18 ديسمبر، 2024 11:15 م

تساؤلات حائرة حول قصة كسر ضلع الزهراء

تساؤلات حائرة حول قصة كسر ضلع الزهراء

تشتهر بين قطاع واسع من الناس قصة تاريخية غريبة عجيبة ملخصها: أنه بعد ان غَصب الصحابة الخلافة من سيدنا علي بن ابي طالب وسلموها لأبي بكر الصديق، فإنهم بعثوا إلى علي ليبايع. وكان علي قد تجمّع مع مؤيدين له في بيت فاطمة رافضا المبايعة ، فأرسل ابو بكر سيدنا عمر مع آخرين لجلبهم بالقوة والتهديد بإحراق البيت فاقتحموا البيت وضربوا سيدتنا الزهراء وعصرها عمر خلف الباب مما أدّى إلى كسر ضلعها وإسقاط جنينها (محسن) وماتت بعدها بفترة لانها مرضت بسبب هذه الحادثة. وقادوا عليًا كالفحل المخشوش (الجمل المقاد صاغرًا) ليبايع الخليفة .
القصة لها روايات متعددة وتفصيلات متنوعة ومختلفة. ولن اناقش هنا سندها المتهالك، وإنما أطرح تساؤلات للتأمل في عدم تماسك هذه القصة. فهي بكامل تفصيلاتها وحيثياتها وتنوع مضامينها مما لا تستسيغها العقول ولا يقبلها المنطق ومخالفة لطبيعة ألأحوال في ذلك الزمن، وهي تسيء لبني هاشم بشكل عام، وتسيء الى علي وفاطمة (رضي الله عنهما وارضاهما) على وجه خاص. وتثير حولها كمّاً هائلا من الأسئلة وألإشكالات المبهمة واللامعقولة ، وطرح إي سؤال من هذه ألأسئلة أو ألإشكالات، يكفي لأثبات الشك في صحتها، بل وإبطالها بالكامل.
ودعونا نستعرض بعض هذه ألأسئلة والإشكالات:
1- كيف يمكن لأشجع الشجعان وفارس الفرسان ومجندل الأبطال أن لا يقاوم من جاءوا لإقتياده، ولا يدافع عن نفسه وأهل بيته، ويرضى أن يقاد كما يقاد الجمل دون ان ينهض شاهرا سيفه أزاء صائل يهاجم بيته ويهدد بإحراقة وفيه عرضه (الزهراء البتول وأبناءه)؟ هذه قطعاً ليست هي شخصية علي -التي تعيش في ضمير كل مسلم- والتي تتصف بالشجاعة والشهامة وألإقدام !؟.
2- ألا يعتبر السكوت في مثل هذه المواقف (حاشاه) عجز وجبن وقلة غيرة وقلة شهامة؟ وهل الموقف هذا يتناسب مع وصايا النبي(صلى الله عليه وسلم) في حق الدفاع عن النفس والمال والعرض والدين: من مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد؟.
3- كيف يترك علي فاطمة ذات الخدر (أي ذات الستر) لتفتح الباب للقادمين ويجلس هو منزويا في جوف البيت، هل هذه شيم الرجولة؟ هل هي من تحميه؟ أم هو من يحميها ويدافع عنها؟ ثم لماذا هي التي تفتح الباب وعندها خادمتها فضة؟.
4- أين كان فخر الغزوات والمعارك (ذو الفقار)، سيف علي البتار حين دخل المقتحمون البيت؟. لماذا نحّاه جانبًا ولم يخرجه من غمده؟ وهو ليس وحيدا وإنما له ظهر يحميه من عشيرة وانصار.
5- لنفترض: إنّ اناسا جاءوا ليعتقلوا عليًا، وينادوا عليه للخروج ، ويهددوا بحرق البيت عليه ، ألا يطلب من زوجه الابتعاد عن الباب، أو حتى يأمرها بمغادرة البيت مع اطفالها حفاظًا على سلامتهم؟.
6- أين بنو هاشم بن عبد مناف وخاصة بنو عبد المطلب؟، اين كان آل العباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب، وهم عصبة الشرف في قريش وفي المهاجرين وألانصار، (سواء أكانوا وقتها في البيت وفق بعض الروايات أم لم يكونوا) كيف سكتوا على الظلم وهم العرب الاقحاح الذين لا يرضون بالضيم وزادهم ألإيمان بالإسلام عزة وكرامة؟، هل علموا بما حدث لأخيهم وإبن أخيهم وإبن عمهم وزوجته البتول، ولم يهبوا للنجدة وأخذ الحق كما تقتضي ألأعراف؟، أم إن ألأمر لا يعنيهم؟.
7- بنو هاشم الذين ينتمي اليهم علي بن أبي طالب، هم ألأكثر هيبة وعزة وقوة في قريش، لا يمكن قطعا ان يهابوا (بني عدي) الذي ينتمي اليهم عمر بن الخطاب ألأقل شأنا ومهابة من بني هاشم؟. فإن كانت هذه الواقعة قد حدثت فعلًا، فلماذا لم ينهض بني هاشم ويؤدوا واجبهم الشرعي والادبي في نصرة الحق وتأديب المعتدي؟.
8- ترى هل اصدر علي بن أبي طالب أمرا لهم بعدم التدخل في شؤونه الخاصة؟ ولا حتى المطالبة بالقصاص ودفع دية (الجنين السقط) حسب ألأعراف السائدة وحسب الشريعة الإسلامية التي يتحاكم اليها الناس يومذاك؟.
9- كان مناصرو علي مجتمعين في بيت فاطمة (كمجموعة متمردة على البيعة والخلافة) أمثال طلحة والزبير والعباس وغيرهم ، فلماذا لم يردعوا المقتحمين ويصدوهم، أو يحاججوهم على أقل تقدير؟. اين النخوة والنصرة في هذا الإجتماع؟. لماذا استسلموا لمجرد سماع صوت عمر بالتهديد؟. وكيف سارت الأمور معهم بعد ذلك؟. وواضح تأريخياً انهم كلهم قد بايع الخليفة الجديد. أتُراهم بايعوا راضين أم مكرهين؟.
10- انصار علي أمثال عمار بن ياسر وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسعد بن ابي وقاص وغيرهم لماذا لم ينقل عنهم لا فعل ولا رد فعل ولا ذكروا خبراً في هذه القضية أم أن ألأمر لا يعنيهم؟. وهل كانوا ساعتها في بيت فاطمة مع ألآخرين؟. وإن لم يكونوا فما دورهم وقد وصلتهم أنباء الإقتحام؟.
11- هل سيرضى رسول الله لو كان حيًا على مافعله علي من عدم الدفاع عن ابنة الرسول التي استأمنها عنده، فتركها علي (للاعداء!) يضربوها ويكسروا ضلعها ويسقطوا جنينها!؟ إذا كنت أنا وأنت سيدي ألقارئ الكريم لانرضى بمثل هذا لأزواجنا بل ولا يرضاه احد من المسلمين لأهله، فكيف سيرضاه رسول الله لحبيبته فاطمة!!. الا تستدعي المروءة والشهامة ان يضحي الانسان بنفسه من اجل زوجه وعرضه، فكيف لا يضحى علي (رضي الله عنه) من اجل الطاهرة الزهراء ابنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
إن قيل ان علي ( ضي الله عنه وارضاه) فعل ذلك بحجة التضحية من اجل الاسلام، فالحجة هنا باطلة لأن هذا تضحية بالإسلام لا من أجل ألإسلام، فإن إدعي مدعي ان عنده وصية من النبي بعدم منازعة الأخرين في الخلافة!. حسنًا، سلمنا جدلًا: ولكن ليس هنالك وصية بعدم الدفاع عن أهل بيته، عن إبنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمطالبة بحقها
12- لما دخلوا البيت، من الطبيعي ان يهجموا على الغرفة التي كان ينزوي فيها علي ليعتقلوه فهو المقصود. فلماذا هجموا على الزهراء!، وهي لم تكن هدفًا لهم؟. هذا فعل غير مبرر. وهنا علينا أن نتساءل: إذًا لابد أن تكون هنالك أوليات سابقة تستدعي هذا الهجوم ؟. ترى ماهي الأحداث والوقائع المتعلقة بالزهراء والتي جرت قبل حادثة الضرب المزعومة التي تبرر إعتداء وهجوم عمر وأصحابه على فاطمة الزهراء؟. فالاعتداء نتيجة ولا بد أن يكون له سوابق سبقته وأدت اليه.
