بقلم: يَحيَى غَازِي الأَمِيرِيِّ
بَينَ حَربٍ وَ حربٍ وَجَدبٍ
سنون مِنَ الذُعرِ وَالهَلَعِ
مَرَّتْ ثَقِيلة كالوَجَع
عَلَى شَعبِ العراق.
السُّحبُ المحملة بالنَّماءِ وَالمَطرِ
عَلَى ظهرِ دَبابةِ العَم سام *
جاءتْ بالأَمَلِ وَالوعود
كَثُرتْ مَعَهَا
وَعُودَ العَيشِ الرَّغيد
فَجَمَحَ بِالنَّاسِ الخَيالُ
وَذَهَبَ الحُلم
إلَى اقصى مَداه
إلَى جمهوريَّةِ أَفلاطون **
وَاِستقر عَلَى أَبوابِ
مَدينتَهُ الفاضِلة !
بِغَفلَةٍ مِنَ الزَّمنِ
تَسَّيَدَ المَشهد
شلَّة مِنَ الافاقين وَالنَصابِين
مِنَ المُتَخَصِّصِّين
بَالتَّدلِيسِ وَالتَّضليلِ
وَتَسييسِ الدِين
بِخُبثٍ وَمُكرٍ
سَنُّوا القَوانِين
وَنهبوا الخَزائن
تَقاسَموها
هذا أَلك هذا إليِّ
حامِيها حَرامِيها ***
سَرَقُوا كُلَّ شَيء
2
سَرِيعاً
خابَ الظَّن بالمُتَصدرِين
لِدَفَّةِ القِيادَةِ
عَادَ الخَرابُ بالبلادِ
مِنْ جَدِيد، لكن أَشَدُّ فتكاً
الشَّعبُ لَمْ يَستَكين
يَجهَرُ بالصَّوت والراية
مُطالِباً بحقه يَستغيثُ
وَمَعَهُم بحت أَصوات أَعلى المَنابِر ****
مِنَ كثرةِ النَّصحِ وَالتَوجِيهِ وَ التَحذير
رَكَبَتهم المَعصِية
فَهم مُنحَدرين
فِي ضَلالٍ مُّبينٍ *****
صُمَّتْ أذانُهم
لِصراخِ أَفواه
مَلايينُ المُعوزِين.
تَفاقمتْ المَظالم وَالهموم
فِي النفُّوسِ وَ الرؤُوسِ
أَضحَتْ العِبادُ وَالبلاد
فِي ضياعٍ مريعٍ رَهِيبٍ
فَاِرتَفَعت الأَكُفُّ بِالدُّعاءِ
تَتَضرَّعُ لِرَبِّ السَّماءِ
أَن يَعِينُها عَلَى طُغيانِ
السُّلطان وَالحاشِيةِ وَ الأَعوان؛
فَاستجاب رَبُّ الأَكوان
وَجعلها ثورةً فِي تشرين
لَمْ نشهدْ مثلها مِنْ سنين
3
سُحُبٌ رَماديَّةٌ مُخِيفةٌ،
مُزَمجِرَة مُنذرة تَحُوم
تَحجبُ النَّظَرُ
عَنِ الشَّمسِ وَالنجُوم
وَبانَتْ للأَعيُنِ رَحى الفَاقة ِ
وَطاحونة الدَّمارِ
فِي البِلادِ تَدُور
4
لَمْ تلحقْ بالشَّعبِ الهَزيمة
فَقَد أَفاقَ الشَّعبُ مِنْ غَفوتهِ.
بوعي وَإدراكٍ وَعَزيمةٍ
هَبَّ الشَّبابُ فِي تَشرِين
كسيلِ لموجٍ عاتٍ اِندَفع
بالسَّاحاتِ وَالموانئ
والطُّرقاتِ وَعَلَى الجسورِ.
فِي البِناياتِ العالِيةِ المَهجورةِ
وَتَحتَ النُّصبِ
مُغردةً قَد جاءت المَلايينُ
مِنْ كلِّ أَصنافِ الطيورِ
تَبنى أَعشاشها
وَتَضربُ فِي العَراءِ خِيامَ أَوتادِها
وَتشيدُ مِنَ السكرابِ وَأكياسِ الجُنفاص
عَلَى نَهرِ الخَيرِ مَتاريسها
غطاؤها السَّماء وَالنجوم
تَنشدُ الخَلاص مِنَ اللصوص
وتنسجُ بصَبرٍ وَجَلدٍ
نَشَّيدَ النَّصرِ
خَفاقةً بأَيدِيهم تخفقُ بيارقُ الحَق
5
فَوقَ بُرجيّ
(جَبَلِ أُحُد، وَجَبلَ شُهداءُ تشرين
وَفَوقَ الجسورِ وساحاتِ التحرير والخلاني والحَبوبيِّ وَالتربيَّةِ
وَالسَّاعة وَعشتار
وَعَلَى بَوابةِ مِيناءِ أُم قَصر) ******
بأرديةٍ بَيضاء
وأجنحة اليَمام
تَطوفُ كُلُّ لَيلَةٍ
أَروَاح الشَّباب اليافِعين
تضيءُ هامات رؤُوسِهم
هالاتُ القدِسِيين
وَهي تُنادي:
– أَيها النَّاس
أَيَّها المُحبُّون للخَيرِ وَالكَرامَةِ وَالعَدل
أَيتها الجموع المُنتفضة الباسِلة
أَيها الثائِرُون ضدَ الظُّلمِ وَالضَّيمِ
يَا اخوة الحِرمان وَالدموع
حذارِي مِنَ الغَفلةِ وَالوَسِنِ
ومِنْ وعودِ اللصُوص
فَعادةُ اللَّئامِ وَ السراقِ
الكَذبَ وَالغدر
6
وَعود شلَّة النَّصابِين
تمطرهم ليل نهار
بِسمومِ قَنابلِ الدُّخانِ
وَ زخاتٍ لا تَهدأ
مِنْ رَصاصِ المَوتِ
فِيما الجموعُ الثائرة
بوجهِ الجلادين تَنشدُ
بصوتٍ واحدٍ يضربُ بعمقِ السَّماء:
أَيَّها المرعوبون وَأَنتم فِي الحصون
بصمودنا سَنعيدُ منكم الوَطن
المَسروق وَالمَنهوب وَالمَسلوب
نَحنُ الشباب:
– يَمٌ مِن الغَضبِ
لا نعرفُ الوَهن والتَّعَب
لا نَخافُ رَصاص القَناص
وَلا نَهابُ المَنُون أو رَهبة السجون
مِن أَجلِ عز البِلاد
بأرواحنا نَجود
رَمينا الذلَ والقيود
سَنربحُ المَجدَ والخلود.
