18 ديسمبر، 2024 5:50 م

الهروب إلى الماضي

الهروب إلى الماضي

بين ثنايا جروحي ارسم بقايا ذكرياتي وألونها بآمالي .. لم أعد أريد أن أسطر جمل وحروف عن حاضري ولا أرغب بممارسة لعبة الطالع عن مستقبلي …
أريد العودة إلى بيتي العتيق وصوره التي كساها غبار الزمن , اتأمل كل شيء فيه أبوابه وشرفته وباحته ونخلته الوحيدة التي بغيابي لم تعد مفعمة ممتلئة كما عهدتها !.
أتأمل بحساب الأمتار ما بقي من ذكرياتي وأعيش في غيبوبة ذلك الماضي الجميل سر ولادتي وبقائي ,وأنام على فصوله كالعصفور الذي يغفو على طرف الغصن , فقد سأمت حاضري ومستقبلي اللذين لا ينبئان بشيء فلن يتغيرا كلما سار بي العمر إلى الأمام أما ماضيي فسيظل كما هو نجمة ساطعة في دجى الظلام ترقب خطواتنا بصمت بل حتى الإله لن يستطيع أن يغير من ماضيي شيئاً أو يتلاعب فيه ! فهو الرحم الذي منه أبصرت النور على العوالم من حولي و منه ولدت لأعاصر ملوك وسلاطين شتى … ومنه مررت بحقب رجال اعتلوا المشانق والمقاصل دون أن أتبين أن كانوا مذنبين أم أبرياء ؟ ! أعود بذاكرتي ولا أكترث لجسدي الذي يظل شاخصاً في مكانه ,أعود لأنقب عن كل مجهول ألم بي عن كل أحجية عجزت عن فك طلسمها عن كل محطات حياتي و ما رافقها …
فكل شيء يتأرشف في ذهني أفعالي وهواجسي وإيماءاتي …الخ, لتحفر في ذاك القبر الشاهد الوحيد على وجودنا وموتنا على السواء! .
كان بودي أن أتوسل الإله ليس لطلب المغفرة أو التكفير عن ذنب بقدر ان يعيدني إلى ماضي طفولتي أفتح واقلب صفحاته أتمعنها دون أن أنبس ببنت شفة دون أن أتسائل كيف ولماذا وأين … الخ .
أعيش ذلك الحلم الطويل بكل فصوله وأسرح بعيداً عن واقعي و محيطي وأن كان ذلك ضرب من الجنون الصوفي ! .
وأخضع ليوغا التأمل وأبذل كل مجهودي لينطفئ جسدي وتسافر روحي بعيداً ترتمي بين أحضان ذلك الماضي الذي لم ينكفئ عن مداعبة مخيلتي قبل أن تعود إلى زنزانتها صاغرة مستسلمة في كل مرةً تهرب فيها … !.