التاريخ قطعًا لا يتحدث عن أي حوادث مشينة سابقة صادرة من الصحابة تجاه الزهراء البتة، سوى الإحترام والمحبة والتوقير. وبالتالي فهذا يعني أن الإعتداء غير حاصل في ظل الثابت المؤكد من حب الصحابة لنبيهم وريحانته فاطمة الزهراء (رضي الله عنها).
13- وردت هذه القصة بعشرات الروايات المختلفة والمتناقضة والمتعارضة. ووجود هذا الاختلاف كاف لرد كل تلك الروايات، إذ أنها لا تتوافر على شروط المحدثين والمحققين في قبول الرواية وتصحيحها. وادرج هنا بعض ألأمثلة عن التعارض والتناقض والإختلاف في الروايات: (ليس في الدار إلا علي وفاطمة والحسن والحسين…علي ومعه العباس وطلحة والزبير و…) (الزبير خرج الى عمر… عمر دخل فأخرج الزبير) (عمر ضرب الزهراء على بطنها فأسقطت … قنبر ضربها ودفعها فأسقطت) (عصرها خالد بن الوليد، فأسقطت محسنا) (الزهراء ضُربت بالسوط فأجهضت…ضُغطت بالباب على بطنها فأجهضت) ( قال الحسن للمغيرة بن شعبة : أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله حتى أدميتها، وألقت ما في بطنها) (ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء ليلاً وأدخل مسماراً في الباب وفي الصباح قرع الباب وصفقه على الزهراء فدخل المسمار في صدرها فكسر ضلعها وأسقط جنينها) (ان عمر رفسها وهي عائدة من ابي بكر تحمل منه كتاب بإعادة فدك اليها ورفضت ان تسلمه له فأسقطت) (أن قنفذا مولى عمر لكزھا بنعل السیف بأمره -أي بأمر عمر- ، فأسقطت) سبب وفاة الزھراء رضي الله عنھا ھو المرض إذ ( لم تزل بعد وفاة أبیھا صلى الله علیه وآله مھمومة مغمومة، محزونة مكروبة ً)، (مكثت أربعین لیلة في مرضھا إلى أن توفیت) ( مكثت ستة أشهر ثم توفيت) ( رأى علي الدخان قد دخل عليه بيته…ألنار تسعر…انهم همّوا بحرقه) هذا غيض من فيض من التناقض وألإختلاف، إذ لا تكاد الروايات العديدة ترسوا على شيء واحد. . فالرواية ساقطة ويجب تنحيتها بعيدًا عن الكتب وألعقول.
14- التاريخ يقول أنه في ذلك الوقت لم تكن ألأبواب في العادة من الخشب وانما تسدل عليها من الستائر، فكان باب بيت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وباب بيت علي من الستائر، ووظيفة الباب آنذاك الستر فقط وليس الحماية، فكيف يُضغط الباب ويدخل المسمار في جسد الطاهرة الزهراء؟ لا بد ان الذي اخترع هذه القصة ابتدعها من بيئته وزمنه البعيد عن زمن الصحابة. زمن اعتاد الناس فيه على استعمال ابواب الخشب. وهنا يصح ما رشح من التحقيق التاريخي من ان هذه القصة أسطورة اختلقت في القرن الرابع الهجري وتلقفها بعض الوضاعين ليطوروها ويروجوها ولتنتشر عبر الزمن الى وقتنا الحاضر حيث يتفنن خطباء المنابر والشعراء في صياغتها والقائها لإثارة العواطف ودغدغة المشاعر فيها من على المنابر الحسينية.
15- هل من الحكمة والعقل أن امرأة ضربت وكسر ضلعها وسقط جنينها ولم يراع لها حرمة، وزوجها خائف منَ (الظلمة!)، ولم تجد الناصر والمعين عليهم. ومع ذلك تذهب إليهم لتطالبهم بميراث فدك؟ هل يعقل هذا؟ فبماذا تتوقع هذه المرأة أن يجيبوها هذه المرة بغير الرفض؟؟. اليس ألأولى (إن ذهبت اليهم) ان تشكوا ألإعتداء عليها وإصابتها، لا أن تطالب بميراث فدك.
