23 ديسمبر، 2024 4:07 م

المسؤولون .. بين فسادهم وسطوة ابنائهم

المسؤولون .. بين فسادهم وسطوة ابنائهم

لم يكتفي أبناء العراق بما يصيبهم من قتل يومي ممنهج ، ولم يكتفي الساسة والمسؤولين بما يلحقونه من اذى للمواطن البسيط سواء في انعدام الامن والخدمات والفساد والترهيب والاعتقال والتعذيب ، حتى ظهر نوع اخر من التجاوز على العراقيين وحرماتهم على يد أبناء المسؤولين الذين احتار البعض الأكثر منهم فوجدوا انفسهم بين خيارين لا ثالث لهما ” الموقف او المنصب”!!
اما ان يكون لهم موقف يحفظ لهم كرامتهم ، ويجعلهم اقوياء في نظر مؤيديهم واتباعهم وانصارهم الذين اوصلوهم الى ما هم فيه ،فيقدموا الاعتذار لمن لحق به الأذى من عامة الناس ويعيدوا الحق الى نصابه ، وهذا محال امام سطوة زوجاتهم القاسية والمتسلطة عليهم ، فتنتصر الهيبة في معادلة الصراع بين ضعف المسؤولين امام أبنائهم وبين صلابتهم وحزمهم كرجال دولة !!
وأما المنصب فيوفر لهم جاها كان مفقودا ، ومالا كان شحيحا، ووجاهة كلما اقتربوا منها هربت منهم ، ومكانة لا تليق بهم  ، وكلما التصقوا بها قالت.. معاذالله  !، ان هؤلاء المسؤولينوذريتهم العفنةلا يستطيعون العيش من دون المنصب الذي لو خيروهم بينه وبين الخروج من المحنة التي يمر بها البلد ، لاختاروا الجاه المزيف الذي تنكث فيه العهود وتخان فيه الوعود ، على حساب الموقف الذي يبخر احلامهم وسطوة أبنائهم الجاثمة على صدور الشرفاء.
لقد مَنتْ علينا الغمامة السياسية في ارجاء البلاد ، بخراج مخجل وهزيل عاث بمؤسسات الحكومة المالكية السطوة والخراب والفساد في بطون المسؤولين وعوائلهم الذين يبنون قصورهم الفارهة في عواصم عربية وغربية ، فاقت كلفها وبهرجتها مال قارون .
ان هؤلاء المفسدون نخروا بنيان الدولة الرصين الذي أسس لبناته الملك حمورابي وشيده نبوخذ نصرفاكمل اعماره البناة المخلصون الزاهدون الذين لم نسمع يوما انهم يكتنزون قصورا وفللاً على شواطئ البحر الكاريبي او في عواصم الضباب ، او ودائع تستثمر في بنوك سويسرا وامريكا والدول الاسكندنافية ،
كلُّ كنزٍ في هذه الدنيا المزيفة فانٍ ،إلا محبةَ الناسِ فإنّها كنزٌ يتجدّد ، وكلُّ ثروةٍ زائلةٍ عن الوجود ، إلا ثروةَ التسامح والأخلاق الرفيعة التي تسموا على الكراهية والضغينة والتكبر والتسلط وايذاء الناس .

اتقوا الله أيها المتنفذون السلطويون في أبناء جلدكم ،واعلموا ان الذين يشتمونهم ابنائكم انما يضعون تيجانا ً على رؤوسهم، فيسيروا مختالين فخورين مرفوعي الهامة ، اما انتم وبنوكم فسيضع الموت قفازة في كفيه قبل ان يقبضكم فرط ما فيكم من عفنٍ ونجاسة ،واعلموا ان لا وجودكم في المناصب يعلي من شأن العراق ، ولا خروجكم من الحياة السياسية يتسبب في تخلفه ، بل ان اقتران اسمائكم بالسياسة هو الذلة والعلة التي ابتلينا بها ونتضرع الى الباري عز وجل ان يشفينا منها بعد ان ذقنا مرارتها واكتوينا بلوعتها .
السلام على كلِّ مسؤولٍ لجم جماح أبنائه، وروّض نفسه ليكون أباً وقدوة للجميع ! ولا سلام على الذين داهمهم الجهل واستوطنهم الحقدوالاستكبار .