تابعت، قبل أيام، مقطعا مُصوّرا، يَصف الحياة في غزة، ويؤكد بأن الموت ينتشر في كل مكان.
ويتساءل: ماذا تفعل إن أردت أن تنجو من الموت في غزة؟
لا تجلس بالبيت، ولا تخرج منه، ولا تنزح لمدرسة، أو مؤسسة حتى لو حملت بطاقات كل الهيئات الدولية!
ولا تلجا لمستشفى، صحيح أن القانون الدولي يمنع قصف المشافي، ولكن ليس إذا كانت في غزة!
لا تذهب لبقالة، أو مخبز، أو تمشي في منتصف الشارع، أو تحت البنايات!
لا تبقى في منطقتك، ولا تنزح لأي مكان قريب، أو بعيد!
ولا تجلس وحدك ولا تجتمع مع عائلتك، ولا تقترب من مسجد ولا كنيسة، ولا …، ولا …، فلا مكان آمن في غزة!
شهيد كل خمسة دقائق يوميا بقنابل تلقيها “إسرائيل” على رؤوس الغزيين!
وفي أسبوع واحد فقط قصفت “إسرائيل” غزة أكثر مما قصفت أمريكا أفغانستان في عام كامل!
هذا هو واقع الحال في غزة، فكيف ينجو الناس من الموت وسط هذه المحرقة المستمرة أمام أنظار المجتمع الدولي؟
لا خلاف بين العقلاء أن “إسرائيل” أجرمت بحق الفلسطينيين
في واحدة من أبشع المعارك بين قوات محتلة حاقدة، وشعب يقاوم بأبسط الإمكانيات المتاحة.
إن العار الذي لحق العالم، كل العالم، إلا الدول والأشخاص الذين كان لهم موقف مميز من غزة، هذا العار لا يُمحى بسهولة لأننا نعيش في عصر يقال عنه عصر التطور والتحضر والتقدم، ولكن الواقع مختلف جدا حيث إننا نتابع، وعلى الهواء مباشرة، آلة الحرب الإسرائيلية الإرهابية، وهي تقتل وتدمر وتذبح وتهجر أهلنا في غزة بهمجية وحقد دفين قلّ نظيره، وهي لا تفرق بنيرانها الشريرة بين الأطفال والرجال والنساء والمسلحين وغير المسلحين، وهي تحرق كل ما يتحرك!
وتحاول “إسرائيل” الاستعانة بواشنطن للقضاء، أيضا، على قادة المقاومة الفلسطينية في غزة، وعلى رأسهم يحيى السنوار العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر 2023.
وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” “الإسرائيلية” يوم 11/5/2023 أن “إسرائيل جعلت من القضاء على السنوار عنصرا أساسيا في هدفها الذي أعلنت عنه والمتمثل في تدمير حماس”!
صدقا هي حرب إبادة وتدمير، وهي حرب حرق لكل إنسان فوق الأرض، وتدمير لكل صورة من صور الحياة، وهذا الواقع الإرهابي لا يتفق لا مع القوانين الدولية، ولا مع أبسط أخلاق الحروب القديمة والحديثة.
هذه الحرب الهمجية لا يمكن أن تستمر، وفي لحظة ما ستتوقف، وسيكتشف العالم حينها حجم الدمار والهمجية الصهيونية التي مُورست في غزة.
ووفقا لهذه الهمجية طالب مجلس الأمن الدولي، 10/5/2024، بإجراء تحقيق “مستقل” و”فوري” بعد اكتشاف مقابر جماعية في مستشفيي ناصر والشفاء وبمحيطهما في غزة، حيث عثر على مئات الجثث التي تعود خصوصا لنساء وأطفال وشيوخ”.
إن الفاتورة الباهظة التي دقعتها المقاومة الفلسطينية سواء من مقاتليها أو من المدنيين لم تذهب أدراج الرياح!
والتضحيات الفلسطينية الغالية أثمرت عن قرار أممي، ولو كان رمزيا، صدر يوم 10/5/2024 حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبرى تأييدا “لطلب عضوية فلسطين في المنظمة الأممية”.
وهذه الخطوة أضافت حملا ثقيلا جديدا على حكومة بنيامين نتنياهو، وأكدت وزارة خارجيته أن التصويت “يبعث برسالة إلى حماس مفادها أن العنف يؤتي ثماره”.
النصر الفلسطيني لا يمكن أن يكون بالمجان، وهذا هو واقع المقاومات في التاريخ، ولكن النتيجة القطعية المؤكدة أن النصر سيكون لصالح غزة وأهلها، والخزي والعار “لإسرائيل” ومَن يقف معها!
dr_jasemj67@