ان توثيق النتاج الفكري للمرأة خاصة ، والنتاج الفكري عامة يعد واحدا من اهم عوامل حفظ هذا التراث واطلاع الباحثين المختصين على ماجاء فيه ، وعلى مفرداته وموضوعيته ، وحجم ما آثرت المرأة العالمة والباحثة والاستاذة ، على الجود به ، وتحقيق إضافة مهمة للنتاج الفكري العراقي..
وقد حرصنا على تقديم هذا العرض في هذه الايام بالذات تيمّنا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة ، مسلطين الضوء على دور مهم من أدوارها ، ألا وهو دورها الفكري ، مختارين هذه المرة عقلها وليس شكلها وحضورها في أدوارها الاخرى التشريعية والتنفيذية والانتاجية والانجابية .
فالنساء العراقيات بمختلف توجهاتهن الايدلوجية الدينية والاثنية ، كن دائما في طليعة مسيرة التقدم الفكري والتحرر الاجتماعي والانعتاق السياسي على الرغم من العراقيل التي كن يلاقينها لاسباب غير موضوعية وخارجة عن ارادتهن.
حيث يتواصل ابداع المرأة وعطاؤها الفكري في المجالات كافة فالدكتورة ابتهال كاصد الزيدي بحثت في (علم الاصوات في كتب معاني القران) عندما قدمت رسالتها للماجستير واستمرت في نهجها لتتناول (البحث في البيان في تفسير القران للشيخ الطوسي) وهو موضوع اطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه لتتوج امرأة مبدعة وقيادية وصاحبة قرار. واضافت الدكتورة بشرى الزويني لمسات في العلوم السياسية بعد ان اعدت رسالتها للماجستير حول موضوع مصر والقضية الفلسطينية ، وقد نحت منحى اخر عندما كتبت اطروحتها للدكتوراه حيث تناولت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في العراق بعد عام 2003 وهكذا فعلت الدكتورة يسرى كريم محسن ، فقد قدمت رسالتها للماجستير بعنوان :السياسة الخارجية الامريكية..واثرها على العلاقات العربية العربية ، واتجهت اتجاها اخر في اطروحتها للدكتوراه اذ اختارت موضوعا مهما وحداثويا هو الحكومة العالمية..وتطورات النظام السياسي الدولي .
وقدمت الدكتورة وسن علي عبد الحسين الزبيدي رسالتها للماجستير في الادب العربي بموضوع(الصورة الشعرية عند بلند الحيدري) في حين بحثت في (الفضاء السردي في شعر الاغتراب العراقي من 1970-2012) في اطروحة الدكتوراه ، وبحثت الدكتورة
فوزية مهدي المالكي المتخصصة بالتراث العراقي في موضوع (الخزف ذو البريق المعدني حتى نهاية القرن الرابع الهجري) وهي رسالة ماجستير قدمت الى كلية الاداب قسم الآثار وبحثت في(المدرسة العربية في التصوير الاسلامي واثرها على رسوم الخزف) عند تقديم اطروحتها للدكتواره.
وبحثت الدكتوره ابتسام محمد العامري في العلاقات الصينية الامريكية وقدمت رسالتها في الماجستير تحت هذا العنوان ، وهكذا استمرت في بحثها بالشأن الصيني عندما كتبت تحت عنوان (التحديث في الصين) وهو موضوع مكمل لدراستها السابقة في الشأن الصيني وكانت هذه اطروحتها للدكتوراة في الفلسفة السياسية حيث اصبحت بعدها احدى اهم المتخصصين بشأن بلدان شرق اسيا وتلت ذلك في بحوث قيمة عن اليابان وتايلند وكوريا..
وقد اصدرت دار الكتب و الوثائق في وزارة الثقافة عام 2008 كتابا والذي تضمن النتاج الفكري للمرأة العراقية لعامي 2006 – 2007 وقد تمثل باطاريح الدكتوراه ورسائل الماجستير والبحوث والكتب والصحف والمجلات تناولت المعارف العامة والفلسفة والظواهر غير الطبيعية والديانات والعلوم الاجتماعية واللغات، والعلوم الطبيعية والرياضيات والتكنولوجيا ( العلوم التطبيقية) والفنون والادب والبلاغة والجغرافيا والتاريخ .. وهذا النتاج الفكري للمرأة في عامين لم يكن كل ما انتج بل بعضه لان الكثير منه فقد كما اشارت الى ذلك مقدمة الكتاب.
