مع تعاقب الأيام، وتوالي الأحداث الجسام، مما لم يكن يخطر يوماً على البال، ثمة خطر خفي يتسلل دون شعور.
ذلك ان انكسار بعض المشاريع، او تراجع العديد من الأطراف او حتى الأفكار، لسببٍ أو لآخر، يثير الشكوك لدى البعض بخصوص صوابيتها، بل – وهذا هو الأخطر – يؤسس الموقف ويبنى على تلك الحالة الذهنية القرار!
لكل فعل وحدث رد فعل ربما يكون على النقيض منه، وعلّة بعض من ذلك بربط الأفكار بالأشخاص والدول والجماعات، فان نهضوا نهض معهم فكراً وعقلاً وسلوكاً، وإن أخفق احاط كل ما يلّفه بذلك الاخفاق.
يعلو صوت التطبيع مع الكيان الغاص ـ مثلاً ـ بعد مسلسل المحو المتوحش لثلة الحق، وتذوب السدود بفعل توهم تفوق، وما درى أولئك ان بعض التفوق اعلان انتهاء، او استدراج، او هزّة عنيفة للأمة كل تصحو على واقع ما زالت لا تجيد فهمه!
ثم ان قوة الاخر التي تصل حدّ الاستخدام الغاشم قد تغري النفوس المنكسرة او الضعيفة بإعلان الموالاة للظالم، ورفع راية الاستسلام السوداء، والشك – وهنا المصيبة – في كل الأدلة المتواترة عقلاً ونقلاً عن ظلم هذا الطرف أو استبداد اولئك وهؤلاء!!
وفي ضمن ذلك بلا ريب اليأس من القادم، والتشاؤم من المستقبل القريب والبعيد، ورسم مسارات مرتجفة للغد القادم والذي ارتدى لون الحداد!
ان بعض دروس الحياة مرّة وكثير من دروس التاريخ فيها – ومهما حملت من شكل الانهيار- الفتح المبين!
لذا علينا الانتباه، فواجب الوقت إن كان صموداً ففيه كذلك فعل الوعي وتحصين الهوية من كل ما يشوبها، ولا نقلل من أثر تلك الزلازل التي يمر بها البعض جراء تأثره بشتى صنوف الأفعال… وليبقى اليقين الأهم، أن الخير هو الأصل، وان الشر والظلم وكل الأفعال الآثمة مصيرها البوار.. مهما علا نجمها ولمع ظاهرها.. ولن يكون الباطل منتصراً أبداً مهما وقت تمكنه طال.