النخبويون عبثيون فالأمة فيها مفكرون وفلاسفة مبدعون متنوعون غارقون بنشاطات العبث.
مشاريع ورؤى وإبداعات , خالية من روح التواصل مع الحياة , ومحلقة في فضاءات الأوهام والتهيؤات , وكل عابث يحسب أن ما قدمه للحق وارث.
وبعبارة أخرى يعبرون عن التطرف والغلو , ويرون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة على مقاساتهم التي تنسف ما عداها.
أنظروا إلى المفكرين العرب من أولهم إلى آخرهم , فلن تجدوا مَن يحيد عن التمسك بأن طريقي هو الطريق وغيري لا طريق , مشروعي هو المشروع وغيره لا مشروع , وكل يبني منطلقاته على ما يعرف , ولا يستطيع التفاعل مع غيره لكي يتوسع ويرى أوضح.
أحد المفكرين الكبار والمثقفين المعروفين , يرى أن إبن رشد هو حلاّل مشاكل الأمة , بعد عدة قرون على وفاته (10\12\1198) , وهو الذي عجز عن التفاعل الإيجابي مع عصره , وتحول إلى حالة منبوذة من قبل الفقهاء الذين كان سيدهم , وآخرون يرون أن العلة في طبقات العقل العربي , ويسمونها كما يحلو لهم , وطروحات عديدة أخرى نجم عنها عشرات بل مئات الكتب , وما بعثت الأمة ولا اخرجتها من محنها الكأداء المصفودة بها , وهي التي إمتلكت أدوات الصيرورة الحضارية المعاصرة.
فبها ثروات عقلية ومادية وأرضية صالحة للإنطلاق الأصيل , وهذا يشير إلى أن العيب في نخب الأمة الذين تورطوا بالنشاطات العبثية , وإنحسارهم في زاوية حادة مكونة من ضلعي الدين والتراث , وما قدموا ما ينفع , وإنما ذات الطروحات المكررة المتداولة عبر الأجيال المخمّدة الموؤدة في ذاتها وموضوعها.
إن الخروج من هذا المأزق المصنّع في مختبرات الآخرين والذين يفعّلونه بمخالبهم وأنيابهم , يتطلب التحرر من قبضة العبثية التي رسختها النخب في الوعي الجمعي.
فالأمة متوثبة ومنطلقة لمستقبل أفضل , وهي ليست منحطة أو منكسرة , إنها أمة حية , وستكون , وعلى قياداتها أن تؤمن بقوتها وقدرتها على المواكبة والمسابقة , والتعبير عن جوهرها الذي لابد له أن يسطع , وينتصر على المعوقات والمصدات , ويفند الحروب النفسية الشرسة الغاشمة ويهزمها!!
د-صادق السامرائي