19 ديسمبر، 2024 6:10 ص

الوهابية حليف ستراتيجي جديد للبارزاني

الوهابية حليف ستراتيجي جديد للبارزاني

لايمكن إخفاء الشعور السائد في أوساط العائلة البارزانية المتعلق في نظرتها حيال القضية الكردية، فالصغار قبل الكبار من أفرادها ترى بأن جسامة التضحيات التي قدمتها هذه العائلة ، لايمكن وبأي حال من الأحوال أن تقارن بأي مكتسبات جُنيت مسبقا أو ستجنى مستقبلا، فالعائلة هي العنوان التاريخي الأبرز الذي تعرّف العالم من خلاله على الكرد، وبالتالي ليس (الملا مصطفى) وحده من يمكن وصفه بـ (مهاتما الكرد) بل كل فرد من أفراد الحلقة المقربة من عائلة الرئيس هو مهاتما و (روح عظيمة) أضفى الله عليها الوجود لكي تقود. لذا فالشعور العميق بالحق الطبيعي في الزعامة هو من يقف اليوم وراء اصرار مسعود البارزاني على تفصيل المواد الدستورية والقانونية في الاقليم على مقاس العائلة بالشكل الذي يخدم طموحها السلطوي ويديم مكوثها في مراتع السلطة.

للحقيقة ودون تجنّ، قد باتت طبيعة النظم الوراثية الخليجية مثار اعجاب ومسعى ستراتيجي للبارزاني والمحيطين به، ولا نقول ذلك تكهنا،  بل هو الطموح الحقيقي لرئيس الإقليم وأركان العائلة وبطانة الحُكم والحزب،  الطموح الذي تجسّد بوضوح في سعي هذه الأطراف المذكورة وبمؤازرة خارجية لفرض واقع سياسي في الاقليم يمنح العائلة البارزانية سطوة مركبة على (السلطة والثروة) بمؤازرة التيار السلفي الكردي الذي أنيطت به مهام التبشير بالإمارة البارزانية، كنموذج حكم يحاكي في نشأته وتفاصيله الى حد كبير طريقة الحكم المعتمدة اليم في المملكة العربية السعودية، وفيما يخص الإرتباط بالعراق فالصيغة (الكونفيدرالية) هي تحصيل حاصل يفرضه الواقع السياسي العراقي المتفكك الآيل نحو نشوء  فيدراليات أخرى مرشحة للتناحر والاشتباك.

إحدى الجهات السياسية (السلفية) المجهولة قدّمت نفسها بإسم (أهل السُنة والجماعة) أصدرت مؤخرا بيانا باللغة الكردية أعلنت فيه رأي الشريعة الاسلامية حول اللغط الجاري في الاقليم حول ترشيح البارزاني مرة ثالثة لرئاسة الإقليم الأمر الذي تعارضه معظم القوى السياسية. وقد كان لهذه المجموعة السلفية (الوهمية) رأيا مغايرا خاطبت به سكان مدن وقرى وقصبات الإقليم بالقول “ أن ازاحة البارزاني عن السلطة أمراً منافيا للشريعة الاسلامية”. وقد جرى توزيع البيان بشكل مدروس من قبل مجاميع كانت تنطلق من مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني المتواجدة في تلك المناطق.

انطوى البيان على ( 163) صفحة إحتوت على مضامين (سياسية/ دينية) موجهة من الحركة السلفية الكردية (أهل السنة والجماعة) الى الشعب الكردي تدعوه فيه الى طاعة ولي الأمر (البارزاني) حيث وصفته في الصفحة (10) من البيان بـ «الأمير» المفترض الطاعة من الله.  وفي الصفحة (12) وصفت (البارزاني)  بـ (السلطان) محذرة الشعب من اثارة غضب الله عند الخروج عن طاعة حدود طاعته، كما دعت من يريد الجنة منهم  الى عدم التململ والتذمر من وجوده في السلطة، داعمة قولها بحديث زعمت بأن النبي (ص) أوصى به قائلا :  “من كره من أميره شيئا فليصبر عليه، فانه ليس أحد من الناس خرج عن السلطان شبرا ومات على ذلك، إلا ومات ميتة جاهلية”.

أن تاريخ العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين السلفية الكردية امتاز بالتنسيق والتعاون، إرتقى في مراحل سابقة الى مستوى الدعم المسلّح للحركة الإسلامية السلفية (بقيادة الملا علي عبدالعزيز) من قبل البارزاني في الحروب التي خاضتها الحركة السلفية مع الإتحاد الوطني الكردستاني. مع ذلك فإن اسم الجهة المصدرة للبيان المختلق لم يكن مألوفا في الاقليم، الأمر الذي أثار الشكوك ودفع بالبعض لإستقصاء حقيقة البيان وهوية الجهة التي صدر عنها.. ليصلوا بعد البحث الى نصف الحقيقة من شقيق أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أخبر صديق مقرّب له وزميل في الدراسة بالقول ” أن القضية برمتها لاتعدو عن كونها فكرة طُرحت من قبل سكرتير الحزب (فاضل مطني ميراني) الذي وقّع على البيان بإسم (أبو حارث) كوسيلة ضغط على الأحزاب الاسلامية المعارضة لإنتزاع موقف ايجابي منها حيال قضية تجديد الولاية لرئيس الاقليم، نافيا أن يكون للحزب أي علاقة بأي جهة سلفية (مجهولة) في الاقليم عدا علاقاتها المعلنة في وسائل الاعلام”.

أن الجواب الذي أباح به هذا الشاب كان وبلا شك (نصف الحقيقة)، فالجهد المبذول في صياغة البيان الذي يعد كتابا احتوى على (مئة وثلاث وستون) صفحة، يعطي الانطباع بأن البيان هو مشروع مستقبلي، لتكريس هيمنة العائلة من خلال شكل من أشكال الحكم الهجين (رئاسي/برلماني) هو الأقرب من حيث المضمون الى (الملكية الدستورية) من الممكن التحول لها بدعم خارجي (تركي/ خليجي) فيما بعد، إذا ما تمكن مسعود من استثمار رئاسته الثالثة لتوحيد التيار السلفي في الإقليم في إطار تنظيمي رسمي يتمتع بالقدرة على تحريك المشاعر الدينية والتأثير في اتجاهات الرأي الشعبي العام في كردستان العراق.

 فلايخفى على الجميع بأن التوجه نحو السلفية كان قد إحتل حيزا كبيرا في أولويات السياسة التركية في المنطقة، ومن الطبيعي للتلاقح السلفي- البارزاني والتحالف الستراتيجي (الجديد) فيما بينهما، أن يكون عاملا مساعدا في توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية  بين العائلة البارزانية وأنقرة من جهة وبين مسعود و (قطر والسعودية) من جهة أخرى، فقد أضحت السلفية قاسما مشتركا ودافعا لإنتزاع مواقف داعمة للمشروع البارزاني الرامي الى إحتضان السلفية كشريك يستمد من وجوده في الإقليم شرعية استحواذ العائلة البارزانية على ثروات الإقليم والسلطة.

بيان السلفية الكردية الداعم لبقاء مسعود في السلطة
http://www.sotkurdistan.net/index.php?option=com_k2&view=item&id=26040

أحدث المقالات

أحدث المقالات