26 ديسمبر، 2024 3:02 م

كان الشعر تحديا ومجابهة ذات تصورات عملية عن واقع تتمرد عليه , وتسعى لتغييره وإظهاره وفقا لرؤية الشاعر المعبرة عن الجماعة التي يمثلها , ويتكلم بلسان حالها , كالقبيلة والعشيرة والأمة.

واليوم كأن الشعر مهرب من المواجهة والتحدي , وتحليقات رمزية غامضة لا تتصل بواقع معاش , وإنما برؤى ذاتية منقطعة ومندسة في صومعة وجودها المتصوَّر , الممعن بالخيال والوهم والهذيانات , فتمثل الترويحات والفضفصات الإنفعالية , التي يتوجب على صاحبها أن يسكبها فيما يسميه شعرا.

ولهذا وجدتنا أمام كم هائل من النصوص الخالية من الجدوى , والقدرة على التفاعل الإيجابي مع الحياة , وكأنها تسعى للقضاء على الإرادة وقدرات صناعتها , حتى ليمكن القول أن الشعر عدوالشعوب المبتلاة بهكذا نصوص مبتورة الفحوى والجدوى.

والشعر قتّال أمتنا منذ العقد الخامس من القرن العشرين , وأسهمبعزل الأمة عن نهر التفاعل الجاد مع التحديات والمعطيات المعاصرة , التي تستدعي القوة والتوثب والقدرة على الإنطلاق الأمهر والأجدر.

فماذا قدم الشعراء للأمة؟

قد يقول قائل أن هذا إتهام جائر للشعراء , لكن حقيقة الأمة أنها أمة الشعر , والشعر أبهر وجودها الحضاري , ومسلة كينونتها المتميزة , وبودقة إرادتها التي تجسدها بالعمل الأصيل , وعندما يموت الشعر يدب الذبول في عروق الأمة , ولهذا فأنها تتآكل ما دام الشعر فيها يتخامل ويهون , ويتحول إلى صدى لمن لديه إرادات أخرى ليكون.

وشعر الأمة موسوعة أخلاقها وقيمها ومعاييرها , وعندما تضعف أخلاق الأمم يذهب ريحها وتتحول إلى عصف مأكول!!

فهل من شعر بلسان جوهر الأمة؟!!

يقول بودلير تعبيرا عن رؤيته الغربية للشعر: “ليس للشعر غاية سوى ذاته , ولن تكون أي قصيدة عظيمة جدا أو رقيقة القدر أو جديرة بأن تسمى قصيدة إلا تلك التي كتبت من أجل متعة كتابة القصيدة”!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات