لست من المدافعين عن عمار الحكيم إطلاقاً، فلكل شخص حسناته وسيئاته، لكن الشخوص بمواقفها، فمنذ أن سقط النظام البعثي انهالت علينا الأحزاب من كل حدبٍ وصوب، بمسمياتها المتعددة وأيدولوجياتها المختلفة، مع إن الشعب العراقي يجهل غالبيتها، إلا بعض الأحزاب كـ (حزب الدعوة, الحزب الشيوعي, المجلس الأعلى) وغيرها من الأحزاب التي لا يعرفها إلا المتابعين للشأن السياسي العراقي.
إيران وبعد سقوط النظام أخذت تدعم حزب الدعوة علناً وبكل قوة، حتى مكنتهم من الحكم، وأضحى (سليماني) هو المفاوض الرسمي مع الأحزاب السياسية الأخرى، من أجل تشكيل الحكومة، ونجح الأخير في تحقيق هذا الأمر، وهو خلاف إرادات (الاحتلال الأمريكي)، ليستمر حزب الدعوة في الحكم لثلاثة عشر عاماً.
الغريب في الأمر ان (إيران) وقفت بالضد من المجلس الأعلى! الذي تأسس في داخلها في ثمانينيات القرن الماضي، وبشكل شبه سري في عهد (محمد باقر الحكيم)، وبدأت تُظهِر بعض مواقفها الضدية في عهد (عبد العزيز الحكيم)، وجعلته علنياً عند تولي (عمار الحكيم) قيادة المجلس الأعلى.
كانت أول ضربة للمجلس الأعلى من ايران، طلاق (منظمة بدر) التي يقودها (هادي العامري) بالإكراه، وتزويجها لحزب الدعوة (زواجاً كاثوليكياً)، بعد إن أصر (عمار الحكيم) على الوقوف بوجه (المالكي) والحيلولة دون تسنمه الحكومة الثانية، لكنه لم يستطيع تحقيق ذلك الأمر، لأنها أرغمت حليفه (مقتدى الصدر) على الخروج من تحالف الحكيم، والانضواء تحت تحالف المالكي، مع إصرار التيار الصدري الرافض لولاية المالكي الثانية، وكان خروج الأخير هي الضربة الثانية للقضاء على تحالف الحكيم، ليبقى وحيداً مع عدد قليل جداً من أعضاء كتلته المؤيدين له.
لم تكتفي إيران بهذا القدر، وأخذت تسعى الى تحجيم دور الحكيم وتقويض حركته الداخلية، فضربته الضربة القاضية، التي دفعت به الى الخروج من المجلس الأعلى خالي الوفاض، تاركاً خلفه إرثه وجهاد عائلته الى الحرس القديم، ثم جردته من قوته العسكرية المتمثلة بـ (سرايا عاشوراء وسرايا الجهاد، لواء المنتظر)، عندها تحولت الحرب من باردة الى ساخنة.
كثيراً من يعتقد إنها لن تتوقف عند هذا الحد، فالقادم سيكون أشد قسوة على (عمار الحكيم)، ولم تكن تلك هي المحاولات الأخيرة للإطاحة به وتجريده من كل شيء، حتى جمهوره الذي التحق به، ستحاول إيران سلبه إياه، لكنها لن تنجح كثيراً، فجمهور الحكيم أغلبهم يتبعون مرجعية النجف، والكل يعلم إن المجلس الأعلى مرجعيته (ولاية الفقيه)، وهما ضدان لا يجتمعان، وهذا واضح وضوح الشمس، فرفض السيد (السيستاني) استقبال (الشاهرودي) خير دليل على ذلك.
لعل سائلاً يسأل لماذا فعلت إيران هذا مع آل الحكيم؟، الأمر واضح جداً لدى الواقفين على التل، ليستشرفوا من هذا الامر هو “عدم طاعة آل الحكيم لرغبات إيران، ورفضهم أن يكونوا أذناباً لها” فخروجهم من تحت عباءة مرجعية إيران، ودخولهم تحت عباءة مرجعية النجف”، كانت صفعةً قوية بوجه إيران، لن تسكت عنها، فدفع الأخيرة للتمسك بحليفهم السابق (حزب الدعوة)، وإرسال (الشاهرودي) ليلملم أوراقهم المبعثرة ويغلق الباب أمام الحكيم لكي لا يتحالف مع (العبادي(.
لكن يبقى السؤال الأهم: متى تنهي إيران حربها ضد (عمار الحكيم)؟، وهل ستنجح بتنصيب (نوري المالكي) زعيماً لشيعة العراق،؟ وهل ستتمكن من إبقاء الحكم بيد حزب الدعوة للسنوات القادمة؟، السياسية متقلبة ولن يبقى حالها ثابتاً.