23 ديسمبر، 2024 1:07 ص

المرأة .. بين النص الديني.. والقانون الوضعي ..الى أين ؟

المرأة .. بين النص الديني.. والقانون الوضعي ..الى أين ؟

من يتابع اصل كلمة أمرأة في المعاجم العربية ،يجد ان كلمة مرأة خففت على اللفظ ، فألحقوا ألف الاصل في المؤنث فقالوا أمرأة. واذا عرفوها قالوا المرأة وهي تأنيث لكلمة المرأ..فالمرأة والمرأ واحد لا فرق بينهما لغوياً.،وقيل ان الأمرأة صدق الرجل . واذا تتبعنا الكلمة في المعاجم العربية نجد في نهاية الامر ان المرأة صنو الرجل،اي انسانة مساوية له في الخَلق والخِلقة ،ولا فرق بينهما ابداً في الحقوق وكل الأحاديث النبوية التي وردت في تحجيم حقوق المرأة من الفقهاء والمحدثين مُنتحلة وليس لها من أصل….تحددها الآية 180 من سورة البقرة التي أعطت للرجل حق الوصية بحق المرأة اعترافا بحقوقها المتكاملة مع الرجل دون تفريق.يقول الحق :”كُتبَ عليكم اذا حضرَ احدُكم الموتُ ان تركَ خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين”. هذا القانون هو المطبق في العالم المتحضر اليوم.. وليس في عالم الاسلام الذي يدعي الدين ..

كلمة المرأة وردت في القرآن في 24 موضعاً ومثلها الرجل،وذكرت مريم في القرآن 33 مرة صاحبها الاحترام والتبجيل في ولادة النبي عيسى بن مريم(ع).ولم يبجل الرجل مثلها ..وكانت العرب قبل الأسلام تخير المرأة في تسمية مولودها باسمها ام باسم ابيه ليس لان والده غير معروف كما يشاع خطئاً في المصادر الاسلامية التي سمت عصر قبل الاسلام بالعصر الجاهلي تجاوزا على الحقيقة وجعل كل ما جاء في الاسلام افضل مما سبقه وهنا نحتاج الى تحقيق..وان المرأة كانت تتزوج أكثر من رجل .. ولها أحقيقة تبني المولود.. بل اعطى لها الحق في اختيار زوجها دون اكراه من احدٍ( جواد علي،المفصل). ومن يتابع تأويل الايات القرآنية التي جاءت بخصوص المرأة يلحظ ان القرآن الكريم اراد لها مكانة التكريم والتبجيل اكثر من الرجل، وخاصة في الزواج والطلاق والحقوق الوراثية وفي الكلالة والميثاق والقوامة والمهر واللباس والحقوق الاخرى ،بدليل الاكثار في التأكيد على حقوقها قي القرآن الكريم دون الرجل،لمعرفة الخالق عزوجل بأنانية الرجل تجاه المرأة ،لأرث عربي قديم..وخاصة ً في المناطق الموغلة في البداوة .
ان المشكلة الاساسية في حقوق المرأة وقوانين الاحوال الشخصية في الاسلام هو تعدد أراء الفرق الاسلامية المختلفة في تفسير النص القرآني تفسيراً فقهياً لا يتفق وحاجة التطور الاجتماعي في المجتمعات الحضارية الاخرى.لذا فأن النص الديني بحاجة ماسة الى مراجعه وقراءة من جديد وفق القاعدة العلمية لـتآويل النص علمياً لا لتفسيره فقهياً ، لأن الفقيه يختلف عن العالم.لا سيما وان الكثير من النصوص فسرت تفسيرأ أحادياً،كان جوهرها الاقصاء لكل جديد.

سنحاول ان نعرج على تلك الحقوق لنتبين ان ما ألصق بالمرأة من اتهامات واقوال غير صحيحة، وان ما اعطيت من مكانة ناقصة عن مكانة الرجل كانت أنانية ذكورية مؤيدة من الفقهاء الذين خدموا السلطة وأوغلوا في الجنس ..و ليس كما قال فيها القرآن الكريم:(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداءفأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ًوأولئك هم الفاسقون،النور4).وهي الآية التي جرى النقاش حولها في نظرية القياس بين الأمامين جعفر الصادق”ع” الذي يرفض القياس وأبي حنيفة النعمان “رض” المؤيد له..وهذه الآية الكريمة خاصة بالتلبس في الزنا ،ويكاد القرآن الكريم يعطي المستحيل في أثبات هذه الواقعة المخالفة للقيم،لأن ممارسة الجنس لا يمكن ان تكون في العلن، بينما نلاحظ ان المرأة تهان او تجبرعلى الزواج دون رغبتها وهي قاصرة أو الأعتداء عليها كما في داعش الأجرام الذي يرفع شعار لا اله الا الله محمد رسول الله..وحركة الفتوحات الاسلامية اللامبررة شرعا وقانوناً والتي استغلت الأية الكريمة “وما ملكت ايمانهم”فجعلوها سلعة جنسٍ لهم والعادات العربية والاسلامية المتخلفة اليوم. ،وحتى قتلها احيانا كثيرة على التهمة دون تحقيق تطبيقا للعادات المورثة البالية بحجة الزنا، ناهيك عن الزواج المكره “كصة بكصة”وهذا ما نراه اليوم من مآسٍ اجتماعية كثيرة يصعب على الدولة حلها الا بتطبيق القانون دون تفريق …ولكن اين نجد تطبيق القانون ودولة الاسلام منذ ان نشأت ابتعدت عن دولة القانون الا بالنص دون تطبيق ..ولا زالت الى اليوم..

