أولاً – قصيدة بشامة بن حزن النهشلي كما وردت في شرحي التبريزي والمرزوقي لديوان (الحماسة) الذي جمعه أبو تمام لشعر شعراء عرب قدماء ، وفي ( خزانة الأدب …) لعبد القادر البغدادي ، وأضفت البيتين الأخيرين اللذين وردا في رواية أبي العباس المبرد في ( الكامل في اللغة والأدب ) ، وحرّكت بعض مفرادت الأبيات (1) :
1 – إنّا محيّوكِ يا سلمى فحيّينا ***وإنْ سقيتِ كرامَ الناسِ فاسقينا
2 – وإنْ دعوتِ إلى جلى ومكرمةٍ **يوماً سراةَ كرامِ الناسِ فادعينا
3 – إنّا بني نهشــلٍ لا ندّعــي لأبٍ ***عنــهُ ولا هو بالأبنـاءِ يشرينا
4 – إنْ تبتدرْ غايةٌ يومــاً لمكرمــةٍ *** تلـقَ السـوابق منّا والمصلينا
5 – وليـس يهـلك منّـا سـيدٌ أبـــــداً *** إلا افتلينـــــا غلامـاً سـيداً فينا
6 – نكفيه إنْ نحنُ متنــا أن يسبَّ بنا **** وَهْــوَ إذا ذكــرَ الآباءَ يكفينا
7 – إنّا لنرخص يومَ الروعِ أنفسنا*** ولو نســامُ بها فـي الأمـن أغلينـا
8 – بيضٌ مفارقنا تغلي مراجلنــــــا *** نأسـو بأمــوالنا آثـــــار أيدينــا
9 – إنّا لمنْ معشرٍ أفنى أوائلهــــمْ **** قـــــول الكماةِ ألا أين المحامونا
10 – لو كان في الألفِ منّا واحدٌ فدعوا ** من فارسٌ خالهم إياه يعنونـا
11 – إذا الكماةُ تنحّوا أنْ يصيبهــــمُ **** حدُّ الظبـــاتِ وصلناها بأيدينا
12 – ولا تراهمْ وإنْ جلّتْ مصيبتهمْ **** معَ البكاةِ على مَنْ ماتَ يبكونا
13 – ونركبُ الكرهَ أحياناً فيفرجـــــــهُ*** عنـّـا الحـــــفاظُ وأسيافٌ تواتينا
14 – فرضٌ على مكثرينا نيـــل بذلهم ****والجود والبذل فـــي طبع المقلينا
15 – إنّي ومــن كأبي يحيى وعترتــــه ***لا فخــر إلا لنــا أم مــن يوازينـــا
…………………………………………………………………………………….
ثانياً – وزن القصيدة الإيقاعي :
ذكر المعري – والحق معه – أكثر القدماء – ويخص الجاهليين – من النظم على البحور الطويلة ( الطويل والبسيط والكامل) ، وذهب النقاد مذاهب شتى في تعليل الأمر ، فيذكر الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر (ص 175) على أن نبضات القلب تزيد كثيرا مع الانفعالات النفسية، تلك التي يتعرض لها الشاعر في أثناء نظمه ، فحالة الشاعر النفسية في الفرح غيرها في الحزن واليأس ونبضات قلبه حين يتملكه السرور سريعة يكثر عددها في الدقيقة ، ولكنها بطيئة حين يستولي عليه الهم والجزع ولا بد أن تتغير نغمة الإنشاد تبعا للحالة النفسية فهي عند الفرح والسرور سريعة متلهفة مرتفعة ،وهي في اليأس والحزن بطيئة حاسمة.
المهم حالة الشاعر النفسية ، وبيئته الشاقة الصحراوية بطول دروبها ، وشساعة صحرائها، وربما لطول أعناق أباعرها ، وصبرها ، ألهمت الشاعر الصبر والتروي ، فكانت البحور الطويلة – فمن يدريك ومن يدريني، وكل قرين بالمقارن يقرن…!!
شاعرنا – على ما يبدو لي – كان مسترخياً ، هادئ البال ، متأملاً عند نظم قصيدته ، وما كانت قصيدته حماسية – وإن أدرجها أبو تمام بحماسته – ، وإنما كانت تستلهم وتروي حماسة الآباء والأجداد كسردٍ قصصي ، وإلا لكانت من ( الوافر) كقصيدة عمرو بن كلثوم التغلبي ، تريد أن الأرض والعباد بسرعة اللهم والنهم والهم:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا *** و أنظرنا نخبرك اليقينا
بأنا نوردُ الرايات بيضاً * و نصدرُهُن حُمرا قد روينا
و أيامٍ لنا غُرٍ طـــوالٍ ***عصينا الملك منها أن ندينا
وسيد معشرٍ قد توجوهُ * بتاج الملك يحمي المحجرينا
تركنا الخيل عاكفــةً عليه ****مقلـــدةً أعنتها صفونا
يرى حازم القرطاجني من المتقدمين هنالك علاقة بين الغرض الشعري والوزن قائلاً :
” ولمّا كانت أغراض الشعر شتى ، وكان منها ما يقصد به الجد والرصانة ، وما يقصد به الهزل والرشاقة ، ومنها ما يقصد به البهاء والتفخيم، وما يقصد به الصغار والتحقير وجب أن تحاكي تلك المقاصد بما يناسبها من الأوزان .”
وذهب سليمان البستاني في العصر الحديث هذا المذهب لكن آراءه ظلت تحوم في أفق الإحتمال ، ولم يرق بها من التخمين إلى اليقين.
