23 ديسمبر، 2024 6:47 ص

” تصحيح الخطأ بخطأ أشنع”

” تصحيح الخطأ بخطأ أشنع”

من يحرق غابة لماذا يذم من يقطع شجرة !
ومن يغطس في الوحل لماذا يسخر من غاطس في ماء آسن !
يكون الكلام عن حالة واقعية معينة طريقة مثلى لبيان بعض الحقائق أو الأفكار التي قد لاتتضح بطريقة الإجمال والتعميم ، رغم أنها حقائق أو أفكار واضحة بديهية لا اختلاف عليها لولا الواقع الخادع المضلل ومفرداته الخادعة المضللة!
الحالة الواقعية قد تتمثل في أستاذ جامعي ، دكتور! ينتقد ساخرا سخرية مقرفة فاشلة، أشخاصا يجهلون مثلا ، بعض الأمور المعرفية في مجالات تخصصهم ، وهي أمور غير ضرورية وفق العقائد أو القيم أو حتى الواقعية المعاشية التي يشترك فيها معهم !
متجاهلا أو متغافلا عن جهل وجبنٍ واقعي، أخطاء هؤلاء الكبيرة المدمرة في العقائد التي يشتركون في الإيمان بها والحياة التي يعيشونها معا ويعانون ويلاتها ويبحثون لها عن حلول ! حيث الجميع همهم الأكبر هو العقيدة والحياة، كما يعرفون ويعترفون ويظهرون ويفتخرون!
وهو أخيرا أو عميقا، يسخر من حالة واقعية خاطئة بسيطة ويريد تصحيحها بحالة واقعية أتعس ، ثم يتوهم بمقارنة جاهلة حمقاء أن حالته الأتعس هي الحالة الصحيحة المثلى ، والمقياس!
ولما كانت هذه الحالة الواقعية البائسة حالة تواصلية فيسبوكية أيضا، شاركت أو تشارك فيها إعجابات أو تعليقات أو أصحاب تعليقات مؤيدة مناصرة أو متوددة متزلفة !ساخرة أو ضاحكة !
فنكون بذلك إزاء ظاهرة معرفية واخلاقية عامة منتشرة وراسخة في واقعنا هي ظاهرة تصحيح الخطأ بالخطأ أو بخطأ أشنع!
مع يأس متفق عليه يحول الحالة إلى ترفيه عن النفس ونكتة لإضحاك الآخرين حيث لا تتوفر حكمة أو شجاعة أو صفات اخرى تكفي لأكثر من هذا!
أو تتمثل الحالة في استاذ جامعي دكتور فيلسوف ! يكتب في موضوعات فكرية وفلسفية وسياسية ، يرتاح لمن يتفق معه ويرسل اليه طلبات صداقة مثلا ، وينزعج ممن يخالفه!
ينتقد غيره انتقادا شنيعا ، وينتقد من لايعطون حلولا واقعية لمشاكل الواقع ، وهو منهم !
يكتب بأسلوب غير فصيح وغير مبين ، مستعملا عبارات ركيكة ، ويتهم من يعترض عليه ، أنه لا يفهم وأنه دون المستوى!
ينتقد الإسلاميين مثلا ، ويجهل أو يتجاهل أن ثمة مسلمين كثيرين يعرفون أخطاء الإسلاميين وصواباتهم أكثر منه وأعمق منه!
يمارس العلمانية والإلحاد بشكل خجول مرتبك وينتقد الدكتاتورية بشكل نظري ساذج وخالط ، ويمارس عنجهية فيسبوكية فاشلة !
كل هذه الحالات الواقعية المنتشرة والراسخة في واقعنا، تنتظم تحت ظاهرة عامة أو قاعدة عامة يمكن التعبير عنها بعناوين شتى : مثل التناقض و تصحيح الخطأ بالخطأ وغيرهما ؛ وهي ولابد عناوين ترجع إلى عنوان أصلي واحد هو الجهل بقسميه المعرفي والأخلاقي!