23 ديسمبر، 2024 3:58 ص

تعقيد المعاملات وتسهيلها يعكس واقع أي مجتمع , فكلما تقدمت المجتمعات وإنتظمت في إدارتها وتحررت من الفساد بأنواعه , فأن المعاملات في دوائرها تكون سلهة وتنجز بإنسيابية ودون معوقات أو عرقلات , والعكس صحيح.
ففي المجتمعات المتأخرة تتحول المعاملة إلى إبتزاز للمواطن من قبل الموظفين في الدائرة , لشيوع الفساد والرشاوى بأنواعها , فلا توجد معايير ذات مصلحة وطنية , كأن تقطع مقدما رسوم المعاملات , وحتى إن وجدت , فالفساد يفرض البراطيل وغيرها من سلوكياته الفاعلة في الحياة.
ولهذا تجدنا في بعض المجتمعات المنكودة بالفشل الإداري , يتم قهر المواطن بالمعاملات , وإستنزاف وقته وماله , والإجتهاد بتعويق المعاملة وتعثرها حتى يتم تجفيف جيوبه , وتدميره نفسيا وتحطيمه , وربما ترويعه.
ولو إبتعدنا عن المبررات التي تستدعي هذا السلوك السيئ , ألا يحق لنا أن نتساءل هل أن الموظف مواطن لخدمة البلد أمْ عدو للمواطنين؟
ألا توجد رأفة وشفقة ورحمة في قلوب الموظفين ورؤوساء الدوائر ومدرائها؟
وبعيدا عن القوانين والضوابط , أين الأخلاق والقيم القريبة من بعض الإنسانية؟
العجيب في الأمر أن الموظف الفاسد والدائرة المتعفنة بالفساد , تجد مَن فيها يتكلمون معك على أنهم يمثلون الدين , وأنهم من عبدة الرحمن الرحيم , ودينهم جيوبهم , وسلوكهم قهر المواطنين بإسم الدين.
إن في هذا السلوك إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان وإحتقار لوجوده ودوره في الحياة , وإهدار لوقته وتعذيب مقصود لوجوده.
فإلى متى سنبقى نهين الإنسان؟
ومتى سنؤمن بأن للإنسان قيمة وحقوق؟!!