وتبنى الدكتور عبد الله المجذوب المذهب نفسه ، فقال : ” اختلاف أوزان البحور نفسه معناه أن أغراضاً مختلفة دعت إلى ذلك ، وإلا فقد أغنى بحر واحد ووزن واحد.”
ولم يتقبل الدكتور شكري محمد عيّاد هذا الرأي ، ورمى أصحابه بادعاء فكرة لا تستند إلى مسوغات معقولة أو أدلة مقبولة. (6)”
نعم هنالك علاقة بين الغرض الشعري ، والحالة النفسية ، والوزن الشعري ، ولحظة الإبداع ، وتتولد القصيدة بشكل حرّ عقبى كل التفاعلات الميكانيزمية في ذات اللحظة ، وقد يتدخل العقل لترتيبها واختيار أشجاها وأجملها ، وقد تكون في أحيان أخرى الأغراض الشعرية مختلفة ، والحالات النفسية متابينة ، واللحظات الزمنية متباعدة حتى اختلاف العصور ، والوزن الشعري نفسه ، بل القافية ذاتها ، كما كتبنا سابقاً عن نونيات :
1 – بشامة النهشلي: إنّا محيّوكِ يا سلمى فحيّينا **وإنْ سقيتِ كرامَ الناسِ فاسقينا
2 – ابن زيدون : أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا ***وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
3 -صفي الدين الحلي:سلي الرماحَ العوالي عن معالينا * واستشهدي البيضَ هل خاب الرجا فينا
4 – أحمد شوقي : يا نائح الطلحِ أشـباهٌ عـوادينا ** نشْجى لـواديك أم نأسى لـواديـنا
القصيدة من البحر البسيط التام ، و وزنه :
مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ *** مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاْعِلُنْ
للبحر البسيط أربع أعاريض وسبعة أضرب ،وقصيدة شاعرنا من البحر البسيط التام المخبونة عروضه (فَعِلُنْ)، والمخبون ضربه (فَعِلُنْ). وتقطيع المطلع كالتالي:
إنّا محيّــــوكِ يا سلْمــــى فحيّـــــينا ***وَإنْ سقيْتِ كرامَ الناسِ فاسْقينا
إنْنَا مُحَيْ / يُوْكِيَا / سَلْمَى فَحَيْ/ يِيِنَا **وَإنْ سَقَيْــ / تِكِرَا /منْنَاسِفَسْ/قِيِنَا
مُسْتَفْعِلُنْ / فَاعِلُنْ / مُسْتَفْعِلُنْ / فَعِلُنْ** مُتَفْعِلُنْ / فَعِلُـنْ / مُسْتَفْعِلُنْ/ فَعِلُنْ
/ه/ه//ه – /ه//ه – /ه/ه//ه / – ///ه*****//ه//ه – ///ه – /ه/ه//ه – ///ه
– – ب – / – ب – / – – ب – / ب ب – *** ب – ب -/ ب ب – / – – ب – / ب ب –
2 2 3 / 2 3 /2 2 3 / (1 3 )***(1 2 3) / (1 3) / 2 2 3 / (1 3 ) – العروض الرقمي ، كل تفعيلة محصورة بين قوسين ، أعني التفعيلة قد حدث بها زحاف.
جوازات البسيط :
: حشوه: يجوز في حشو البسيط
- تتحول (مُسْتَفْعِلُنْ) إلى (مُتَفْعِلُنْ)، وتتحول (فَاْعِلُنْ) إلى (فَعِلُنْ)، حيث يحذف الساكن الثاني (سـْ)،أو الثاني (اْ) ، ويسمى هذا التغيير باصطلاح العروضيين (الخَبَنْ).
بـ- تتحول (مُسْتَفْعِلُنْ) إلى (مُسْتَعِلُنْ)،حيث يحذف الحرف الساكن الرابع (فْ)، ويسمى هذا التغيير (الطَّيّ)
ت- تتحول (مُسْتَفْعِلُنْ) إلى (مُتَعِلُنْ)، بحيث يحذف الحرف الساكن الثاني والساكن الرابع، ويسمى هذا التغيير (الْخَبْل).
……………………………………………………………………………………………
ثالثاً – روايات عن شاعر القصيدة وبعض أبياتها ونسبه :
الشاعر هو بشامة بن حزن النهشلي على أغلب الروايات ، وقد صرح هو بنفسه عن لقبه :
إنّا بني نهشـــلٍ لا ندّعــي لأبٍ ***عنــهُ ولا هو بالأبنـاءِ يشرينا
وابن جني في ( مبهجه….) ، وضّح لنا ما معاني كلمات : بشامة وحزن ونهشل ، قائلاً:
” البشام شجر له عود يستاك به قال جرير:
أتنسى أن تودعنا سليمي *** بعرق بشامة سقي البشام
والحزن الموضع الغليظ والحزم أغلظ منه والنهشل الذئب.” (2)
ويذكر الآمدي في ( مؤتلفه ومختلفه….. ) أنّ اسمه : ” بشامة بن حزن النهشلي ، نهشل بن دارم” (3)
و أبو تمام في ( حماسته) يروي شعره متجاهلاً اسمه قائلاً : قال بعض بني قيس بن ثعلبة”، لكن شارح ( حماسته) التبريزي عرّفه، فقال:
“هُوَ بشامة بن حزن النَّهْشَلِي وَلَيْسَ لَهُ تَرْجَمَة فِي كتب الْأَنْسَاب وَالظَّاهِر أَنه إسلامي” (4)
وجاء في شرح ديوان الحماسة لأبي على أحمد المرزوقي الأصفهاني :
” قال بعض بني قيس بن ثعلبة، ويقال إنها لبشامة بن جزءٍ النهشلي” (5)
و يذكر المبرِّد في ( كامله ) :
وقال رجل يكنى أبا مخزوم، من بني نهشل بن دارم…
قوله : ” إنا بني نهشل ” يعني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
وفي الهامش يذكر المحقق :
زيادات ر: “هو بشامة بن حزن النهشلى”. والأبيات أوردها أبو تمام مسنوبة إلى بعض بني قيس بن ثعلبة، مع اختلاف في الرواية وترتيب الأبيات وعددها، وانظر الحماسة 97:1-بشرح التبريزي.
