23 ديسمبر، 2024 8:34 ص

كأفراد، ككتاب نتعاطى الكلمة نرى إن كل لحظة مرت على البلاد تطرح علينا عشرات الأسئلة النقدية التي يبقى الكثير منها دون جواب شاف، ولكن لا يمنعنّنا ذلك من رؤية الكثير مما قدمناه كأجوبة أو كمحاولات لأجوبة لم تكتمل وكما أن أدعـّاء أمتلاك الحقيقة، ثقافياً وسياسياً، لا يقدمنا أنملة إلى الأمام كذلك لا يفيدنا تجاهل الحقائق التي تم الكشف عنها ولا الدوران اللفظي أو النقدي، الذي نتقصده أحياناً، لإعادة اكتشافها من زوايا مختلفة وعبر مرايا جديدة لا تجلب لنا سوى المتاعب، من هذا المنطلق يبدو لنا أن تبلور نهوض ثقافتنا من جديد يمـّر حكماً عبر الحوار المعرفي والتأمل وإعادة قراءة التجربة الثقافية عبر كل المراحل بين كل من يملك هاجس دفع ثقافتنا قدماً في طريق التطور وهذا لا يمنع بل يفترض حكماً سعي كل كاتب إلى أستكمال الطموح المعرفي الخالص على صعيد الأفراد خصوصاً في تطابق تصوره عن الواقع والواقع نفسه ولكن من إملاء النتائج أو الأدوات على الآخرين المتحصنين خلف يافطة أمتلاك الحقيقة على حساب الموت الثقافي والمعرفي والسياسي والحضاري . ثمة كائنات ثقافية مريخية أضحت تعيش في تجمعات ثقافية وهمية حتى يصار جمعها دفعة واحدة لصالح الوهم وهو يسجل آخر رقم على مرأى ومسمع المثقفين أنا هنا لا ألمح بل أشير إلى مكامن الخلل ولا أريد استعداء أحد عليّ، رغم عدم خشيتي من ذلك لأنني لا أريد أن أجانب الحقيقة بل أقولها كاملة دفعة واحدة، إلا إن خنجر الحزن الذي لا يميز بين الاوهام والحقائق مثلما هي مأساة الثقافة التي لا تفرق بين الجلاد والضحية قد أوصلتني إلى حافة الجنون أو اليأس لولا بقية من تماسك أدخرتها المحن ليوم قادم أسوء مما نحن فيه الآن، فمازال الموت الثقافي وضوء المثقف في هذا الزمن القاحل كم يخجلني ما في هكذا ثقافة من وضاعة أفرزتها أنظمة القسوة في بلادنا .
ثمة من يعاني من بارانويا الشهرة ويسعى بكل الوسائل للوصول اليها أو ممارستها بغض النظر عن شرعية هذه الوسائل أو عدمها، فبدلاً من القيام بلملمة شظايا الثقافة العراقية وإعادة تأهيل المؤسسات الثقافية المتحررة، من سطوة البعض، بشكلها الجديد بدأ (هذا البعض) من المثقفين بممارسة الاعيبهم الثقافية الفجة التي لا تؤدي إلا للمزيد من التدهور وثمة آخرون مشغولون بالتسابق للظهور إلى الواجهة من خلال وسائل الإعلام أو التسويق المجاني تاركين موضوعة السعي والمثابرة الجادة لتحسين الخطوات الثقافية الرصينة التي من شأنها أن تعيد ترتيب الأحوال الثقافية في كافة الأتجاهات وهذه الممارسات بحد ذاتها لا يقوم بها إلا أفراداً يتمتعون ببؤس ثقافي ومعرفي وأخلاقي .
لا حل فعلياً لهذه المشاكل في ميدان الثقافة، الحل كما يبدو لي هو في تحويل الوعي الفردي إلى مشروع ثقافي شامل مترابط، مشروع قادر على شق جدار الاسمنت المناطقي والطائفي والثقافي العقائدي أو الاعلامي المملوك لتنفذ إلى الثقافة أشعة حلم قابل للتحقق .