23 ديسمبر، 2024 5:11 ص

بين جدلية الدين ..وجدلية العقل ..ضاع الانسان العربي؟

بين جدلية الدين ..وجدلية العقل ..ضاع الانسان العربي؟

الجدلية لغةً هي: الفلسفة والتصوف..وفي المصطلح الحديث هي الديالكتيكية المقرونة باستعمال تيارين يمثلان فلسفتين متعارضتين كما في فلسفة هيكل المثالية ..وفلسفة ماركس المادية..وهي عملية فكرية منطقية تنتقل من المحسوس الى المعقول..وجادلهم بالتي هي احسن..فكرتان متناقضتان يصح احداهما على الاخر بالمنطق ..أي الحجة بالدليل. “المعاجم العربية”..
بين العقل الديني المتزمت الذي لا يقبل تآويل النص..وبين عقلية التقدم التي تنادي بتقبل تأويل النص وفق الصيرورة الزمنية جدلية…هي جدلية الفكر لاستنباط الحقيقة..وهنا صراعنا ومقتلنا بين التخلف والتقدم ..فكيف السبيل لأجتيازه ؟
النص الديني لم يكن منغلقا..”قل سيروا في الأرض وانظروا كيف بدأ الخلق” لكن
غلق باب الاجتهاد في الاسلام ومنع حرية النقد الديني – الذي هو اساس كل نقد- له الاثر الاول في غلق عقلية التقدم عند المسلمين لأبقاء القديم على قدمه..بعد ان اتهم كل من يتطرق للموضوع بايجابية النص بالاحادية والهرطقة خشية من ان يدرس النص دراسة نقدية مخالفة لرأيهم الجامد في التفسير..كنظرية فصل الدين عن السياسة ..او تقليل من دور الشريعة في قوانين الدولة..والشريعة لا تصلح لتطور حكم الدولة عبر السنين.وهكذا عومل علي عبد الرازق وطه حسين والسوداني محمود محمد طه الذي قتل شنقا .
وفي العصر الاسلامي وظهور نظرية الزندقة التي قتل فيها جاد بن درهم على عهد الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك وفي عهد المنصور العباسي وابنه الخليفة المهدي في القرن الثاني الهجري قتلت حركة الزندقة حين قتل ابن المقفع والشاعر بشار بن بُرد وصالح بن عبد القدوس وهارون الوراق .وظهور نظرية خلق القرآن على عهد المأمون”ت198للهجرة” وسيلة لتصفية الخصوم واستمرار ملحمة القتل الى اليوم حين قتل الخميني كل من ناوئه في حكمه البغيض ولاية الفقية ..والتي لا زالت منفذة في ايران ضد بارقة الحرية بين المسلمين.
وهذا ليس جديدا في الاسلام فقط.. بل ان التعصب الكنسي ومحاكم التفتيش وقتل الراهبة هيا شيا التي كانت تؤمن بالافلاطونية المحدثة والتي رفضت تهديات الاساقفة حتى قتلوها حرقا ودفنوها في احدى مزابل الاسكندرية في القديم .هذه هي مواقف مؤسسة الدين قديما وحديثا ضد فكر المتنورين
لم يكن هدف الكاتب المتنور قديما وحديثا ابدا الثراء والسلطة..لكن ذنبه الاساس هو ما يشعربه المثقف الواعي من مسئولية اخلاقية وعلمية وتاريخية أزاء الامة والانسانية ،خاصة عندما يرى الامة مهددة بالانقراض كما في وطننا اليوم ..بينما الامم الاخرى تحث الخطى في سياق مستمر نحو التقدم والتحديث في عصر التطور والتكنولوجيا التي فاقت كل تصور..حتى وضعونا تحت الفكر الديني الذي اصبح وراءه المرجع للعودة بنا الى العصور القديمة الغابرة باسم الاسلام وكان الاسلام ماجاء الا لابقاء القديم على قدمه دون تغيير..انظر الشعائر اليوم في العراق الذي يعتريك العجب من احيائها باطلا. فهل صدقت نظرية”الغرب غرب ..والشرق شرق” قتلا للحضارة الانسانية ؟ .
نعم لعب الفقهاء واصحاب نظريات الدين الجامدة دورا بارزا في تخلف العرب والمسلمين..حين دفع الكتاب المتنورين ثمنا باهضا في دفاعهم عن الحرية ونظريات الافكار كما في المعتزلة وابن الراوندي والاشاعرة واخوان الصفا وغيرهم كثير..لكن تاريخهم بقي تاريخ ..ولا زال المفكر الحق يعاني ويعيش بلا حقوق – كما نحن اليوم- جراء السلطة الغاشمة التي يقبض عليها السياسي المتخلف ورجل الدين.. في العالمين العربي والاسلامي..انظر الفرق بين بلاد العرب والمسلمين وبين الهند واليابان والصين..تلك الدول التي اصبحنا نستجدي منها كل علم رصين.
ان الغرب والشعوب المتقدمة لم تحصل على هذا الامتياز الحضاري الا حينما وعت وفصلت السياسة عن الدين واطلاق حرية الفكر والنقد والتعبير والنشر..وآمنت بتحديد سلطات الدولة وحقوق الناس… واستطاعت ان توقف ظلم السلطة وتردها عن هواها.. بينما نحن نقتل المفكرين والكتاب والمعرضين والمتظاهرين المطالبين بحقوقهم لا غير..لنبقى نهرول خلف السياسي البغيض ومرجعية الدين التي لا تؤمن الا بالمال والسلطة والجنس حتى ننقرض..”علينا ان علم ان هناك مبدأ اسلامي يجيز الاعتقاد بالمقاومة ضدهم” حاكم كافرعادل..خير من حاكم مسلم جائر”..فهل سنصحى حتى نلحق بالاخرين..؟
انظر ماذا تفعل مافيات الدين بوطننا العراق اليوم وكيف تقتل شبابنا وتنهب اموالنا وتبيح هتك اعراضنا وتدمر وسائل اعلامنا الصحيح بحماية مرجعيات الدين ومليشيات القتل والتخريب المتخلفة الجالسة على ترسانات السلاح وحصيرة الدين..