وهذان البيتان غير موجودين في ( الحماسة):
فرضٌ على مكثرينا نيل بذلهم ***والجود والبذل في طبع المقلينا
إنّي ومــن كأبي يحيى وعترته ***لا فخــر إلا لنا أم مــن يوازينا(6)
والمرادي في كتابه ( توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك) عندما يستشهد بعجز البيت المطلع من القصيدة :
إنّا محيّوكِ يا سلمى فحيّينا ***وإنْ سقيتِ كرامَ الناسِ فاسقينا
و الشاهد: في “كرام الناس” ، فإن إضافة الكرام إلى الناس إضافة الصفة إلى الموصوف.
يذكر أنه ” عجز بيت قائله بشامة بن حزن النهشلي من قصيدة نونية، وهو من البسيط …” (7)
وفي (عيون الأخبار ) لابن قتيبة الدينيوري يروي ، وقال بشامة :
إنا بني نهشل لا ندعي لأب***عنه ولا هو بالابناء يشرينا
إن تبتدر غاية يوما لمكرمـة **** تلق السوابق منا والمصلينا
وإنا لمن معشر أفنـــــى أوائلهم ** قيل الكماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منا واحد فدعوا * من فارس؟ خالهم إياه يعنونا
وقال آخر:
إنا محيوك يا سلمى فحيينا **** وإن سقيت كرام الناس فاسقينا
إنا لنرخص يوم الروع أنفسنا ***ولو نسام بهم في الأمن أغلينا
بيض مفارقنا تغليب مراجلنــــا ***نأسوا بأموالـــــنا آثار أيدينـــا(8)
والأستاذ الدكتور فاروق مواسي في مقالته بموقع ( ديوان العرب) تحت عنوان : ( من القائل ؟ إنا محيّوك يا سلمى فحيّـينا) ، لفت نظره هذا الالتباس قائلاً : ” هناك من يرى أن الشعر هو لنَهْشَل بن حَرِّيّ- وهو شاعر مخضرم، ت. 665 م. (ابن طَباطَبا: عيار الشعر، ص 66- دار الكتب العلمية، وكذلك ابن قتيبة (الشعر والشعراء، ج 2، ص 638)، ومن الغريب أن ابن قتيبة نفسه عاد في كتابه الآخر (عيون الأخبار، ج1، ص 287) ليقول لنا إن بعض أبيات من القصيدة هي لبَشامة ، لم يذكر لنا أيهم؟ ابن عمرو؟ ابن الغدير؟ ابن حَزْن؟ ” (9)
وفي (فهرس شعراء الموسوعة) ، جاءت ترجمة شاعر كالآتي :
نهشل بن حري ”
هـ .45 م ، هـ / ? – 665 م ،
نهشل بن حري بن ضمرة الدارمي.
شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية وعاش في الإسلام وكان من خير بيوت بني دارم أسلم ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، وصحب عليا كرم الله وجهه في حروبه وكان معه في صفين فقتل فيها أخ له اسمه مالك فرثاه بمراث كثيرة وبقي إلى أيام معاوية.
قال الجمحي: نهشل بن حري شاعر شريف مشهور، وأبوه حري، شاعر مذكور، وجده ضمرة بن ضمرة شريف فارس شاعر بعيد الذكر كبير الأمر، وأبو ضمرة، ضمرة بن جابر، سيد ضخم الشرف بعيد الذكر، وأبو جابر، له ذكر وشهرة وشرف وأبوه قطن، له شرف وفعال وذكر في العرب .” (10)
هل هذا الشاعر نفسه بشامة ؟!! فالشاعران مخضرمان ، وكلاهما شهيران ، ويتنازعان القصيدة نفسها ، وكانت العرب تطلق أكثر من اسم للفرد ، ربما لظروف أمنية ، والحروب مستعرة بين القبائل … على كلّ حال الرواة أيضاً كانوا ينحلون الشعر حسب الدوافع الاجتماعية والاقتصادية والقبائلية والمصالح والعلاقات ، ولكن صاحبنا بشامة النهشلي ، أجمع عليه الثقاة الكبار المبرد والبغدادي ، وشارحا ديوان الحماسة ،التبريزي والمرزوقي ،فنستطيع أن نستقر بأغلب ظننا أن الأبيات لبشامة بن حزن النهشلي ، وهو الذي مات 45 هـ / 665 م .
وليس هذا فقط ، وإنما صاحب المفضليات (المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم الضبي) المتوفي 178 هـ، ينسب أربعة أبيات من القصيدة للمرقش الأكبر ت (73 ق.هـ/552 م) ،هو عمرو بن سعد بن مالك من ضبيعة بن قيس. شاعر جاهلي.