بِقامَتِها السَّامِقَةِ
تَقفُ السومريَّة
عشتار *******
فِي شموخٍ بَينَ الجموعِ الهادِرةِ
وَبيدها يخفقُ علمُ العراق
منشدة وَملوحة بقبضةِ كَفِها:
– أَحملُ مَعِي دموع أُمي
وَعيون أخي الشَّهِيد.
– المتظاهرون بصوتٍ واحدٍ مدوٍ آسر
وَأَمـام الموت والقَمع تَهتفَ
(نموت عَشرة نموت ميه أَني قافل على القضية) ********
كتبت في مدينة مالمو/ السويد، الأثنين 25 تشرين الثاني 2019
هوامش وتعاريف لبعض ما ورد في النص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العم سام : هو رمز ولقب شعبي يطلق على الولايات المتحدة الأمريكية ؛ جاء في موسوعة (الويكيبيديا) يعود أسم العم سام إلى القرن التاسع عشر إلى حرب سنة (1812) الاسم مأخوذ من أسم (جزار) محلي أمريكي يدعي (صموئيل ويلسون) كان هذا الجزار يزود القوات الأمريكية المتواجدة بقاعدة عسكرية بمدينة (تروي) الواقعة في ولاية (نيويورك) وكان يطبع براميل هذا اللحم بحرفيّ (يو- أس) باللغة الإنكليزية اشارة الى انها ملك الدولة فأطلقوا لقب العم سام على التاجر.
** جمهورية أفلاطون :هو حوار سقراطي ألفهُ الفيلسوف اليوناني (أفلاطون) حوالي عام (380) قبل الميلاد، يتحدث عن تعريف العدالة والنظام وطبيعة الدولة العادلة والإنسان و(الجمهورية) هو المؤلف السياسي الرئيسي للفيلسوف افلاطون،وسمها (كاليبوس) أي الدولة المثالية.
المدينة الفاضلة :هي أحد أحلام الفيلسوف (أفلاطون) وهي مدينة تمنى أن يحكمها الفلاسفة، وذلك ظناً منه انهم لحكمتهم سوف يجعلون كل شيء في هذه المدينة معيارياً وبناءً عليه ستكون فاضلة.
*** حامِيها حرامِيها : مثل شعبي قديم يضرب في الشخص الذي توضع فيه الثقة ويؤتمن على شيٍ ما، فيستغل هذه الثقة ويجيرها لمصلحته.
**** بحت أَصوات أَعلى المَنابِر: أشارة إلى أحدى خطب ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله (السيد علي السيستاني) والتي تلقى في كل يوم (جمعة) في مدينة (كربلاء) في (الصحن الحسيني الشريف) وتبث مباشرة في العديد من قنوات التلفزة .
***** فِي ضَلالٍ مُّبين: أشارة إِلَى (سورة الأعراف 60) {قَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ}
****** (جَبَلِ أُحُد، وَجَبل شُهداءُ تشرين، وَفَوقَ الجسورِ وَساحاتِ التحرير وَ الخلاني وَالحَبوبيِّ وَالتربيَّةِ ، وَالسَّاعة وَعشتار، وَعَلَى بَوابةِ مِيناءِ أُم قَصر): اشارة لبعض الأَمكان التي أصبحت مراكز مهمة لتجمعات المنتفضين.
******* عشتار : يأتي تعريفها في (ويكيبيديا) عشتارهي آلهة الحب والحرب والجمال والتضحية في الحروب في حضارات بلاد ما بين النهرين، أطلق عيها (السومريون) أسم ملكة الجنة، وهي عند السومريين أعظم الآلة وأسماهن منزلة، وكان معبدها يقع في مدينة (أوروك)، وهي نجمة الصباح والمساء (كوكب الزهرة).
******** نموت عَشرة نموت ميه أَني قافل على القضية: أحد شعارات انتفاضة تشرين وتردد في جميع المحافظات التسعة المنتفضة .