16- هل من المنطق والعقل أن يدع أمير المؤمنين بعد كل ماجرى (من اقتحام وتقييد وتهديد بحرق البيت وضرب للزوجة واسقاط لجنينها، وهي على هذه الحالة من الإنهاك)، أن يدعها تذهب وحيدة الى ابي بكر للمطالبة بحقها في ميراث فدك؟. كيف تحاملت على نفسها وجراحها وكرامتها بعد كل ماجرى لها وتذهب الى من (ظلمها!) من اجل قضية مالية ليست ملحّة ولا فورية، قضية يمكن أن تُرجأ المطالبة بها الى وقت آخر تكون الظروف فيه متاحة ومواتية للمطالبة بالحق؟؟.
17- هل من المنطق ان إمرأة اعتدي عليها في بيتها وسالت دمائها وكسر ضلعها واسقط جنينها ومنهكة ومتعبة ، أن تنهض ولمّا تتعافى بعد، وتخطب في المهاجرين والانصار بما يسمى بـ (الخطبة الفدكية) ثم تخاطب نساء المهاجرين والانصار فتشكوا أمرين إثنين فقط هما: (غصب فدك) و (حق علي في الخلافة). ثم لا كلام بعد ذلك ولا إشارة عن الاعتداء عليها بالضرب وسقوط الجنين وكسر الضلع وألإقتحام وحرق البيت والمرض!، وكأن مايشغل بال الزهراء يوم ذاك هو المال والميراث، والدفاع عن علي الذي لا يستطيع الدفاع والتعبيرعن نفسه!، اليس في ذلك إهانة للزهراء وإهانة لعلي ، واظهارهما وكأنهما حريصان على الدنيا ومتاعها ؟.
18- لماذا لم يسع علي (رضي الله عنه) الحديث والتفاهم والحوار مع الصحابة والقيادة الجديدة عندما اقتيد للمبايعة، حيث تكون الفرصة أكبر ليسمع الجميع حججه إن كانت لديه حجج مقبولة فينحاز اليه من ينحاز؟.
19- روايات تقول ان بيت علي ملاصق للمسجد ولبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وان بابه كان الى داخل المسجد (حسنًا) . فكيف يحرقون هذا الباب وهذا البيت، الا يعني هذا انهم ان أحرقوا الباب أو البيت انما يحرقون مسجدهم الذي يجتمعون ويصلون فيه، والذي يطلبون حضور على فيه ليبايع، فكيف يستقيم ذلك؟.
20- سلمنا جدلًا ان هنالك جنين (سقط) اسمه (محسن) فهو حفيد النبي (صلى الله عليه وسلم) ومن أهل بيته. وألسؤل ألتالي لهذا ألإفتراض هو: هل تحققت نبوءة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لفاطمة بأنها أول أهله لحوقًا به كما اخبرها في مرض موته؟. هل ستكون هذه النبوءة صحيحة؟. الجواب ببساطة: بالتاكيد لا.
فموت محسن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يتعارض مع هذه النبوءة لان (محسن) سيكون هو اول من لحق برسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد وفاته وليست ابنته فاطمة (رضى الله عنها). وأتصور انك متفق تمامًا انه لا مجال للتشكيك في صحة حديث ان فاطمة اول اهله لحوقًا به. وعليه وبكل اطمئنان يمكن الجزم أن (محسنًا) لم يمت لأنه في الحقيقة لا وجود له على الواقع . وبعبارة أخرى ان أحد الخبرين كذب: (خبر النبوءة) أو (خبر الجنين محسن). وخبر نبوءة رسول الله لا يمكن أن يتخلف.
