19 ديسمبر، 2024 12:04 ص

ربما لكل منا تعريفه للوطنية , وحتى الفاسدين يحسبون سلوكهم وطنيا , وإن أنكرتَ عليهم وطنيتهم سيهبون بوجهك غاضبين.

فالوطنية في المفهوم الجمعي حب الوطن , وكل له أسلوبه في التعبير عن الحب , وأكثرنا يرفع لافتات ومن الحب ما قتل , والمقصود قتل المحبوب , فالسلوك الوطني في خلاصته أن تقتل وطنك.

ولهذا فالعراقيون من أكثر شعوب الدنيا حبا لوطنهم , لأنهم أبدعوا في قتله وتخريبه ومصادرة ما يشير إليه , بل ينهبون آثاره ويستلبون ثرواته , ويجردونه من طاقات الحياة وقدرات البقاء.

فمن الوطنية نهب الآثار وبيعها بأبخس الأثمان , ومن الوطنية إعادتها إلى البلاد ليتكرر نهبها وبيعها من جديد.

فكيف يمكن الحفاظ على مقتنيات وقطع أثرية في بلدان يطلق على دولها وحكوماتها بالفاشلة , أي الغير القادرة على حماية مواطنيها وتعجز عن توفيير أبسط الحاجات الإنسانية المنصوص عليها في لوائح الآدمية.

لابد من الإعتراف بأن وطنيتنا بلغت ذروتها , فتمكنت من قتل البلاد والعباد , ومحق العلامات الفارقة للوطن.

فتعبيرنا عن الوطنية يكون بالعدوانية السافرة على ما يتصل بالوطن ويمثله , أو بالعدوان المتواصل على ذاتنا وموضوعنا.

فنحن وطنيون إلى نخاع العظم , وإياك أن تتهم واحدا منا بأنه لا وطني , فما نقوم به نشاطات وطنية , وإن بدت على أنها غير ذلك , لكن جوهرها وطني , فكل مَن يجلس على الكرسي المتسلط على مصير البلاد وطني , ومن سلالة ونسب مرموق ما بعده أحد , فهو الواحد الأحد , وما يأتي به من المآثم والخطايا لها ما يبررها ويحللها.

فكلهم وطنيون , والبلاد والعباد غنائمهم  التي أعطيت لهم من ربرزاق غدّاق كريم!!

فقل أنا وطني وإفعل ما تشاء , وإنا لله وإنه رب السماء!!

وتحيا الوطنية الجدباء!!