معضلة الوطن الذي يسمى “عراق”، أنه إبتلي ببشر لا يرونه , وإنما ينظرون إليه من أنفاق تجربتهم الذاتية وحسب .
وكلٌ يتصوره على هواه ولا يراه.
وكلٌ يريد تعميم جروحه النفسية ودمامله الفكرية.
والكلُ يحب العراق، ويريد أن يساعد العراقيين جميعا بإسثتاء أو بغير إستثناء.
ولكلٍ وجهته الخاصة ونظرته العليلة.
وكلٌ يغني على ليلاه ، ويدّعي أنها في العراق مريضة ، ولا مريض سواه.
فالويل للعراق منا جميعا!!
الويل للوطن الذي ما عرفناه حق معرفته ، ولا قدرناه حق قدره.
الويل للعراق ترابا ، وماءً ، ونخيلا وآثارا وحضارة وتأريخا.
الويل للعراق من جهلنا ، وإنفعلاتنا وأنانيتنا وفسادنا وجشعنا وتخلفنا ، وإمعاننا بالباليات الغابرلت المندرسات.
الويل للعراق من أفكارنا الظلامية ، ونفوسنا الخربة وعواطفنا المسعورة وإنفعالاتنا المأفونة وتوجهاتنا الملعونة.
الويل للعراق من نفاقنا ، وكذبنا ومراءاتنا ، وسلوكنا المهين الذي يعبّد الطرقات لأطماع الطامعين وعقائد المتوهمين.
الويل للعراق من حِرابنا التي تريد أن تذبحه وتقطّعه إربا إربا وأكثر، لأن في ذلك إشباع رغبات محبوسة وتعبير عن طاقات مفلوتة.
الويل للعراق الذي لا نستطيع أن نراه ونتحسسه ونتعرف على بلواه.
الويل للعراق من العاقين التابعين الخاضعين الخانعين لأولياء النعمة والقوة والسلطة ، والذين إستلطفوا أن يكونوا من معشر المماليك ، والغلمان والخصيان في مستودعات الكراسي المحصنة بأسوار النعيم.
الويل للعراق الذي أنكره أبناؤه ، وتفاخروا بالإنتماء لغيره ، والذين إنحنت هاماتهم ، وصاروا مطيّة للمصالح والأهواء والأطماع والمشاريع والأهداف القاهرة للعراق.
الويل للعراق من الدجالين المتظاهرين بالدين ، والمخادعين السماسرة البارعين ، الذين باعوا الشرف والضمير ، والحاضر والمستقبل ، من أجل نزوة ملعونة ، ورغبة مدفونة.
الويل للعراق من العميان الذين لا يبصرون ، والأغبياء المتفيقهين ، ومن الأقلام المتعبدة في باحة الكراسي ، والمبوّقة للشياطين وأباليس السحت الحرام , ومن المستورَدين بالجملة والمفرد لتنفيذ المهمات المرسومة والمشاريع الخفية والمعلومة ، والذين إمتطى ظهورهم الأشرار لتحقيق الغايات المشؤومة.
الويل للعراق ، من بشرٍ يعاديه ، وقد ولد على أرضه وترعرع فيه ، وأمعن بقسوته وتأسد على أخيه ، حتى صار الجار ينكر جاره ، والشعب أباديد ، والناس في محنة الوجع الشديد.
فالذي لايعرف العراق ، يعيث فسادا بالثروات ويقهر العباد ، لأنه العبد المطيع ، والذي ينحني أمام الجميع ، لكي يلقمونه الهوان ، ويجلسونه على الكرسي وهو يرتل آيات الإذعان.
الويل للعراق الذي نحبه جميعا ، ونعاديه جميعا!!
فلا تقل أنت عراقي وتحب العراق الذي لا تعرفه ولا تراه؟!
و لا تقل أني عراقي وتنادي بلسان الفعل أن يفنى العراق!!