21- أن قضية ضرب الزهراء (رضي الله عنها) بلطم وجهها وضربها بالسوط ورفسها في بطنها او دخول المسمار في صدرها، مما لا يقبله عقل عاقل مطلع على تاريخ تلك الحقبة، لأن تقاليد العرب يوم ذاك (ومن مكارم ألأخلاق قبل ألإسلام) كانت تمنع ضرب المرأة. حيث أن ضرب الرجل (ذو المكانة والمركز) للمرأة مما تأنف منه العرب ويعتبر بمثابة عار يلحق الشخص في حياته ويمتد من بعده لعقبه من ألابناء والاحفاد. لذا كانوا حذرين من هذه الناحية، وأن الاسلام أقر ذلك. فكيف يتجرأ أحد والمرأة ألتي يُتهمون بضربها هي بنت سيدهم ونبيهم (صلى الله عليه وسلم) الحبيبة المحترمة المبجلة من الجميع.
22- ان كان علي (رضي الله عنه) عاجزا يوم ان ضُربت زوجه!!، لماذا لم يعلن هذا الاعتداء ويتحدث عنه في خطبه، او يثأر لكرامته وعرضه حين تولى الخلافة واصبحت مقاليد السلطة بيده؟.
23- لماذ لم يذكر ولديه الحسن والحسين (سيدا شباب اهل الجنة) هذا الامر فيما بعد وقد اصبح لهما شأنهما السامي والمرموق في المجتمع والدولة، ويفترض انهما شاهدا الواقعة في صباهما وأثرت في نفسيهما؟.
24- اين الدليل العلمي الصحيح بالسند الخالي من العلة وفق موازين المحدثين والمحققين على هذه الحادثة؟ اين ومتى ذَكرت فاطمة (صاحبة الشأن في الحادثة) هذا ألإعتداء؟ ومن تُراها حدثت به؟. أين ذَكر ذلك علي بن أبي طالب صاحب الشأن في الحادثة؟ اين ذُكر ذلك في اي مرجع او اي كتاب موثوق؟ وكل الكتب والمراجع تنقل عن كتاب سُليم بن قيس الهلالي وهو كتاب منسوب اليه وملئ بالتدليس والكذب ولا يعتد به. اخبرونا يرحمكم الله. هل من دليل واحد صحيح لإثبات الواقعة؟. هيهات .. هيهات.
25- لماذا استمرت الالفة والمحبة والاستشارة بين علي وعمر ولماذا بقي علي مجاهدا تحت لواء ابي بكر وعمر؟ مقتديا بهما في كل صلاة في المسجد النبوي، بل اكثر من ذلك فعلي بن ابي طالب هو أول قرشي يسمي ابناءه ابو بكر وعمر وعثمان ! الا يسمي الانسان ابناءه باحب الاسماء اليه؟ ام انه كان مرغما على ذلك؟.
26- لا جدال في ان علماء السنة انكروا وقوع هذه القصة بالكامل، فان ذكرت في مصادرهم فعلى سبيل الرد عليها وتكذيبها، او ذكروها نقلا عمن رواها من باب التعريف بالراوي غير الثقة الذي يروي احاديث غير صحيحة، او ذكروها في كتب الموضوعات والمتروكات.
27- كما أن جمهرة من علماء الشيعة في القديم والحديث ينكرونها كذلك من امثال: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، السيد عبد الحسين شرف الدين، آية الله العظمى محمد حسين فضل الله، الإمام الشيخ حسين المؤيد (تحوّل لاحقًا الى مذهب اهل السنة)، الباحث أحمد الكاتب، الباحث أحمد القبانجي، السيد محمد الحسيني ،السيد نجيب نور الدين، المحقق الكركي، الشهيد القاضي التستري، الحرّ العاملي‏، العلامة المجلسي، أبو الحسن الفتوني، الشيخ جعفر كاشف الغطاء، السيِّد عبداللَّه شبر، السيد محمَّد قلي الموسوي، آية اللَّه محمد حسن المظفر، الشهيد محمد باقر الصدر، الشيخ جعفر الشاخوري البحراني، الميرزا محسن الفضلي، السيد هاشم معروف الحسني، السيد الخوئي، السيد المحقق محسن الأمين، المحقق هاشم معروف، وغيرهم.
