22 ديسمبر، 2024 8:42 م

“لتبسيط السياسة… نحتاج لتحسين الحالة النفسية للشعوب… وتفعيل الأساليب الإنسانية… بالعثور على معنى للحياة… كوسيلة لتشكيل صورة للعالم المرتجى !!!”
تمثل دنيا السياسة لمعظم السكان وكأنها غابات قرف مجهولة وان أية عبارة سياسة تأتي في كلماتهم فهي ستعني “الأعمال القذرة” لأنها تعمل خارج معايير السلوك البشري والإجراءات الانسانية، ومع إن السياسة تترك للناس الاختيار بين الحياة والموت، الحرية أو السجن، العمل أو الفقر، غير أنها وبالوقت ذاته لا تترك لهم الخيار بين الحقيقة والباطل ، العقلاني وغير العقلاني ، العملي وغير العملي ، المفيد و الضار. وإن السياسة تتطلب أعلى دعم فكري ولكنها في فكر الشعوب فإنها تتلاعب بالاحتياجات الفسيولوجية والخصائص النفسية الدنيا للشخصية البشرية لتحقيق اهدافها المشبوهة, ومن المهم للغاية التعامل مع التوازن البيولوجي الذي يفهم من خلاله العلم الحديث الوظائف الفيزيولوجية والفسيولوجية النفسية.
المواد التاريخية لظهور السياسات الحيوية أكثر من كافية لأنها تظهر بشكل مقنع العديد من الأمثلة المسجلة لأسبقية الوظائف البيولوجية المؤثرة في السلوك السياسي سواء بالقادة السياسيين أو بأفراد الشعوب وفي النظرة الحديثة على الإرهاب والمظاهر البيولوجية للسياسة يجب أن نتساءل عن اسباب ازدراء السياسات للمواطنين وعدمية يقينهم ولماذا تحول التوازن في علم النفس السياسي من المجال الفكري في اتجاه بدايتها الفسيولوجية؟ وان السؤال القديم والملعون في العلوم النفسية يدور حول التوازن بين المستوى الأدنى الاجتماعي والسلوكي في السلوك البشري والذي أصبح ذا أهمية كبيرة لان الوراثة البيولوجية موجودة على المستوى البشري غير إن عملها لا ينطبق مباشرة على تلك الاستحواذات في مجال النمو العقلي الذي صنعته البشرية كشكل جديد عبر التراكم والانتقال لأنّ النشاط المميز للناس هو نشاط بناء ونّاجي .وإن مشكلة آفاق التطور العقلي للإنسان والبشرية هي وفوق كل شيء مشكلة التوزيع العادل والعقلاني لحياة المجتمع البشري وإن النقاد المحتملين لهذه الصيغة المثالية لتوازن البيولوجية والاجتماعية في النفس البشرية تحذر من اعتبارها كمشكلة لأنه لا تزال هناك وجهات النظر التي تدعي العزم القدري لنفسية الناس عن طريق الوراثة البيولوجية .
إن المشاكل المنهجية والنظرية في علم النفس قد تؤدي إلى استنتاجات إيديولوجية وسياسية رجعية لإنها تُستخدم لتبرير حرمة المجتمع الطبقي وحتمية التناقضات العرقية والمحلية وتقسيم الناس إلى طبقات عليا ودنيا وتبرير لمزاعم بعض الدول للهيمنة على العالم وهناك من يعتبر إن نهج البيولوجيا يحل أساسا المشكلة البيولوجية والاجتماعية في الإنسان ويُشار إلى هذه البيانات المجزأة على أنها دعوة للاستيلاء على الفكر غير المكتمل لأسلافنا حول آلية التوازن البيولوجي والاجتماعي, وقد يتميز العالم بهيمنة فلسفة مذهب المتعة في تنمية المجتمع إذ أصبحت الملذات والمتع الفيزيولوجية هي هدف الحياة ولقد انتشر هذا النوع من الفلسفة إلى العمليات الاجتماعية بما في ذلك السياسة حيث الابتزاز والتهديد والعنف والقتل التعاقبي، حتى إنها أصبحت أدوات متساوية تقريباً للحوار السياسي الزائف في السياستين الداخلية والخارجية ويصدها المجتمع الذي يعتبرها “عملاً قذراً”. كما إن السياسة غير الكاملة والتي تعد انها متعة للتسلسل المنطقي والرياضي المتعدد المسارات استناداً إلى أحدث إنجازات الفكر الفلسفي والثقافي تظهر فيها الهيمنة الفسيولوجية على الاجتماعية في علم النفس السياسي كما تتضح العلاقة بين الاجتماعية والبيولوجية في النفس البشرية متعددة الأبعاد ومتعددة المستويات وديناميكية مما يجعل من الممكن مناقشة النموذج النفسي-السياسي لنقل شخص من الفسيولوجية إلى الاجتماعية.
