22 ديسمبر، 2024 6:37 م

سوق السيارات ( ملعلعة ) في جميع انحاء العالم والمبيعات تفوق ما تم التخطيط له والمنافسة تكاد تكسر حدود الصراع بين صانعي هذه الوحوش الاليفة التي ترافق الانسان اينما ذهب وحل وبما ان العجز وصل الى نخاع الشعوب المضطهدة التي لا تستطيع قطع تذكرة للدخول الى حلبة المنافسة والصراع فهي تكتفي بدفع الملايين من الدولارات للولايات المتحدة وثوار الصناعة في اوروبا بقيادة المانيا وحلفائها فرنسا وبريطانيا وايطاليا وروسيا وتنانين اسيا اليابان والصين وكوريا الجنوبية من اجل الحصول على فرصة للقيادة …

هذا هو الجانب المضيء بينما الجانب المظلم الذي يعجز العالم في فك شيفرته يكمن في عنصر القيمة فكل العناصر الاخرى تتلاشى فرغم ان السيارات الامريكية مصنوعة من الحديد ومزركشة من الداخل بالجلد والخشب لكن تصاميمها خجولة فالشحوب يلف هياكلها والصخب والضجيج ابرز عناوين محركاتها والاهم من هذا انها تعطي انطباعا هزيلا مصحوبا بالقهر على عكس السيارات الاوروبية التي تدحض كل مفهوم غير طبيعي فهي بلا عيوب فكرية وفلسفية فصفاتها ثورية وعقولها الحديدية متهورة لا تخشى المواجهة مع الحضارة والجنون يتلاطم في كل بوصة داخل احشائها وبما ان اسيا لها انياب فهي تضع بصمتها في كل مكان يعج بالسيارات لكن ما يميزها هو البحث عن المجد من خلال تعاليم اساطيرها التي تبدأ بالتحليق في الهواء كي تلفت انتباه العالم لحركاتها البهلوانية وصولا الى التنانين التي تنفث النيران .

2

هنالك حروب كبيرة فما يحدث الان في العالم من قتل وسفك دماء وتهجير وحرق وتجويع وانتهاك لحقوق الجنس البشري يلخص مفهوم هذا المصطلح بالمقابل هنالك حروب صغيرة وهذه تحدث خلف الكواليس والاقنعة اي يمكن القول ان الحرب الباردة في حقبة الثمانينات هي احدى ثمارها على الصعيد السياسي ..

فالحرب بالموسيقى بالفن بالرياضة بالقلم بالابداع بالعرق باللون بالهوية وغيرها القت بظلالها في بقاع العالم منذ القدم لكنها كانت تصنف ضمن نطاق الاختلاف والتعددية والتعرف على الثقافات وبما ان العالم قد تطور والعقول اصبحت ترى البعد الاخر والقلوب خرجت عن قالب العشق العذري فثمة اشكاليات تهز اعماق المشاعر والاحاسيس ..

فالحروب الصغيرة لا تبرح مكانها فنشاطها وفاعليتها في مرحلة الاجتياح هكذا صنعت وهكذا تعمل دون ان يعكر صفوها عوامل اخرى غير النشاط والفاعلية والاجتياح فعندما يجتمع العالم على طاولة الملفات يكون من الصعب وضع حلول ومعالجات بل الوسيلة الاكثر انتشارا هي العمل في ( زريبة ) مجهولة المكان والعنوان من اجل تدوير مخلفات الحروب الصغيرة واعطائها هالة فكرية وفلسفية وطرحها بالاسواق العالمية من جديد فالشكل ساحر والمضمون اكثر سحرا والطوابير البشرية تقف تنتظر تراقب …

فالحرب بين اوروبا وامريكا قائمة وهذا البعد مفتوح لا نهاية له فعندما تواجه عازفة الكمان الامريكية تايلور ديفيس وعازف الكمان الالماني ديفيد غاريت على المسرح هنا عنصر الزمكان يفصل بينهما فهي تعزف في وادي وهو يعزف في وادي العزف منسجم ومنضبط ومتناسق لكن للموسيقى لغة وهوية …

اللغة هي قناع التحدي

الهوية هي حيثية البقاء

التحدي والبقاء … من مكونات الحروب الصغيرة

3

نجح الربيع العربي في تونس ومصر والنتائج معلقة في ليبيا واليمن فالصراع لم يكتمل وسوريا نجحت بعلامة مقبول لكنها غير كافية للتأهل الى الدور الاخر ..

لكن ماذا عن الربيع العراقي …

الصورة تنقل البعد السريالي لهذا الشعب الذي عانى الظلم والاضطهاد لعقود ومظاهرات ( شلع قلع ) الغاية منها ايقاظ الحكومة من النوم في العسل الأسود لكنها قوبلت بالقتل والاعتقال والخطف والاعتداء وقنابل الغاز ..

هنا تذكرت المشهد والحوار الذي دار بين الفنان المصري الراحل ( كرم مطاوع ) مع الزعيم ( عادل امام ) في فيلم المنسي عندما استعمل المليونير اسعد ياقوت كلمة ( الهاموش ) كنوع من الاهانة واغتصاب الكرامة ضد ( يوسف المنسي ) عامل التحويلة في احدى محطات القطار …

فالسلوك الفاشي والاسلوب الديماغوجي الذي تنتهجه الميليشيات الطائفية والعنصرية مع المتظاهرين بهذه الصفة تكون أما غير واعية لماهية الربيع بمفهومه التحرري الثوري أو غير مدركة للأضرار التاريخية التي ستسببها لدغات ( الهاموش ) ..

4

العالم يتعرض للارهاب بشتى الوسائل والطرق …

الرياضة الثقافة العلم الدين القيم والمبادىء كل شيء له علاقة بالانسان هو ضحية للارهاب فعندما تختلف الاراء فهنالك طرف سيرمي بنرد الخيانة والعمالة ومن يسجل هدفا في مرمى فريق الخصم فأوراق الخيبة تبحث عن وعاء الشتائم ومن يغرد خارج السرب ويسير عكس التيار ويخرج عن القطيع فحدث ولا حرج لمجرد ان التغريدة لا تروق له وان التيار مزدحم والقطيع يرفض الاحتواء..

فوجوه الارهاب متعددة ومتداخلة اشهرها تدمير دول قتلى ضحايا والفرز والعد الرقمي اصبح التقرير الرسمي للحكومات بكبسة زر تتناقل الاحصاءات وبمثلها توضع على شريط الاخبار العاجلة بينما الارهاب في الخفاء يتقصى الحاجات الاساسية للامم والشعوب من غذاء وفكر ونهضة وتقدم وعمل وابداع وثقافة وتراث وقيم ومبادىء …