18 ديسمبر، 2024 3:52 م

النص والتجربة ….

النص والتجربة ….

تبقى المسافة بين التأثيرات الواقعية لحياة المبدع الانسانية الخاصة به بتفاصيلها اليومية وماتنتج من عواطف وأحاسيس ورؤى وذكريات والتأثيرات الثقافية بتنوعها مثل القراءة والاطلاع والتواصل الأبداعي مع الفنون الاخرى وتأثيرغذائها الفكري وما يعكس الآخرون من قيم جمالية ضمن مجالات التفاعل مع هموم الاخرين بتنوعهم والأطلاع الفكري والحسي والجمالي وكل ما يصب في نهر الابداع والتطور والتجاوز والخصوصية وما الى ذلك من توصيفات لهذا التوظيف وذلك لرصد نقطة الضوء التي من خلالها نستطيع ان ننظربعمق الى اهمية هذا النص الادبي وتأثيره وتشظي أنعكاساته وردود أفعال التغيير المنتج خلاله وما اراد المبدع الأجابة عليه من اسئلة الواقع وحاجته الموضوعية في صيغته السهلة وفي كيفية التحرر من كل ضغط أو أملاء أو أكراه لضميره الذاتي وتحرير عقليته نفسها بفهمه للقوانين التي تحكم الحياة وطبيعة العملية التاريخية ومسارها …وقدرته في الكشف عن اعمق الدلالات واغزرها …. ((فان اعظم درس يتعلمه الأنسان حين يؤمن أن الطريق الأصعب على المدى الطويل هو الأسهل المختصر ))….كما يقول هنري ميلر …وان الواقع الذي يتم اختياره وتحليله وتكوينه من جديد وحسب رسم رؤيته وتصويره له كقوة للتعبير عن اوسع الافكار واكثرها تجديدا وأعمقها موضوعا وهي الغاية المثلى التي ينشدها الكاتب وان حل مثل هذه المعضلة يتحقق عبر التوفيق بين الواقع بعموميته والعالم الخاص للمبدع وبيئته التي تميزه حين يعبر عن رموزه الشامله ليكشف جزئيات العالم الواقعي بشكل عميق وخلاق وفي رؤية الدلالات الكبرى للاحداث اليومية
فالمبدع الحقيقي لايتحدد بالأسلوب والزمن والوسيلة …والفنان الاصيل ينبغي ان يضع في اعتباره مهمة خلق عالم واقعي متكامل اصيل وجديد متجاوزا واقعه المريرو ان يضع في اهتمامه الاتكاء على رمزخارجي يحاول اسقاطه او فرضه على العمل الادبي كما ان الشمولية والتعميم لا تمنح النص واقعيته المقنعة وهذه العلاقة جدلية لايمكننا تجاوزها او التغاضي عنها وأن كل أبداع حقيقي صادق ومؤثر ينبع من حكمة الحياة بتفاصيلها وصراعاتها وأنعكاس معانات الفنان الأصيل فيها وليس ثمة أبداع حقيقي دون ذلك فالمبدع الحقيقي الحريص على منجزه ليكون بين الأصدارات المهمة وله شأن يذكر ويحسب له الف حساب في النقد وأتجاهاته ويكون خلاله مميزا بين أقرانه وأصدقائه من جيله ومرحلته والموجة الجديدة التي سار بها فيجب عليه ان يتوجه الى منبع الحكمة الأول والأخير… الناس والمجتمع والحياة بمعطياتها لتمنحه الدفق والتواصل والتاثير ويعيش معاناة الجماهير وعذاباتهم وتطلعهم …
فالكتاب لوحده لايكفي ولا القراءة والاطلاع على نتاخ الاخرين …صحيح انها تعلمنا الكثيروتضيء لنا ممرات الرؤيا ((فهي وجدان العاطفة أكثر من تدبر العقل والاانغمارفي الذاكرة وابتكار آلية استعادتها …)) لكننا ننظر من خلالها ثقافتنا وتواصلنا بها وطريقة تجاوزنا وقراءة أبداع وتجارب الآخرين واساليبهم لكن منبع الحكمة ليس الكتاب ولا الفيلسوف ولا الأستاذ ولا القديس…وما الى ذلك من وسائلنا المتاحة .. وانما هي الحياة ذاتها بمخاضاتها وصراعاتها وتناقضاتها والتجربة الابداعية النابعة منها والتفاعل الاجتماعي الآني الذي يؤدي الى المعادلة الصعبة لتنتج هذا الكيان الجديد الذي يساوي قيمة الحدث الأنساني الصادق النبيل والمؤثر…
والامر نفسه ينطبق على الفن عموما بلا أستثناء بأستلهامه للواقع المعاصر والكشف عن قيمه ودلالاته والارتباط بحركة الحياة وتطورها والأهتمام بهموم وتطلعات الأنسان المعاصر وصراعاته ومعاناته كفيلة بخلق أدب قادر على تقديم أعمق الدلالات وأغناها بعيدا عن الأفتعال والزيف والتقليد
ان القاريء والمتابع هو مبدع ايضا يستطيع ان يلمس وراء العالم الواقعي فيرسم صورة اخرى لعالم تأريخي يمثل تأريخ البشرية عموما وصراعاتها من اجل الحرية والحقيقة والحياة …وهنا تكمن قيمة الابداع والمبدع ومابينهما وسر المتعة في ضوء المكونات الفنية ووسائلها ..