ففي معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد – شرح المفضليات لابن الأنباري ،القصيدة 128 – قصيدة المرقش الأكبر ، يذكر الأبيات الأربعة التالية :
1 – يا ذاتَ أَجْوَارِنا قُومِي فَحَيِّينَا **وإِنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فاسْقيِناَ
2 – وإِنْ دَعَوْتِ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَةٍ ** يوماً سَرَاةَ خِيارِ الناسِ فادْعِينَا
3 – شُعْثٌ مَقادِمُنا نُهْبَـــى مَرَاجِلُنا****نَأْسُـــو بأَموالِنا آثــــارَ أَيْدِينَــا
4 – الْمُطْعِمُونَ إِذَا هبَّــــتْ شَآمِيَــةً *** وخَيْرُ نادٍ رَآهُ النَّــــاسُ نـــادِينَا
تخريجها: هي ثابتة في نسخة (فينا)، وفي أولها: «ولم يروها المفضل ورواها ابن حبيب». والأبيات 1-3 ضمن مقطوعة رواها أبو تمام في الحماسة (شرح التبريزي 1: 79-107) ونسبها لبعض بني قيس بن ثعلبة، وجعل صدر أولها *إنا محيوك يا سلمى فحيينا* وهو خلط أبان صوابه أبو محمد الأعرابي، وذكر الأبيات الأربعة على صحتها، فيما روى عنه التبريزي. وكذلك فعل صاحب الخزانة 3: 510-511 فروى أبيات المرقش ثم ذكر رواية الحماسة، وصرح بأنها غيرها وأنها لبشامة بن حزن النهشلي. ومن عجب بعد ذلك أن يذكر الأب لويس شيخو في شعراء الجاهلية 286-289 أبيات بشامة وينسبها للمرقش! وانظر الشرح ( 886-887). (11)
وأخيراً يلخص لنا عبد القادر البغدادي في شاهده ( الخامس والعشرون بعد الستمائة) من كتابه ( خزانة الأدب ) ما جرى على القصيدة البشامية من تعدد وجهات النظر لنسبتها أو عدد من أبياتها أو أشطرها لشعراء آخرين ، إليك ما أوجزناه لفذلكة الأقوال :
” وجلى فِي قَول بشامة النَّهْشَلِي:
وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمة … … … . . الْبَيْت.
فَإِنَّهُمَا مصدران كالرجعى وفعلى المصدرية لَا يلْزم تَعْرِيفهَا
وَالْبَيْت وَقع فِي شعرين: أَحدهمَا للمرقش الْأَكْبَر رَوَاهُ الْمفضل بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ لَهُ ، وَكَذَلِكَ ابْن الْأَعرَابِي فِي نوادره وَأَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِيمَا كتبه على شرح الحماسة للنمري ، وَهُوَ:
يَا دَار أجوارنا قومِي فحيينا ***وَإِن سقيت كرام النَّاس فاسقينا
وَالشعر الثَّانِي لبشامة بن حزنٍ النَّهْشَلِي رَوَاهُ الْمبرد فِي الْكَامِل وَأَبُو تَمام فِي الحماسة
وَهُوَ: (ويذكر أبيات القصيدة التي ثبتناها عدا البيتين الأخيرين اللذين أوردهما المبرد في (كامله).
قَالَه التبريزي.وَهَذِه الأبيات قد اخْتلف فِي قَائِلهَا وَالصَّحِيح أَنَّهَا لبشامة بن حزن النَّهْشَلِي. وَعَلِيهِ الْآمِدِيّ فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف.
نسبها الْمبرد فِي الْكَامِل لأبي مَخْزُوم النَّهْشَلِي.وَقَالَ ابْن السَّيِّد البطليوسي فِيمَا كتبه على الْكَامِل: هَذِه الأبيات لبسامة بن حزن النَّهْشَلِي. وَقَالَ السكرِي: هُوَ بشامة بن حري. وَالْأول قَول أبي رياش. وَيُقَال: بشامة بن جُزْء. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي : هُوَ لحجر بن خَالِد بن مَحْمُود الْقَيْسِي. وَزعم ابْن قُتَيْبَة أَنَّهَا لِابْنِ غلفاء التَّمِيمِي.انْتهى.أَ
أقُول: الَّذِي قَالَه ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء أَن الأبيات لنهشل بن حري.وَقَالَ النمري: هِيَ لرجل من بني قيس ثَعْلَبَة.قَالَ أَبُو أَحْمد الْأَعرَابِي: لم يفرق النمري بَين بني نهشل الَّذين هم مضربة. وَبَين بني قيس ثَعْلَبَة الَّذين هم ربيعَة فلزهما فِي قرن.وَالْبَيْت الَّذِي فبه إِنَّا بني نهشل لبشامة بن حزن النَّهْشَلِي.والأبيات الْأُخَر الْأَرْبَعَة للمرقش الْأَكْبَر وَهُوَ عَمْرو بن سعد بن مَالك بن ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة. انْتهى.” (12)
معظم الرويات لأغلب الرواة ومؤرخي الأدب وشارحي الحماسة الطائية – المبرد ، البغدادي ، التبريزي ، المرزوقي، الآمدي ، ابن جني ، المرادي، ابْن السَّيِّد البطليوسي – تروي الشعر لبشامة بن حزن النهشلي ، ربما ضمن الشاعر بيتين ، وشطرين من قصائد أخرى ، وهذا مألوف في الشعر العربي …وهو جاهلي إسلامي مخضرم ، مات في زمن معاوية 45 هـ /665م ، هذا التاريخ ينطبق ويتماشى مع قيل عنه وعن شعره ، وعندي قد تجاوز خمسة وستين عاماً عند وفاته ، وقصيدة حماسته متروية متأملة ، لا نلمس فيها روح الشباب الثائر كقصيدتي عمرو بن كلثوم التغلبي ( ألا هبي …) ، وصفي الدين الحلي ( سل الرماح العوالي ، ولا قصيدة أبي تمام نفسه ( السيف أصدق …) ، هكذا تقول لي الروايات وقصيدته ، والله أعلم .
