وخيارات الشعب، فكانت فعلاً تجربة ثلاثية الابعاد، ينظر من خلالها الشارع العراقي الى الابعاد السياسية والمجتمعية والانسانية، لتتجلى امامهم الصور بواقعيتها الحقيقية.