18 ديسمبر، 2024 11:58 م

لا أتحدث عن المبيدات الحَشرية وغيرها من المبيدات الفكرية والنفسية والأخلاقية والعقائدية , وإنما عن النظام البائد والنظام المبيد.
فالنظام البائد يتكرر سماعه في عالمنا المبتلى بالكراسي المدجنة , والتي يجلس عليها بالوكالة كل مسمومٍ مبيد , وحالما تنتهي صلاحيته السمية يتم إبادته ويتحول إلى بائد بواسطة نظام مبيد يعقبه وهو في ذروة قدراته السمية والإبادية.
وما بين نظام بائد ومبيد تتأرجح الأيام في مجتمعات الويلات والنواكب والنوازل المتفاقمات , وما تمكنت هذه المجتمعات من الخروج من مأزق الثنائية العاصفة في حياة أجيالها المرهون ببائد ومبيد.
وفي بعض هذه المجتمعات تم القضاء على نظام مبيد وإحالته لبائد , وإحلال نظام مطلق الإبادة مكانه , حتى لأباد من المجتمع في عقدٍ ونصف ما يعادل ما أبيد منه في قرن شديد.
والأنظمة المبيدة أخذت تنتشر وتتوالد بسرعة عجيبة مؤزرة بقدرات الشرور , والإمعان بتحقيق مصالح الآخرين الذين يعززون قدرات الإبادة الفظيعة في المجتمعات المقهورة الإرادة والمصادرة المصير.
بل أنها إتخذت أسلوب الأميبة في تكاثرها وتكورها , وإمعانها في العدوى والإصابة بالإلتهابات المعوية والنفسية والعقلية , التي أخذت أعراضها تظهر على البشر في دنيا محفوفة بالخطر.
وصار التعادي ما بين أبناء المجتمع بسبب الأنظمة المبيدة دستورا سلوكيا , بموجبه يتم القضاء على عشرات الآلاف من الناس وكأنهم أرقام أو أصفار على يسار رقم عتيد.
إن التأرجح ما بين البائد والمبيد من مميزات المجتمعات المتأخرة , التي تأسنت وتمحنت في مآزقها التفاعلية مما هدرت الطاقات والقدرات , وبقيت متورطة في تدحرجها وضياعها الخسراني المشين.
ولا جديد بين بائدٍ ومبيد , فالناس أسياد وعبيد , تخنع وتتبع دجالٍ مَريد , وما نطقت وإن شاءت تَبيد , وفهي لا تقرأ ولا تسمع ولا تفقه ما تريد , وعليها أن تتدحرج أحطابا إلى ميادين الوعيد, وتلك بإختصار لعبة بائد ومبيد!!