إن فهم الكيفية التي تغير بها العولمة التوازن الفيزيولوجي والبيولوجي والاجتماعي في علم النفس السياسي الإنساني لا يمكن تحقيقه إلا في ظل نظام قابل للمقارنة في شدته وإضفاء الطابع الرسمي عليه مع نظام العولمة نفسه وإن كل اتجاه لها هو في الاصل يستهدف تغيير البنية المحددة للنفسية البشرية، وان تغيير التوازن الاجتماعي يحتاج لدوافع التغيير في الهوية وفي الحالة النفسية للشخص وتغيير الدولة بشكل خاص لأساليب الإنسان للتفاعل معه في العثور على معنى الحياة وتبلور قيمته كوسيلة بناءة لتشكيل صورة العالم السياسي المرتجى. وهنا نبين انه لا يمكن تحقيق مرحلة واحدة من التغيير من خلال القفز فوق واحدة من المراحل أو فوق كل المراحل السابقة لأنه وفي غياب الحاجات لا يمكن أن يكون هناك المزيد من النجاح بالإضافة إلى ذلك تؤدي التغييرات لكل شخص إلى تغييرات مماثلة ولكن ليست متطابقة في كل مستوى ولذلك فأن الشخص قد يتعرض للعديد من العوامل التي توازن بين الحاجات الفسيولوجية والاجتماعية في روحه النفسية بحيث يصبح الناس مختلفين تماماً عن بعضهم البعض.
كما إن الامل والهدف المقترح للوصول إلى التوازن الضروري بين المستويات الدنيا والعليا من تنظيم حياة وفكر الفرد البشري لربما يصعب تحقيقه لان اقناع أو اغناء النفس البشرية أكثر صعوبة من أي شيء اخر ولقد كان القادة في العالم في جميع الأوقات تجنبوا صعوبة الموازنة السياسية بين البيولوجية والشعبية غير إن الميل إلى “تبسيط كل شيء” هو سمة مميزة للعالم الحديث لذلك فإن نظام التعليم من القمة إلى القاع هو اليوم ممثلاً ضعيفاً لمن يعلّمه ، وكيف يعلم ، وما يعلمه ، وما هي الأغراض التي يعلّمها, لدرجة انه يعلم كل شيء لكنه من دون أي معنى وغرض. ولمناقشة مشكلة التوازن في الفسيولوجية النفسية والاجتماعية والفكرية يتضح عبر السلوك البشري الذي هو بمثابة توليف حقيقي للمحتوى الاجتماعي والنشاط الفسيولوجي للكائن الحي فمناقشة شرعية ظهور السياسات الحيوية جزء لا يتجزأ من تحديث مفهوم العلوم النفسية الذي يجب أن يحدث لانه الطريقة الوحيدة للتعامل مع مشكلة الدولة الحديثة للإنسان والمجتمع, ولذا أنا أزعم أن نظام القوة في العالم أقل فعالية لأنزلاقه إلى الاحتياجات الفسيولوجية للإنسان مما دفع لتضيق السلطة بشكل كبير النطاق وافقد أدوات الإدارة مكونها الاجتماعي ولذلك فربما السبب في إن ذكر “النظام العالمي الجديد” يتزايد لدرجة انه قد يعبر حدود المجهول ولذا يتم استكمال العلوم النفسية بشكل دوري وبتوجهات جديدة لتطويرها، وعبر كل ذلك نرى إن السياسة ليس لديها حل لمشكلة التوازن بين مستويات مختلفة من التنظيم البيولوجي والاجتماعي في حياة الإنسان وتأثير هذا التوازن على علم النفس في الحالة الفسيولوجية الضخمة والمؤدية إلى مضاعفات في السلوك السياسي للشعوب.