سلفادور الليندي هو الرئيس التاسع والعشرون لتشيلي. تولى منصبه بإسم قائمة (الوحدة الشعبية) من 3 تشرين الثاني 1970 إلى 11 أيلول 1973، ولد عام 1908 واستشهد داخل القصر الرئاسي مقاوما انقلابا عسكريا وقع عليه في التاريخ ذاته 11 أيلول 1973.
هو طبيب وعضو الحزب الاشتراكي. صار عضوا في مجلس الشيوخ ونائبا برلمانيا ووزيرا للصحة. ترشح للانتخابات الرئاسية في الأعوام 1952 و1958 و1964. تبنى الليندي سياسة تأميم الصناعات ودعم التعاونيات الزراعية.
منذ عام 1952 كان محور إستراتيجيته البحث عن تحالف الحزبين الجماهيريين الكبيرين، الاشتراكي والشيوعي، وجعلته نتائج انتخابات 1958، قاب قوسين من الانتصار، ثم أصبح نجما ساطعا طوال سنوات الستينات، تلك الحقبة التي تجلت فيها خطة الانتقال المؤسساتي إلى الاشتراكية، والتي اعتبرت أيضا سبيلا سلميا أو لا عسكريا، يتعارض مع فكرة الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة، بغية “القضاء على الدولة البورجوازية” مثلما ظهر بامتياز في كوبا. وظلّ في السبعينات ـ أيضا ـ مؤيدا لأطروحات الجبهات الوطنية التي بدأت تتبناها الأحزاب الشيوعية في مختلف بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا.
وكان الحزب الشيوعي عهدذاك يحمل شعار (الاستعارة) المشهور لقائده الأسطورة لويس كورفالان الذي أعلن أن (المصير الحتمي لقطار الاشتراكية سيصل إلى أقصى جنوب البلاد، وقبل تلك المحطة الأخيرة سينزل بعض الحلفاء المؤقتين)، ولم يعدّ الليندي واحدا من هؤلاء المؤقتين لأنه مثل الزعيم عبد الكريم قاسم توضأ بدمه الشعبي.
لقد تجنب الليندي، التحول إلى مستبد، وهو ما كان سيمنحه دور رئيس قوي متجبر يحدد مسافة بينه وبين الأحزاب كي يفرض مواقفه في اللحظات الحاسمة. ولكن قائمة “الوحدة الشعبية” تمزقت جراء ما أصطلح عليه بـ “التكافؤ المفجع” بين من يقبلون التفاوض وبين المدافعين عن فكرة “التقدم دون التراضي”. وهنا سعى الليندي إلى عدم استعمال العنف لحل إشكالية السلطة.
صبيحة يوم الانقلاب، كان الليندي قلقا على الجنرال “أوغستينو بينوشيت”، وفي أحد نداءاته ذلك الصباح الأسود، دعا العسكريين الأوفياء الى الدفاع عن الحكومة، وكان يقصد الجنرال، حيث عيّنه قبل حين قائدا للجيش، ولم يدر بأن الجنرال ذاته هو قائد الانقلاب وقد باع رئيسه وبلده، وعندما درى الرئيس اندهش وأنّ من وجع النذالة، وأعاد السؤال الأزلي:
ـ حتى أنت، يا بروتس!!
الآن، وبعد هذه السنوات، وبعد هذه التجارب، مرّها وحلوها، يمكن التأكيد على القول بأن الخطأ ليس في التحالفات الجبهوية والائتلافات الانتخابية، بل في الأشخاص، فهناك من يفي ويستشهد خلف متاريس تحالفه، وهناك من يتسلق ظهر تحالفه ويصعد ثم يدفر التحالف الانتخابي ويذهب إلى الوليمة.