لقد اسدل الستار على الانتخابات البرلمانية لعام 2014 وسط حذر وقلق شديدين هذه الانتخابات يتداخل فيها الأمل باليأس ، بين التغيير أو إبقاء الوضع على ما هو عليه. مع ذلك ليس لأحد إن يُنكر وجودَ الانتخابات، مهما رافقها من عثراتٍ وعقبات، كان ابرز ما عكر صفوها ونزاهتها هو سوق النخاسة الذي انتشر بشكل غير مسبوق من قبل أصحاب الضمائر المريضة او الميتة من الوجوه البرلمانية او السياسية التي تعفرت بعرق الذل والمهانة التي يفوح من جسدها الهزيل .
هذه الانتخابات ربما تميزت عن سابقاتها بكثرة الكيانات والتحالفات التي تجعل تسمية رئيس الوزراء المقبل عسيرة جدا ومعقدة ، ولعل حظوظ رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته باتت تدخل مرحلة جديدة من الاتفاقات مما تجعل المالكي اكثر عرضة للابتزاز وحصد المغانم لصالح المقاعد التي ستجعله يحصل على ولاية ثالثة ، بات وبما لا يقبل الشك ان سُنة المالكي هم الأوفر حظاً والاكثر خطراً على مستقبل التغيير في العراق دون غيرهم ، ربما سيكونون ” بيضة القبان ” في تسمية رئيس الحكومة الجديد ، وذلك لانهم يلهثون خلف اطماعهم وعمالتهم .
إن تفاقم وتيرة التشنج المتصاعدة بين الاطراف الشيعية في العراق قد اصابت المتحكمون بالعملية السياسية ” الايرانيين ” بالهيستيريا والملل إلى درجة أن بعضهم بدأ يتكهن بأن النفوذ الشيعي في العراق يقترب من نهايته. وهذا يبدو قريبا للخيال ، وأن هذا السيناريو مستبعد جداً، وذلك لان اوراق اللعبة مازالت بيد الجنرال قاسم سليماني .
لقد خرج من الصندوق الاسود الايراني معلومات تفيد ، ان ساسة ايران طلبوا من الزعيم الشيعي كاظم الحسيني الحائري التوسط نيابة عنهم في محاولة لإقناع الصدر ، أن المالكي يجب أن يبقى رئيساً للوزراء ، لا اعتبارات عديدة منها ، ان رئيس “حكومة إقليم كردستان” مسعود البرزاني ، لا يتمتع بعلاقات قريبة مع إيران، ويُنظر إليه على أنه أقرب كثيراً إلى تركيا. أما الحكيم فيبدو أنه في معضلة. فمن ناحية، يسعى لاستمالة إيران، ومن ناحية أخرى، يحاول إرضاء ائتلافه الذي يضم جماعات معارضة للنفوذ الإيراني. لذلك، قد يحابي المالكي – حليف إيران – مقابل تمتعه بسلطة أكبر داخل الحكومة العراقية.
لدى إيران بالتأكيد مصلحة في نتائج الانتخابات التي سوف يكون لها تأثير حاسم على مستقبل إيران في العراق. لذا فإن تدخلها سيكون في أشده، على الرغم من مرارة الخلاف الداخلي بين الشيعة، والصراع بين الشيعة والسنة – حيث أن كليهما يمكن أن يقوّض الانتخابات إذا ما زادت حدة هذه الخلافات.