23 ديسمبر، 2024 8:00 ص

الأحزاب التي تسمي نفسها دينية , لا تعترف بالهوية الوطنية , وتنتمي إلى هويتها الحزبية المذهبية الطائفية وتبعيتها العقائدية , ولهذا فهي تدمّر ولا تعمّر , وتفرّق ولا تقرّب , وتزرع الأضغان والأحقاد بين الناس , وتشجع سفك الدماء , لأن في ذلك تجارة مربحة , وإستثمار عظيم.
فحالما تمسك بالكرسي تتحول إلى وحش شرس مفترس غابي الطباع , مكشر الأنياب ومتأهب لنشب مخالبه في مَن يراه عدوا له , وفقا لما تمليه عليه تصوراته وظنونه.
فالكرسي يطلق إرادة النفوس الأمّارة بالسوء , ويقضي على روادعها وما يمنعها من ترجمة نوازعها المطمورة , فتنفلت وتستعمل الدين لتسويغ مآثمها وخطاياها , بل أنها تمنح الفساد والظلم معاني طقوسية , وآليات إيمانية تقربها إلى ربها الذي تعبده ولا تعرفه.
وترانا في بعض المجتمعات التي تعمّمت فيها الكراسي وتلحت وتزيَّت بزي الدين , تنتشر السلوكيات الفاسدة والظلم والقهر بالحرمان من الحاجات , وتعم الفوضى وتضيع حقوق الإنسان , وتستشري على المواطنين قوانين الغاب.
فتتكاثر العصابات والمجاميع المسلحة والفئات الخارجة عن القانون والمتحكمة بحياة الناس , فتفقد الدولة قيمتها ودورها , وينتفي معنى الوطن والسيادة , لأن القوى المتنفذة لا يعنيها سوى مصالح الذين تمثلهم من الطامعين بالبلاد والعباد.
وعليه فأن القول بالوطنية والمواطنة والوطن , مفردات لا وجود لها في مجتمعات إرتضت أن تكون الأحزاب المؤدينة في صدارة السلطة , وأيا كان نظام الحكم , فما دام الوطن ضمير مستتر تقديره هو , فأن المواطن سيبقى في عنائه ومرارة عيشه.
فهل من إحياء للمعاني الوطنية , وتحفيز للإرادة الجماعية للحفاظ على المصالح المشتركة؟!