27 ديسمبر، 2024 4:18 م

شلخ: قطع , هبر
لكي تقضي على أي مجتمع , وتغيّب الوطن , وتمحق الشعور الوطني , عليك بتشليخه , وتحويله إلى كينونات متناهية في الصغر على رأس كل منها فرد يأمر وينهي , ويتلقى العون المادي والأمني والمعنوي من الكراسي الفاعلة في البلاد.
ويبدو أن هذه الآلية التدميرية أتت أؤكلها في بعض المجتمعات المستهدَفة , التي تسلط عليها الأتباع والمنصبون لخدمة الأسياد , وحرمان العباد من حقوقهم , ومصادرة وجودهم وإعتبارهم أرقام.
فالمدينة التي تعداد سكانها بضعة مئات من الآلاف , سيتوطنها بضعة عشرات من الأفراد المسوقون , القادرون على لجم أفواه الذين إنضموا إلى (شلختهم : حصتهم) من البشر الأرقام , وعليهم التعبير عن رأي (المشلوخ: رئيسهم) , وما يريده منهم يكون أمرا فوري التنفيذ , ومَن لا ينفذ يتم (تشليخه : تمزيقه) , وكأن حوله ذئاب كاسرة , وكلاب بوليسية ذات إفتراسية عالية!!
هكذا تُحكم البلدان المصادرة السيادة والمصير , التي يتدبرها الأغراب والأجانب المستحوذون على ثرواتها , والمانعون للبناء والتقدم والنماء , فالناس فيها حفاة عراة , والمتحكم بهم يعيش في ثراء , ويسخّر ما يستطيعه لتخنيعهم وتدجينهم وتحويلهم إلى قطيع بلا ثغاء.
فكيف يتماسك المجتمع , ويستعيد الوطن عزته وكرامته وسيادته؟
عندما يغيب الهدف الجامع والمصلحة المشتركة في أي مجتمع , فالوطن يتفتت والكينونات المتصاغرة فيه ستعتمد على قوى خارجية طامعة بالبلاد , لتستمد العون على البقاء والمطاولة , ونسيان الوطن , لأنه تحول إلى مستنقع تتقاتل فيه الموجودات , لقلة الموارد وشدة الضغط الإستلابي الهادف إلى التجفيف والفناء الشامل للأحياء.
وعندها , يكون لسان الحق مقطوعا , ولسان الباطل طويلا , والنفاق مليكا , والمرائي بطلا , والتابع وطنيا , والخائن قدوة , وبهذا تنمحق الأمم وتفترَس الأوطان!!
فهل من قدرة على وعي الإمتهان؟!!
د-صادق السامرائي