الأمة مبتلاة بالهاربين من مواجهة التحدي الأساسي , والمرعوبين من الإشارة إلى بيت الداء , ولهذا فأنهم يدورون حوله , ويسوِّغون الأوجاع والإنتكاسات الإنسانية في واقع عليهم أن ينهضوا به , ويستثمرون بطاقات وقدرات أجياله.
ماذا يفعل المفكرون؟!
يحللون ويفسرون وينتهون إلى ” ليس في الإمكان خير مما كان” , فعلى مدى أكثر من قرن , تجدهم يدورون في دائرة مفرغة من التفاعلات العبثية والمشاريع الهوائية , وكل منهم ينضد العشرات من الكتب التي تتحدث عن مشروعه المولود ميتا.
ولن تجد منذ صرخة عبدالرحمن الكواكبي وحتى اليوم , مَن تجرأ وقال إن العلة الحقيقية في الكراسي , التي تدير شؤون أمة ذات عقول ذكية وقدرات حضارية.
أمة توطن كراسيَّها العسكريون , فهل تساءلتم عن ثقافتهم , ودرايتهم وماذا يعرفون.
معظمهم جهلة ويوهمهم المنافقون بأنهم يعرفون , وما ينطقون به وحي يوحى , ويجب أن يقدَّس , ولهذا صارت خطاباتهم قوانين ودساتير , وهم فوق كل شيئ والواحد منهم لا يساوي شيئا.
يجهلون أوطانهم وتأريخهم , وطبائع شعوبهم , ويتصوَّرون أن جلوسهم على كرسي السلطة بمنحهم الحق في النظر في كل شيئ , فهم العارفون وما عداهم من الجاهلين.
إلا أنهم هم الجاهلون , لكنهم في غفلتهم وأوهامهم يعمهون , وواحدهم لا يدري ويدري أنه يدري!!
ولو أخذت أيا منهم منذ نشوء دول الأمة , ودرست خطاباتهم وقيَّمت سلوكهم لأثبتَ درجات غبائهم الفاضحة , ولهذا أوصلوا دول الأمة إلى حضيض الوجيع والقهر والمعاناة.
إن العلة في الكراسي , ومَن يغفل ذلك الداء الوخيم , ولم يقرأ أهوال الإستبداد فأنه عدو العباد والبلاد!!