……………………………………………………………………………………….
رابعاً – فكرة عن قصيدته :
الشاعر العربي منذ العصر الجاهلي شغله الشاغل الفخر والمدح والهجاء،وإن فجعته الأيام بقريب يصبُّ كل أشجانه وخوالجه وعواطفه في الرثاء ، رثاء القريب ورثاء النفس ، لأنه محتاج للقريب في زمنٍ قاسٍ مرير ، وبيئة قاحلة جدباء تعزّ عليه لقمة العيش ، وكسوة الرداء …!!!
وفي كلّ ذلك تغلي دماؤه ، ويهيج كبرياؤه ، فيثأر لصدّ الضيم ، و رفع الحيف ،وفي القصاص حياةٌ يا أولي الألباب …!! فتتولد لحظات حماسة مهما كان غرضه حتى يريح ويستريح، مستلهماً أمجاد قومه ، وشجاعاتهم وبطولاتهم ، وانتصاراتهم العسكرية ، والويل الويل للأعداء ، فهم لهم ، وكلّ آتٍ قريب ، و لا يبالي إن شغل حماسه القصيدة جُلّها .
يقول قطري ابن الفجاءة الكناني المازني التميمي الخارجي مخاطباً نفسه بحماسة شديدة (توفي 78 وقيل 79 هـ – 697 م) :
أقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعـاً ***مِنَ الأَبطالِ وَيحَكَ لَن تُـراعي
فَإِنَّكِ لَـو سَأَلـتِ بَقـاءَ يَـومٍ ***عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي
فَصَبراً في مَجالِ المَوتِ صَبراً **فَما نَيـ،لُ الخُلـودِ بِمُستَطـاعِ
وَلا ثَوبُ البَقاءِ بِثَــوبِ عِـزٍّ ***فَيُطوى عَـن أَخي الخَنعِ اليُراعُ
سَبيلُ المَوتِ غايَةُ كُـلِّ حَــــيٍّ**** فَداعِيَهُ لِأَهـلِ الأَرضِ داعـي
وَمَن لا يُعتَبَط يَسـأَم وَيَهـرَم**** وَتُسلِمهُ المَنونُ إِلـــى اِنقِطـاعِ
وَما لِلمَرءِ خَيـرٌ فـي حَيـــــاةٍ ****إِذا ما عُـــدَّ مِن سَقَـطِ المَتـاعِ
ما بين قسوة الحياة وخطرها ، والحذر من تكالب أيامها على العرض والشرف والمجد الرقيع ، والتشبث بالمروءة والكرم والشجاعة والبطولة كقيم سامية ، قد تربى عليها ،، يسكب خوالجه وعوالجه ، ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ… وهذا عنترة شاهدٌ لنا :
لقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ***قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
وهذا شاعرنا بشامة النهشلي – وقيل للمرقش الأكبر – :
إنّا لنرخص يومَ الروعِ أنفسنا*** ولو نســامُ بها فـي الأمـن أغلينـا
بيضٌ مفارقنا تغلي مراجلنــــــا *** نأسـو بأمــوالنا آثـــــار أيدينــا
إنّا لمنْ معشرٍ أفنى أوائلهــــمْ **** قــــول الكماةِ ألا أين المحامونا
الفرد العربي بجمعه وجماعته ، ومجده مجد قبيلته وقومه ، لم يكن الوطن قد تبلور فكره ، الوطن عنده مسكنه ، ومن جاوره من أفراد عشيرته ، و القبلية هي الوطنية ، وبقى العربي هو العربي ، يتغنى بقومه وأعرافهم ، ويستنهض عزائمهم ومكارمهم ، فهذا الشاعر صفي الدين الحلي جاء بعد سبعة قرون تقريباً ( ت 1349 م) ، ليجري على حوافر سالفه النهشلي قائلاً :
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا ***خِضرٌ مَـرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا
لا يَظهَرُ العَجزُ منّا دونَ نَيلِ مُنى ً**ولو رأينا المَنايا في أمانينا
نَغشَى الخُطــوبَ بأيدينا، فنَدفَعُها ***وإنْ دهتنـا دفعناها بأيدينا
هذا من ذاك ، عودٌ على بدء :
إنّا محيّوكِ يا سلمى فحيّينا ***وإنْ سقيتِ كرامَ الناسِ فاسقينا
وإنْ دعوتِ إلى جلى ومكرمةٍ **يوماً سراةَ كرامِ الناسِ فادعينا
إنّا بني نهشـلٍ لا ندّعــي لأبٍ ***عنـهُ ولا هـو بالأبنـاءِ يشرينا
إنْ تبتدرْ غايةٌ يومـاً لمكرمـةٍ *** تلـقَ السـوابق منّا والمصلينا
وليـس يهـلك منّـا ســيدٌ أبــداً *** إلا افتلينـــا غلامـاً سـيداً فينا
لا تعجبي يا سلمُ من رجلٍ *** أهدى السلامَ إليكِ والتحياتِ
الصدر لدعبل الخزاعي ، والعجز لكاتب هذه السطور ، والإهداء لبشامة وسلماه…!!
