عندما يكون الحُكم هو الغاية الوحيدة، يتوقع أن ترى الدين والشرف والمبادئ، مَعروضة للبيع في سوق النخاسة.
تجارب آل سعود مع التلاعب بالدين عديدة، سِعر الفتوى بات رخيصاً، في ضل نظام قائم على أساس البِدع، لضمان أستحصال الولاء الشعبي المُطلق، فمن يُعارض آل سعود يُعارض الخالق، هكذا يُصور الأمر دينهم الجديد!
أجراء جديد، نوعي ومميز، قام به نظام آل سعود تناولته وسائل الإعلام الموالية والداعمة لهم؛ بأنه إصلاح مُهم في المسيرة الديمقراطية للمملكة!
السماح للمرأة السعودية لأول مرة بالترشح والأنتخاب؛ في الأنتخابات البلدية السعودية، هذا القرار الجريء الذي أقره النظام السعودي، ليأخذ الإعلام الداعم دوره في التطبيل كعادته..
حقائق لا تغيب عن الرأي العام العالمي، الذي ضل متفاجئاً من قرار آل سعود، في وقت يحكمون به بالنار والحديد، ومُحاربة الرأي والمرأة، ففي السعودية تُعتبر المرأة مواطناً مِن الدرجة الألف، نظراً للتشدد الديني الذي يفرضه شيوخ القصور.
هذه الكذبة الكبيرة لا تنطلي على الباحثين عن الأمر، أسبابه ونتائجه، خصوصاً التوقيت الذي جاء فيه هذا القرار!
يتعرض نظام آل سعود، إلى أنتقادات لاذعة من قبل منظمات حقوق الأنسان، بعد سكوتٍ طويل على أنتهاكات النظام، تزايدت هذه الأنتقادات بصورة كبيرة في العقدين الأخيرين، نتيجة الضغط الشعبي على الدول الداعمة لآل سعود، أضافة إلى التشكيك الدولي بديمقراطية النظام السعودي، الأمر الذي دفع النظام؛ إلى أتخاذ أجراءات تلّين الموقف الدولي، وتشوش على الرأي العام العالمي.
جاء في تقرير منظمة العفو الدولية لعام ٢٠١٤/١٥، ما نصه: ( قيدت الحكومة بشدة حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وحرية التجمع، وشنت حملة ضارية على من يطرحون أراء مخالفة لسياستها، واعتقلت وسجنت منتقديها، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان، وأدين العديد من الأشخاص في محاكمات جائرة، لم تحترم الإجراءات القانونية الواجبة).
كذلك؛ أنتقد “جو ستورك” نائب الرئيس التنفيذي لقسم الشرق الأوسط، في منظمة حقوق الأنسان “هيومن رايتس ووتش”، في تقريره عام ٢٠١٤، الحكومة السعودية وأسلوب أدارتها، حيثُ ذكر وقائعاً مؤرخة عن أنتهاكات حقوق الأنسان في المملكة، أهمها:
(سيطرة المتشددين على التعليم والقضاء، وتعيين رؤساء الصُحف من قبل وزارة الأعلام الحكومية، وأعتقال عشرات المواطنين الشيعة بشكل تعسفي، وسجن ناشطين مدنيين لعدة سنوات بدون توجيه تُهم).
هذا الضغط الدولي، واجهته السعودية بأجراءات صورية، لا تؤثر في واقع المُشكلة، وكونها؛ تَتبجح بدعم الديمقراطية في العالم العربي، أختارت أسهل الطرق لتبين للعالم نظام حكمها الديمقراطي، وهذه المرة أختارت اللعب بورقة نساء المملكة!
فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك؛ (حُرمة مشاركة المرأة وحرمة أنتخابها)، لم تكن جديدة على واقع السعودية، فالمجتمع هناك حارب المرأة على مدى مائة عام، في ضل حكم آل سعود، وبقي شيوخ المنابر معَ المناهج التعليمية، يعتبرون المرأة “أثم عظيم” بسبب “خبث طويتها”، كما جاء في فتوى عثمان الخميس وسعد الغامدي، والخاصة بتحريم “الأنترنت” على النساء!
هذا التحول السريع لانصاف المرأة، لا يمكن أخذه بحسن نية، مع تصاعد تعنيف وأهمال المرأة؛ فقد ذكرت وزارة التخطيط عدد العوانس في المجتمع السعودي، وصلَ إلى مراحل خطرة، فقد بلغَ أربعة ملايين عانس، بعد أن كان مليون ونصف عام ٢٠١٠، فيما سببت الأمر بتصاعد البطالة، وازدياد حالات الزواج بأجنبيات!
عزوف الشباب السعودي للزواج بسعوديات؛ يُبرره وجود تلكَ المناهج التعليمية التي تطعن بالمرأة، وتعتبرها حلقة زائدة في المجتمع، تقتصر وظيفتها على أسعاد الذكر، وهذا يدعمه تصريح وزارة العدل حول الطلاق؛ فقد جاء في بيانهم في حزيران ٢٠١٥، أن حالات الطلاق باتت تفوق حالات الزواج!
مما ذُكر؛ يتضح أن النظام السعودي؛ لعب لعبته الكبيرة والأسهل بأستغلال المراة، فهو لم يُحرك ساكناً تجاه سبعين ألف سجين سياسي، وألاف المعتقلين بدون تُهم، كذلك لم ينصف الأقليات في المملكة، ولم يسمح بحرية الأعلام والرأي، وأقتص من معارضيه.
هذه المسرحية بأختصار هي لتهدئة الرأي العام، وخسارتها قليلة جداً، بحيث تم انتخاب ١٪ نساء من مجموع المجالس البلدية، التي يقتصر دورها على تأييد أمير المنطقة “المُعين” من قبل الملك؛ ولو كان النظام جاداً، لسمح بوجود مرأة واحدة في هيئة البيعة، التي تتولى أنتخاب الملك وولي العهد، وتقتصر على أبناء الملك المؤسس!
الدكتاتورية في السعودية؛ لا يمكن تغطيتها بهذه المحاولات الرخيصة، التي تستخدم المرأة هذه المرة في تلاعبها، بعد ان تلاعبت بالدين وخلقت مجتمعات متشددة، وعاجلاً سينكشف للعالم زيفَ وضحالة هذه اللعبة، حينها لا نعرف بماذا ستتاجر السعودية؟!