23 ديسمبر، 2024 10:55 ص

ايران و الاقليم السني!!

ايران و الاقليم السني!!

يعاتبني بعض الأصدقاء على أسباب تخوفي من انحراف الأوضاع في العراق بعيدا عن الأمال التي علقها المواطنون لتغيير مسارات الحكم من الطائفية و العرقية الى مشروع وطني يستوعب الجميع بلا أفضلية طائفية أو عددية بشرية ، وبما يضع حدا منطقيا لنفوذ الدول في صياغة القرار العراقي و كأنه تحول الى منطقة قتل في تصفية الحسابات مع ايران، مثلما ان ظروف ” الخلافة” في العراق غير متوفرة على أرض الواقع، وفي الحالتين فان الضحية هم الذين خرجوا للمطالبة بحقوق طبيعية لم تستوعبها عقلي ” المجون السياسي” فحدث الطوفان في أسوء مرحلة في تاريخ العراق.

ولان العراقيين استوعبوا الدرس جيدا و يميزون بين ” الخبيث و الطيب” فانهم مع أي تصعيد يسالون عن الأيادي الايرانية و حركة مفاصلها على الأرض، فكل مشروع تدعمه ايران يمثل خنجرا في ظهر أخوة العراقيين، لأن فلسفة طهران التعبوية تبدا و تنتهي بابعاد شبح التوتر عن الأراضي الايرانية، لذلك تدفع بكل قوتها لوقف العمليات العسكرية في ديالى، لأن لهيبها على مرمى حجر من مدينة مهران، التي تتململ منذ أشهروقد تنفجر لتحرق الأرض الى عربستان جنوبا، لذلك يجب استيعاب الدروس في ليبيا و تونس و مصر و سوريا والعراق البديل عنها، فكلما تضايقت ايران في الداخل ” فرجت عن كربها ” في الدول الأخرى من البحرين الى لبنان ضمن خارطة جغرافية لا علاقة لها بقبول ” قيم ” الثورة الايرانية بل في مقومات التصعيد الطائفي، ومن هنا فان ايران مرتاحة طالما وحدة العراقيين في خطر.

وفي هذا السياق تقول معلومات مؤكدة أن طهران أبلغت قيادات عراقية موافقتها غير المشروطة على اقامة الأقاليم في كل مكان باستثناء ديالى، ليس حبا بالتآخي فيها بل لأنها قاعدة متقدمة في استقرار و اقلاق ايران على حد سواء، لذلك نتمنى على بعض القيادات السياسية عدم الغطرسة و ” نفش الريش” و كأنهم ابتدعوا الحل الأمني و السياسي بالتسويق لمحنة الاقاليم ، فالفكرة و التخطيط وممرات التنفيذ ابتدعتها عقلية التخريب الايراني، بعيدا عن ” خرافة” القلق الايراني على العرب الشيعة في العراق،لأن التطبيقات على الأرض تتحدث عن معطيات مختلفة لا تقل في خطورتها عن الاساءة المتعمدة للعراقيين خلال زياراتهم الى ايران للعلاج أو الراحة بعيدا عن الموت المتنقل في العراق، فيما شكلت لي صدمة نفسية رفض مجموعة ايرانية تقاسم وجبة الافطار مع أصدقاء شيعة بحجة ان الطقوس مختلفة، بعبارة أوضح الفرس يحقدون على العراقيين منذ 1600 سنة، مثلما يواصلون رفض ثلاثية الاسماء” عمر و خالد وسعد”نسبة الى الخليفة عمربن الخطاب و القائدين خالدبن الوليد وسعد بن ابي وقاص، ومع ذلك يستمع بعض سياسيينا الى النصيحة الايرانية و كأنها مشورة صادقة بينما هي فتنة كبيرة!!

ونحن هنا لا نقلب المواجع فهي كثيرة جدا و شديدة الأذى النفسي، لكننا فقط نذكر السياسيين في العراق بعدد محدود من قائمة أسئلة أطول من عمرهم السياسي، فكم دفعت ايران لتدمير مفاعل تموز النووي و لماذا أحرقت الاسرى و الجنود العراقيين ، وعلى ماذا راهنت في تبعية العراق وباي ثمن قتلت و شردت علمائه و مثقفيه، ولماذا تدافع عن حقوق في العراق و تسلبها بقوة السلاح و القتل الممنهج داخل أراضيها، ولماذا تخشى كرة النار المتدحرجة من العراق، و أين ستقاتل لتصدير مباديء ثورتها التي لم تنطلق بعد!!

أكيد لننحصل على أجوبة على هذه التساؤلات لأن السياسيين في العراق فقدوا البوصلة الوطنية، لكننا في المقابل نذكر الجميع ان العلاقات بين طهران و بغداد لم تستقر يوما، وهي في أسوء مراحلها اليوم رغم مزاج الحكم العراقي المجامل لايران، ما يعني أن أولويات ايران تخريبية، بدليل ان الدول التي حاولت تصدير الثورة اليها تعيش تحديات خطيرة جدا، لأن ” ثورة الكاسيتات” عام 1979 ليست مشروعا للتغيير و المصالحة بل خط متقدم للقتل على الهوية الطائفية، قد تصطدم قريبا بانتفاضة” الدراجات الهوائية و النارية”، مثلما أن الفتن التي أججها رأس المال الايراني في

ليبيا و اليمن و سوريا كان مخطط لها أن تكون حرب ضروس بين العراقيين، ورغم أن المراهنة على ذلك ما زالت قائمة بفعل غياب سلطة الدولة لصالح نفوذ الميليشيات المسلحة، فاننا نود تذكير الجميع بان العراقيين يطلقون اسم العجم على الايرانيين ليس من باب الخطاب اللغوي بل لأنهم يعرفون الحقيقة و يصدون عنها، فالذي يقاتلهم شيعة العراق مع سنته، انطلاقا من أخوة عراقية تحاول ايران منذ مئات السنين تحويلها الى صراع طوائف بلا نتيجة، وحتى لو بالغ بعضهم في تنفيذ المشروع الايراني فان الشيعة و السنة سيبقون عربا، لن ينشغلوا حتى في تعلم الفارسية، لذلك فان المراهنة على التخابر و الصدمة لن تؤسس الى حكم مستقر ، بل الى اضغاث احلام ثورة مقهورة و خلافة مؤجلة و محاور شر طائفية، لا يلهث وراءها غير الباحثين عن جاه وسط تناثر أشلاء الأبطال وجماجم الحكماء، فلعن الله الفتنة من حيث أتت!!

*[email protected]