بشامة يسلم على سلمى ، ويرجو منها أن تسقيه كما تسقي كرام الناس، وأن تجاريه مجراهم ، وأصل السلام عند العرب التحيّة ( حيّاك الله) ، وللملوك تحيّة خاصة ، وسلام ملكي ، لهذا يقول الشاعر القديم :
ولكل ما نال الفتى *** قد نلته إلا التحية
ويعني الشاعر ( أبيت اللعن) ، وهي تحية الملوك.
وإن أشدت بأعيان وعليّة القوم وأفاضلهم وأشرافهم في جليلة أمرٍ ( جلى) ومكرمة ، فأشيدي بنا ، و(جلى) على وزن فعلى ، أي جليلة ، وليس بتأنيث للأجل ( الجلى) ، كالأكبر والكبرى ، وهنا يجب أن تقرن الكلمة بالألف واللام ، و وردت ( جلى) في البيت دون ألف ولام، فهي من جليلة الأمر عظيمه كما ذكرنا .
ولا تنسي يا سلمى (إنا بني نهشلٍ) ، وجاء بها الشاعر على الاختصاص للتحدي بأنّهم معرفون ، مشهورون ، ثم للفخر والمباهاة ، وإلا لقال : ( إنّا بنو نهشلٍ)، وخصم الأمر بـ ( نا ) ضمير الجمع المتصل اسم (إنَّ) ، وخبرها ( بنو) بكل برود وهدوء …ويواصل شاعرنا : إنا لا نرغب عن أبينا فننتسب إلى غيره، وهو لا يرغب عنا فيتبنى غيرنا ويبيعنا به، لأنه قد رضي كلٌ منا بصاحبه. وفي الوقت الحاضر نحن نقولها : أنا ابنك يافلان …أنا أبوك يا فلان…!!
وإذا ابتدر أحدهم لغاية كريمة ، وهدف نبيل فنحن السبّاقون كخيل السباق (السوابق) و ( المصليات)…ولكنه قطع استعارة صفات الخيل من أجل القافية فكان ( المصلينا) ، والمصلى هو الذي يتلو السابق في سباق الخيل ، فيكون رأسه عند صلاه. والصلوان: العظمان الناتئان من جانبي العجز.
ويستطرد في شعره الحماسي ليذكر صاحبته المشبب بها ،ليس هم كسوابق الخيل ومصلياتها ، بل يرفد أحدهم الآخر إثر مماته ، لكثرة الرجال العظماء بينهم ، وهذا المعنى تكرر في الشعر العربي ، قال السموأل :
إذا مات منا سيد قام سيد ** قؤول لما قال الكرام فعولُ
لأبي الطمحان القيني يفخر بقومه :
وإني من القوم الذين هم هم ***إذا ما ت منهم سيدٌ قام صاحبه
ونسير مع صاحبنا حيث يسير ، وقد نتجاوز بعض مسيرته ، فقد تركنا بعضها لشرح المفردات ، والأخرى لِما قدّمنا عنه سابقين ، والقصيدة لمن قصدها واضحة القصد ..!!
إنّا لمنْ معشرٍ أفنى أوائلهــمْ **** قـول الكماةِ ألا أين المحامونا
لو كان في الألفِ منّا واحدٌ فدعوا ** من فارسٌ خالهم إياه يعنونـا
إذا الكماةُ تنحّوا أنْ يصيبهــــمُ **** حدُّ الظبـــاتِ وصلناها بأيدينا
هذه هي الدنيا ، كما قلت في عجز بيتٍ من قصيدة لي : ( تفنى الأسود ، ويعلوها الرعاديدُ) ، وقد قالت الخنساء من قبلُ : (أقلت مساماة الرجال عديدنا)
فيقول مفتخراً إني لمن قومٍ أهلك أسلافهم قول الأبطال لهم ألا أين الذابون والمحامون؟ فكانوا يتقدمون ويفنون. يعني بقوله فدعوا أعلنوا الاستغاثة بـ ( يال فلانٍ، ومن فتىً ؟ …) ، مثل قول طرفة :
إذا القوم قالوا من فتىً خلت أنني ***عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وفي قوله: (في الألفِ منّا واحدٌ) ، كأنني استلهمت بيته سنة 1998م في قصيدتي عن ( الإنسان) – ولم تكن قصيدته قد مرّت عليّ حينها – ببيت شعر لي منها :
حتّى كهلتُ وأيّامي تعلّمني *** في كلِّ ألفٍ من الآناسِ( إنسانُ)
والسيد الفرزدق قد قال وأحسن القول والمعنى ببيته :
إذا ما قيل يا لحماة قـــومٍ***فنحن بدعوة الداعي عنينا
ويواصل شاعرنا حماسته ، فتعوّد قومه على الثكل والاقتتال والمعارك الدامية ، ولم يعد لمصائبهم بكاء :
ولا تراهم وإن جلت مصيبتهم *** مع البكاة على من مات يبكونا
يصف تعودهم للثكل، وإلفهم للمصائب والقتل، وأن قلوبهم قد مرتت عليها حتى قست، فلا يبكون وقد سبقه عمرو بن كلثوم في قوله :
معاذ الإله أن تنوح نساؤنا *** على هالكٍ أو أن نصيح من القتلِ
هذا ما كان وعلى الله النكلان ، وكفانا شر القتال والعدوان ، وله الأمر من قبل ومن بعدُ …!!!
