المفكرون العرب يعبثون ولا يفكرون , وبسبب عبثياتهم المتراكمة أصاب الأمة الوجيع المتفاقم , وبعضهم أدرك حقيقة ما يجري في الواقع , وأخذ يُجابه المعضلات بإرادة علمية منهجية جريئة , لكنهم محاصرون وضائعون.
المفكرون يرددون رؤى الأجانب وما يتصورونه عن أمتنا , ويأخذون بنظرياتهم وطروحاتهم , وتراهم ضد المستشرقين ويترجمون إقتراباتهم من واقع الأمة , فقراءاتهم أجنبية وإن كتبت بلغة عربية.
فهم يقهرون الأمة ولا يعينوها على الصمود والتصدي , والإنطلاق إلى آفاق النصر والعطاء الإنساني الأصيل.
أكثرهم يستحضر الحالات السلبية في الواقع المعاصر والماضي , ويجتهد في تبريرها وتفسيرها وتعميمها وتجميع الأسباب الترسيخه , وينتهي بهم المطاف إلى أن العلة الجوهرية في الدين , وكأنهم يحسبون الأمة الوحيدة التي لديها دين.
وهذه الأمة أقل تدينا من غيرها , فأمم الأرض ربما أكثر تدينا منها.
فلماذا لا يرى مفكروها أن العلة بالدين؟
هذا يعني أن المفكرين العرب , منحرفون غيبيون يتخبطون , يدورون حول المشكلة , ولا يمتلكون الجرأة على مواجهتها وسبر أغوارها بعلمية ومنهجية ذات قيمة عملية.
فمعظمهم يندحرون في زوايا حادة , ويتوهمون بمشاريع يفنون أعمارهم فيها , وهي بلا قيمة ولا معنى وأثر , وما نفعت الأجيال وإنتهت على رفوف الإهمال والتجاهل , وماتت بموتهم لعدم إمتلاكها مؤهلات التواصل والحياة.
إن الإمعان بإستحضار ما هو سلبي وسوداوي في حاضر الأمة , يعني دفعها إلى مهاوي التداعيات اليائسة , وتقرير تخميدها وتعويقها وإقناع الأجيال بدور العالة والتطفل على الآخرين.
كما أنهم أسهموا بتعطيل العقول , وتدمير الإرادات وتجييش النفوس ودفعها نحو مسارات إفنائية متواصلة.
وبجهودهم أخرجوها من سكة العصر والتيهان في طرقات الإنحراف والإستنزاف؟
فهل من تفكير إيجابي وإحياء لطاقاتها الإيجابية؟!!