ابدى خبراء و دبلوماسيون غربيون قلقا من توقيت التحرك الروسي في العراق، معربين عن مخاوف من انجرار العراق الى تحالف ” يزعج” أمريكا و الدول الأوروبية، التي ترتبط بعلاقات ” متشنجة جدا ” مع روسيا بسبب التدخل في أوكرانيا و الشرق الأوسط، ومحاولة العودة الى حرب باردة جديدة بثوب يضيق بعض الشيء على الدب الروسي.
و يقول الخبراء ان زيارة مبعوث الرئيس الروسي، ميخائيل بوغدانوف الى العراق تمثل ” مغامرة سياسية و اقتصادية” لا يمكن فصلها عن ” الحرب العالمية الثالثة النفطية”، وحاجة موسكو لحلفاء جدد لتغيير التوجهات في المنطقة، ما قد يولد ردود أفعال أمريكية و غربية بتوقيت حرج في مسار الحرب على ” داعش” و رغبة موسكو الحاق المزيد من الأذى بالماكنة الاقتصادية والعسكرية الغربية.
ودعا المراقبون رئيس الوزراء حيدر العبادي الى اعادة ” ضبط الايقاع الدبلوماسي” بما يمنع الوقوع في خطر الحسابات غير الدقيقة، لأن أهتمام موسكو بالحرب على ” داعش” مختلف كثيرا عن التوجهات الغربية، مشيرين الى أن التعويل على الدعم الروسي سيخلخل الحسابات و يعيد رسم المشهد الأمني، بما لا ينسجم و القدرة على مواجهة التحديات بدون الدعم الأمريكي و الأوروبي.
ويذهب المختصون في تقديراتهم الى حد الحديث عن ” حرب مخابرات” روسية أمريكية في الشرق الأوسط انتقاما من الهزيمة في افغانستان بدعم واشنطن المباشر لحركة طالبان و آخواتها، ما قد يكون مرتبطا بتنوع ولاءات” الأجنحة المتشددة في داعش”، وادارة الصراع بالنيابة لجر واشنطن و حلفائها الى معركة مفتوحة في الشرق الأوسط بشكل خاص، مع الابقاء على المظلة الروسية فوق سوريا و ايران، خاصة مع الكشف عن شيشانيين و روس و كوريين بين صفوف التنظيم، الذي رسم خارطة جغرافية لتحركاته تبعث على القلق و صعوبة القراءات المستقبلية للصراع.
وفي السياق ينصح الدبلوماسيون و الخبراء الأوربيون القيادة السياسية في العراق الى التريث في العلاقات خارج رحم التوافق الأمريكي الأوروبي، بحكم تشابه الأولويات و التحديات، ما يستدعي الحذر من الوعود و المقترحات الروسية عسكريا و استخباريا و اقتصاديا، بما يمنع انهيار التحالف الدولي ضد ” داعش” في واحدة من الصفحات العسكرية المعقدة جدا، فالعزف الروسي على الوتر العراقي جاء متأخرا ، مثلما أن المساعدة الاستخبارية و التعبوية غير منظورة، بحكم الأختلاف على مصادر النفوذ في المنطقة و خطوط روسيا الحمراء في الملفات العربية بشكل خاص، على غرارما يحدث في سوريا و لبنان و اليمن و العراق، ما يتطلب من الحكومة العراقية الأعتماد على الوعود الثابتة لا محاولات تغيير اتجاهات الريح على داعش بوصفة روسية.
ونحن هنا لا نعارض اعادة التوازن في العلاقات العراقية الروسية لكننا نشم رائحة ” خبطة مخابراتية” لزرع بذور عدم ثقة بين بغداد و عواصم التحالف الدولي، بالمراهنة على ضعف تجربة بعض السياسيين العراقيين في صراع العلاقات الدولية وتداخل ملفاتها، سيما و أن ” داعش” لا يهدد روسيا بنفس الطريقة التي يتم فيها توجيه معاول الهدم الى الاستقرار الأوروبي بشكل خاص، و من هنا فان التحذير من ” لعبة مخابرات” أكبر من الخبرة العراقية الحالية قد يكون في محله، و يستدعي المزيد من المشورة و التبصر، فأي انحراف في بوصلة الحرب على ” داعش” يصب عكس المصلحة العراقية بشكل خاص، و يؤسس لمخاوف خطيرة جدا مع التراجع المستمر في
أسعار النفط و سياقات حرب الاستنزاف العراقية، لذلك يجب عدم وضع أكثر من بيضة في السلة الروسية لكي يبقى الميزان لصالح التحالف الدولي على ” داعش” .