………………………………………………………………………………………………..
خامساً – توضيح بعض المفردات:
1 – يقول: إنا مسلمون عليك أيتها المرأة فقابلينا بمثله، وإن خدمت الكرام وسقيتهم فأجرينا مجراهم فإنا منهم. والأصل في التحية أن يقال حياك الله، ثم استعمل في غيره من الدعاء عند اللقاء. وأما قوله:
ولكل ما نال الفتى***قد نلته إلا التحية
فالمراد به تحية الملوك خاصة، وهو قولهم: أبيت اللعن! وقيل في سقيت إن معناه: إن دعوت لأماثل الناس بالسقيا فادعي لنا أيضاً.
2 – الجلى قد تجرد من اللَّام وَالْإِضَافَة لكَونهَا بِمَعْنى الخطة الْعَظِيمَة.والخطة بِالضَّمِّ: الشَّأْن وَالْحَالة والخصلة فَتكون الجلى إسماً للشأن وَالْحَال كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل.الْجيد أَن تكون مصدرا كالرجعى بِمَعْنى الرُّجُوع والبشرى بِمَعْنى الْبشَارَة. وَلَيْسَ بتأنيث الْأَجَل على حد الْأَكْبَر والكبرى لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مصدرا جَازَ تَعْرِيفه وتنكيره. )…
3 – السراة بِالْفَتْح: اسمٌ مُفْرد بِمَعْنى الرئيس وَقيل اسْم جمع وَقيل جمع سري وَهُوَ الشريف.
4 – إِنَّا بني نهشل إِلَخ.
قوله: ” إنا بني نهشل ” يعني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم،
قَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل : من قَالَ: إِنَّا بَنو نهشل فقد خبرك وَجعل بَنو خبر إِن. وَمن قَالَ : بني فَإِنَّمَا جعل الْخَبَر (إِن تبتدر غَايَة إِلَخ) في البيت الرابع . وَنصب بني على فعلٍ مضمرٍ للاختصاص وَهُوَ أمدح. وَأكْثر الْعَرَب ينشد ، الْبَسِيط:
إِنَّا بني منقر قومٌ ذَوُو حسبٍ *** فِينَا سراة بني سعدٍ وناديها
وَالْفرق بَين أَن يكون اختصاصاً وَبَين أَن يكون خَبرا صراحاً : هُوَ أَنه لَو جعله خَبرا لَكَانَ قَصده إِلَى تَعْرِيف نَفسه عِنْد الْمُخَاطب وَكَانَ لَا يَخْلُو فعله لذَلِك من خمولٍ فيهم أَو جهل بشأنهم. فَإِذا جعل اختصاصاً فقد أَمن من الْأَمريْنِ جَمِيعًا.
5 – وَمعنى لَا ندعي لأَب لَا ننتسب لأَب غير أَبينَا وَقَوله وَلَا هُوَ بالأبناء يشرينا مَعْنَاهُ أَنه رَاض بِنَا كَمَا نَحن راضوان بِهِ.
6 -يُقَال ابتدرنا الْغَايَة وَإِلَى الْغَايَة أَي استبقنا إِلَيْهَا وَقَوله لمكرمة أَي لِاكْتِسَابِ مكرمَة ، والمصلى من أَسمَاء خيل الحلبة الَّتِي تخرج للسباق وَهِي عشرَة أَولهَا السَّابِق وَثَانِيها الْمصلى ثمَّ المسلى ثمَّ العاطف ثمَّ المرتاح ثمَّ الحظي ثمَّ المؤمل وَهَذِه السَّبْعَة لَهَا حظوظ ثمَّ اللواتي لَا حظوظ لَهَا اللطيم ثمَّ الوغد ثمَّ السّكيت ، قَالَ الْمُصَلِّين وَلم يقل الْمُصَليَات مَعَ السوابق لِأَن قَصده إِلَى الْآدَمِيّين وَإِن كَانَ استعارهما من صِفَات الْخَيل.
7 – الافتلاء الافتطام وَالْأَخْذ عَن الْأُم مَعْنَاهُ إِذا هلك مِنْهُم سيد خَلفه الْمَصْنُوع للسيادة المرشح لَهَاالافتلاء: الافتطام والأخذ عن الأمر، ومنه الفلو. والمعنى هنا الترشيح والتهيئة والصرف عما عليه إلى الرياسة. وأبداً في المستقبل بمنزلة قط في المضي. والقصد أنهم كل وقتٍ على ذلك، فلا يحتاجون إلى الاستعانة بالأجانب دون الأقارب.
8 – وَلَو نسام بهَا أَي: نحمل على أَن نسام بهَا. وَيُقَال: سَام بسلعته كَذَا وأسمته أَنا أَي: حَملته على أَن يسام. وَيحْتَمل أَن يكون من سمته خسفاً.
9 – وأغلينا الْألف للإطلاق وَالنُّون ضمير الْأَنْفس وَمعنى أغلين وجدت غَالِيَة. وَقَوله: بيضٌ مفارقنا إِلَخ قَالَ التبريزي: ويروى: بيضٌ معارفنا وَهِي الْوُجُوه وَالْمرَاد بِهِ نقاء الْعرض وَانْتِفَاء الذَّم
3 – 10 – نرخص من أرخص الشَّيْء جعله رخيصا أَي سهلا هينا والروع الْحَرْب وَالْألف فِي أغلينا للإشباع يَقُول إِذا كَانَ يَوْم الروع تقدمنا للقاء فَإِن ذهبت أَنْفُسنَا ذهبت رخيصة لأَنا بذلناها بالإقدام وَلم نمنعها بالأحجام وَلكنهَا يَوْم إِلَّا من غَالِيَة.
