22 ديسمبر، 2024 10:37 م

المظلومون يصنعون الظالمين! 

المظلومون يصنعون الظالمين! 

“الأشياء التي تقتُلنا
تبدو متعاميةً عن الموتِ
الذي تمنحُه ” ! شارلوت ميو
يتحسر أشباه العقلاء ، وأشباه الصالحين وأشباه المثقفين ، على فساد المجتمع ، أي مجتمع ! وعلى كثرة الجهلاء أو السيئين أو الأشرار أو الظالمين فيه ، إلى درجة أن حتى الجاهل يشتكي كثرة الجهلاء ، وحتى الظالم يرى نفسه مظلوما ، ويشتم الظالمين ويلعنهم ويدعوا عليهم ، وينتظر أن يعاقبهم الله في الدنيا والآخرة !
وهذه أخطر آفة تصيب المجتمع المريض ، حيث سيادة النفاق بأسوأ اشكاله ، وضياع المقاييس الصحيحة لتمييز الصواب من الخطأ ، والخير من الشر !
وبسبب أن تعليل هذه الحالة المعقدة ، والمتعددة العناصر والحيثيات متعذر أو صعب ، فالأفضل هو استعمال التعليل العام ، وتعليل الحالة بالجهل والنفاق ، الجهل المركب والنفاق الواهم .
الجهل المركب يعني أن الجاهل يجهل ويجهل أنه يجهل ، ويظن نفسه يعرف !
والنفاق المركب أن المنافق لا يرى نفسه منافقا ، بل غيره ، رغم كونه غارقا في النفاق !
وتظل مشكلة بيان الحالة بالكلام قائمة ؛ حيث أن مثل هذه الموضوعات صارت غامضة أو مجهولة بفعل فاعلين ! أعني بسبب التجهيل والتضليل ؛ ويحتاج إدراكها وفهمها إلى معايشة ومعاناة ، إضافة إلى العقل والذكاء والشعور النبيل !
ولا يكفي الكلام غالبا لبيانها وتوضيحها وإقناع الآخرين بها ، بوجودها وخطرها !
كذلك إذا وصفنا الحالة بجدية قاسية ، وقلنا أن السبب الأساس لفساد المجتمع هو الصالحون والعقلاء ! وسببه الثانوي هو الجهلاء والفاسدون ، فتبقى مشكلة التوضيح و التفهيم والإقناع قائمة !
وحتى لو قال أحد ، أن هذا الكلام خاطئ ، أو غامض ، أو غير مقنع ، فإن شواهد الواقع وأفعال ومواقف الناس أدلة كافية على صحة ما يراد إثباته ، حيث حتى أبسط الناس يعبرون في المواقف المناسبة عن ذلك ، في أقوال وعبارات ذكية دقيقة التوضيح والتشخيص ، صادرة عن الخبرة والمعاناة والواقعية !