لقد وثق الكتاب لـ(2234) مادة علمية وأدبية وثقافية وفي مجالات المعرفة كافة .. كان القسم الأكبر منها للرسائل الجامعية حيث اشتمل الكتاب على الإشارة الى (1378) رسالة ماجستير و (525) اطروحة دكتوراه قدمتها باحثات مختصات في المجالات التي مرذكرها . إضافة الى ذلك هناك (11) بحثا من بحوث الدبلوم العالي و (20) كتابا مختلفا و(8) صحف ومجلات وهذا الكم الذي وثق كنتاج على مساحة (720) يوما أي سنتين يشير الى أهمية الإضافة القيمة لما تقدمه المرأ ة العراقية في بناء بلدها علميا وثقافيا وادبيا ولغويا ومجالات أخرى.
فأننا نجد المرأة قد بحثت في علوم الإحصاء كما جاء في اطاريح ورسائل اسيل ناصر حسين ، ولمياء محمد علي البدراني ، وحلا سلمان فرحان ، وعواطف رزوقي مزعل ، وميسون علي رحمن ، وتهاني مهدي عباس ، وياسمين عبد الرحمن ، وسهله عباس جواد ، وثناء ليلو عباس ، وهدى فائق عبد الرحمن.
وهكذا تطول القائمة لتشتمل على موضوع رسائل واطروحات في فلسفة الاعلام قدمتها الدكتورة سهام الشجيري ، وصناعة الاخبار في الفضائية العراقية قدمتها فناء إسماعيل العاني ، او الاتجاهات السياسية للخبر الرئيس في الصحافة العراقية لضمياء الربيعي ، وأسماء أخرى لامعة لباحثات مثل خلود كاظم ، وايسر خليل إبراهيم ، واسراء جاسم فتحي ، ورواء هادي صالح ، وتغريد فاضل حسين ، وماقدمته الدكتور ريا الحمداني حول نشاطات جماعات الضغط العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الامريكية..
واذا ما اطلعنا على علوم الفلسفة والظواهر غير الطبيعية وعلم النفس فان المرأة العراقية دخلت أغوار هذه العلوم لتخرج بنتائج منطقية فيما بحثت عنه.. فجاءت أسماء مهمة مثل آلاء جاسم كاطع ، وافراح لطفي عبد الله ، ومنتهى عبد جاسم ، وسهيلة عبد الرضا عسكر ، وغيرهن عشرات الأسماء.. وفي العلوم الاجتماعية بحثت الدكتورة ناهدة عبد الكريم حافظ في مناهج البحث الاجتماعي ، كما بحثت اخلاص اكرم رسول حول الانترنيت والتقيد الاجتماعي .. وتناولت الباحثة زينب الغراوي العوامل الاجتماعية والثقافية وأثرها في تكوين شخصية المرأة العراقية ، واختارت آلاء عبد الله معروف موضوعا مهما لاطروحتها في الدكتوراه في فلسفة اداب علم الاجتماع الا وهو( المرأة واتخاذ القرار الاجتماعي) وهي بادرة جيدة أن تكتب المرأة عن المرأة في قضاياها ، لذلك نجد ان الكثيرات من الباحثات اتخذن هذا المسلك كما فعلت الدكتورة ليلى قاسم لازم عندما قدمت اطروحتها للدكتورة حول تفعيل دور المرأة في المؤسسة التربوية ، وهي دراسة ميدانية في محافظة ميسان ، بينما بحثت الدكتورة افراح جاسم محمد في موضوع اجتماعي غاية في الأهمية تناول العنف الاسري ضد الزوجة.
وامتدت الدراسات التي عمدت المرأة العراقية الى الخوض فيها الى التخطيط الحضري والإقليمي .. فدرست الباحثة مها صكر الجنابي في دور نظرية المجال الحيوي الإنساني في تخطيط وتصميم المناطق السكنية. واهتمت المرأة بعالم الطفل حيث كتبت الباحثة ابتسام محمد مجيد عن واقع حقوق الطفل في المدارس الابتدائية ، كما كتبت الباحثة شذى حسين حسن بحثا بعنوان البنات في المناهج الدراسية والكتب الثقافية ، وهكذا نجد ان المرأة العراقية قد خاضت في مجالات البحث العلمي كافة فكتبت في التاريخ والسياسة والاقتصاد والرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الاجتماعية وعلم النفس إضافة الى اللغة والادب وتناولت بشكل واسع مختلف شؤون الثقافة .
انها المرأة العراقية التي توزن بموازين الذهب عقلا وفكرا وتكوينا.