28- القصة لا تنال من شجاعة وشهامة علي بن أبي طالب فقط، وإنما تنال كذلك من أهليته للخلافة، إذ الخليفة ينبغي أن يكون صاحب سجل نظيف وأهلًا للمواقف الصعبة، ومن الطبيعي ان يُبحث في سجل الرجل حين يتولى المناصب المهمة في الدولة لمعرفة أهليته للمنصب. وبالنسبة لعلي (رضي الله عنه) فقد حارب الخوارج وناصبوه العداء وحارب غيرهم، ماذا لو انهم، أو واحدًا من الرعية إحتج عليه وقال له: لست اهلا للبيعة ولا ان تكون اميرا للمؤمنين فانك لم تستطع الدفاع عن بيتك وعرضك فكيف ستدافع عنا؟. كيف سيكون الجواب؟!. ألا تتفق معي أن الامر بالغ الخطورة إن قيل أنه ليس اهلًا للخلافة وإمارة المؤمنين؟.
28 – لماذا حُولت هذه القصة من قصة تاريخية الى قضية عقدية في المفاهيم الشيعية؟. ولماذا يواصل المعممون والشعراء والقصخونية تكرار هذه القصة الإسطورة، والتلاعب بعواطف الجماهير واستدرار دمعهم والهاب مشاعرهم على وهم تاريخي؟. القضية لاتبعد أن تكون عملية شحن عاطفي سلبي للمستمعين، مما تولد آثارًا لا تحمد عقباها على الواقع وعلى النسيج الإجتماعي للمجتمعات المسلمة.
30- حسنَا سلمنا جدلًا، أن الحادثة المزعومة حصلت. فكيف يتواطئ علي مع عمر ويزوجه ابنة الزهراء (أم كلثوم)؟. ولك هنا أن تتسائل كما تسائل الشيخ عثمان الخميس (حفظه الله) من باب الجدال اسئلة هزلية وليست جادّة وللنقاش فقط:
هل كان علي يريد معاقبة فاطمة لرفضها زواجه من ابنة ابي جهل؟. (نعوذ بالله من أن نقول هذا الهراء. ولكن تماشيا مع المرويات). هل تآمر علي (حاشاه) على الزهراء بأن يعتدي عليها عمر دون أن يحرك هو ساكنا في البيت؟. فحدث ألإعتداء. هل اراد (علي) تكريم (عمر) بهذا الزواج من إبنة الزهراء على فعلته؟. وهل بادله عمر الود فجعله مستشاره وأن يكون احد المرشحين للخلافة من بعده؟. وهل كان عليا ممتنا من عمر فسمى احد ابناءه عمر؟.
أم لا هذا ولا ذاك. ولكن فقد علي الشجاعة (حاشاه) ففرط في امها من قبل وهو يفرط في ابنتها من بعدها؟. اسئلة واشكالات عديدة توقعون انفسكم بها وتطعنون بها خيرأمة محمد (صلى الله عليه وسلم) حين تتقبلون هذه القصة. مالكم كيف تحكمون؟!!. وليس لنا الا ان نقول: (حاشا فاطمة وعلي وعمر من الخيانة والتآمر وسوء الخلق، فهم مصابيح هدى ونور رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، والحقنا بهم في عليين).
أمّا الزعم: ان الزواج تم بالاكراه، “ذلك فرج غصبناه!!” فهذه اهانة اخرى وعار بحق علي أكبر من إسقاط الجنين. فلماذا يستبيح (من يردد هذه القصة من على المنابر) إهانة أمير المؤمنين بهذا الشكل المزري؟
والخلاصة: إنها قصة وهمية لا اصل لها، تسيء للبيت الهاشمي بقدر ما تسيء لبقية الصحابة وتتهمهم بإتهامات باطلة (حاشاهم)، فابحث عن المستفيد من تشويه عظماء ديننا وتأريخنا لتعلم السبب وراء نشرها؟. انها قصة واحدة من كثير غيرها مبثوثة في الكتب وعلى السنة خطباء المنابر، قصة لا تستقيم لا عقلا ولا نقلا ولا تأريخا.
التاريخ الصحيح المحقق لا يشير الى ان هنالك جنين سقط، وضلع كسر، وبيت حرق، وليس هنالك دور لعمر او قنبر اوغيرهما، لا تخطيطًا ولا أمرًا ولا تنفيذًا، فهي خرافة نمت وانتشرت في القرن الرابع الهجري وما تلاه الى يومنا الحاضر.