11 – بَيَاض المفارق كِنَايَة عَن نقاء الْعرض وَانْتِفَاء الذَّم وَالْعَيْب وتغلى مراجلنا أَي حروبنا وَقَوله نأسوا أَي نداوي إِلَى آخر الْبَيْت مَعْنَاهُ أَنهم أَغْنِيَاء أَصْحَاب سطوة لَا يطْمع النَّاس فِي مقاصتهم بل يكتفون مِنْهُم بِأخذ الدِّيَة.
12 – الكماة جمع كام كَمَا يُقَال غاز وغزاة وَذَلِكَ من قَوْلهم كمى نَفسه فِي السِّلَاح إِذا توارى فِيهِ يَقُول إِنِّي من جمَاعَة أفنتهم الْإِعَانَة والإغاثة والنجدة والإقدام على الحروب.
13 – الظباة جمع ظبة وهي حد السيف وقوله وصلناها بأيدينا هذا الكلام كناية عن علوهمتهم في الحرب وطول باعهم فيها.
14 – البكاة جمع باك والمعنى أنهم لا يموتون إلا بالقتل حيث صار لهم عادة وإن كل من يولد منهم يكون سيدا فلا يجزعون على من مات منهم .
15 – الكره المكروه وركوبه كناية عن وقوعهم فيه وقصدهم إليه والحفاظ المحافظة والذب عن المحارم.
16 – فدعوا أعلنوا الاستغاثة بيال فلانٍ، ومن فتىً، وما أشبهه. ويقال خلته أخاله خيلاً ومخيلةً وخيلاناً. وهذا مثل قول طرفة:
إذا القوم قالوا من فتىً خلت أنني … عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
17 – معنى يفرجه: يكشفه ويوسعه. ويقال: فرج الله غمّه وفرجه، بالتخفيف والتشديد. ومنه سمي ما بين القوائم: الفروج. وإطلاق لفظ الفرج على العورة يجري مجرى الكنايات. وعلى هذا قيل: رجلٌ فرجةٌ، إذا كان كشافاً لأسراره.
18 – وأسياف تواتينا أي توافقنا يقول وأحيانا نقع في المكروه فيكشفه عنا محافظتنا على أحسابنا وذبنا عن حريمنا وأسياف توافقنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريجات والمراجع والمصادر مع الاعتذار عن ذكر الصفحات والأجزاء حتى طبع الكتاب عن قريب وتوزيعه .
(1)
أ – شرح ديوان الحماسة (ديوان الحماسة : اختاره أبو تمام حبيب بن أوس ت 231 هـ) يحيى بن علي بن محمد الشيبانيّ التبريزي، أبو زكريا (المتوفى: 502هـ) – ج ص – 27الناشر: دار القلم – بيروت.
ب – شرح ديوان الحماسة : أبو على أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (المتوفى: 421 هـ) / ج ص / المحقق: غريد الشيخ ، وضع فهارسه العامة: إبراهيم شمس الدين الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1424 هـ – 2003 م.
ج – خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب : عبد القادر بن عمر البغدادي (المتوفى: 1093هـ) / ج ص / تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون الناشر: مكتبة الخانجي، القاهرة الطبعة: الرابعة، 1418 هـ – 1997 م
د – الكامل في اللغة والأدب : محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس (المتوفى: 285هـ) / م ص / المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم الناشر: دار الفكر العربي – القاهرة الطبعة: الطبعة الثالثة 1417 هـ – 1997 م.
(2) المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة : أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (المتوفى: 392هـ) قرأه وشرحه وعلق عليه: مروان العطية، شيخ الزايد. ج ص / دار الهجرة للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق الطبعة: الأولى، 1408 هـ – 1988 م.
(3) المؤتلف و المختلف في أسماء الشعراء : الآمدي – – الوراق – الموسوعة الشاملة.
(4) : شرح ديوان الحماسة التبريزي ج ص م.س .
(5) شرح ديوان الحماسة : المرزوقي ج ص م. س.
(6) الكامل في اللغة والأدب : أبو العباس المبرد م ص م. س.
(7) توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك : أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (المتوفى: 749هـ) / ج ص / شرح وتحقيق: عبد الرحمن علي سليمان، أستاذ اللغويات في جامعة الأزهر الناشر: دار الفكر العربي الطبعة: الأولى 1428هـ – 2008م.
(8) عيون الأخبار : ابن قتيبة الدينيوري ص ج – الوراق – الموسوعة الشاملة.
(9) موقع ديوان العرب الأربعاء شباط (فبراير) : مقالة بقلم فاروق مواسي تحت عنوان : من القائل ؟ إنا محيّوك يا سلمى فحيّـينا.
(10) فهرس شعراء الموسوعة الشعرية : تم جمعه من الموسوعة الشعرية ( /
الموسوعة الشاملة)
(11) معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات – شرح المفضليات لابن الأنباري – القصيدة : قصيدة المرقش الأكبر.
(12) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب : عبد القادر بن عمر البغدادي (المتوفى: 1093هـ) / ج ص / تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون الناشر: مكتبة الخانجي، القاهرة الطبعة: الرابعة، 1418 هـ – 1997 م.