خذ تعدد الزوجات في النص القرآني :
——————————————–
ولنبدأ بالمرأة وحقوقها الانسانية في تعدد الزوجات التي زيفها الرجل لصالحه وثبتت في قوانين الاحوال الشخصية الاسلامية تجاوزا على النص الديني .
يقول الحق: (وان خفتم ان لا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ،فأن خفتم ان لا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى ان لا تعولوا،النساء 3).هذه الاية الكريمة جاءت آية حدودية اي تطبيقها ظرفي.. وليس واجباً ألزامياً..لتغطي الحد الاعلى والادنى قي الكم والكيف،فالادنى الزوجة الواحدة والاعلى هو الاربعة في الكم.اما في الكيف فقد اشترطت الاية الزواج من امهات اليتامى والاطفال الذين لامعيل لهم في زمن اللا قانون ، وليس الكيف من الأبكار للاستمتاع والرغبة الجنسية كما يعتقد البعض، وهم عن انسانية المرأة بعيدين.
وهو آمر آلهي ملزم لا يجوز اختراقة تحت اية ذريعة.وحددت الاية الكريمة ان الزواج لا يتم الا على القدر والاستطاعة،قاعدة قانونية في غالبية النظم الحضارية اليوم..الا عند المسلمين الذين لا يراعون تطبيق النص. فان لم يتمكن الرجل من الاعالة كما في النص القرآني( ان لا تعولوا) أي اذا لم تستطيعوا أعالتهم فواحدة،وهي اقصى الحالات الانسانية في احترام المرأة من العوز والحاجة في وقت كانت المرأة لا تعمل.. اما اليوم فالحالة الظرفية قد أختفت او تكاد في مجتمع اصبح للمرأة مثل الرجل في حق العمل والحياة..اما التعدد فيحصل في حالة المرض وعدم الانجاب ،وهذا مجاز في غالبية الديانات السماوية والوضعية قانونا. “اما وما ملكت ايمانكم بدون عقد احصان فهو زنا معترف به خطئاً..بحاجة الى تحقيق..”.وهذا خطأ قانوني وأخلاقي أرتكب في الفتوحات الاسلامية اللامبررة تجاه الشعوب الاخرى..فالاسلام لا ينص في اعتقاده على الجبرية..”لكم دينكم ولي دين” مصطلح بحاجة الى تحقيق شامل وعام للخروج من النصية الضيقة..
الاسلام كالديانات الأخرى لم يمنع من التعددية الزوجية في حالات الضرورة، كالمرض او العجز او عدم الانجاب بعد التأكد من الحالة المرضية. لأن الزواج المتعدد في الاصل من اجل الايتام ورعايتهم خوفا عليهم من التسيب والضياع كما في قوله تعالى: (وان يتفرقا يُغنِ اللهُ كُلاً من سعتهِ، النساء،130) .هنا يضع القرآن الكريم حالة الاحترام والتقدير للمرأة ،لا كما يدعي اصحاب نظرية ذكورية الرجل المتفوقة اليوم خارج النص الديني.انها اوهام ألصقها فقهاء السلطة بعقولنا بحاجة الى تعديل قانوني كما في الدول المتحضرة التي تحترم انسانية الانسان دون تفريق..أما وما ملكت ايمانكم فذاك نص ورد دون “عقد احصان..” وانا اعتقد انه ليس نصا قرآنياً بل مدسوسا عند التدوين وحصل عند الحروب نتيجة لفوضى الاسر من النساء دون ضوابط ..من المدونيين الذين غلبت عليهم ذكورية الرجل ضد المرأة..حين حرقوا حتى الاصول بعد التدوين.

ان الامور المختلف عليها بين الرجل والمرأة وضرورة تطبيق القانون..هذه الامور لا يمكن اصلاحها الا بأخراج حقوق المرأة من المحاكم الشرعية وتحويلها للقانون المدني الصرف.

الصداق(المهر): مثلا…؟
——————–
فهو الاخر ابتدعوا له ما لم يأتِ به النص القرآني ،معتمدين على أراء الفقهاء الاجتهادية القديمة الميتة دون تدقيق او مراجعة.
لقد جاء في الاية الكريمة في قوله تعالى(وآتوا النساء صدقاتهن نحلةً فأن طبن لكم عن شيء منه نفسا ًفكلوه هنيئاً مريئاً-النساء 4).هنا يحدد القرآن الكريم بأن المهر نحلة اي هدية يقدمها الزوج للزوجة دون التزام من المرأة تجاه الرجل بها، والهدية عرفاً وقانونا لا تُرجَع،لذا فهو ليس بيع وشراء كما يفهمه البعض وفق العادات والتقاليد البالية التي وضعها بعض الفقهاء المنتفعين منها،ولانهم ، يهملون الكلمة واصلها وتصريفها في المعاجم اللغوية ، يلجأون الى العادة والتقليد وهذا مخالف للشرع الاسلامي والقانون الانساني .
ان حدود الله في الزواج تتركز في الايجاب والقبول وعدم فرض الرأي الواحد على الاخر، والاشهار مكتوب بشاهدين والهدية بدون مقابل.اي دَين يعطي للمرأة ما اعطاها الدين ،لكن الفقهاء قد اهملوا هذا الحق بوجود تخريجات المهر الغائب والحاضر وليس لهما في النص الديني من أصل.،ومن يعترض فليأتينا بنص شرعي ثبت.

وبما ان الاية الكريمة حدية “غير الزامية”وليست حدودية فهي المفضلة على ايات الارث(وللذكر مثل حق الانثيين.) اما ما اصرََ عليه الفقهاء بحديث مقطوع أملته بعض الظروف التاريخية لاهل المغازي ان(لا وصية لوارث)،والذين لا زالوا يلزمون النساء به حسب ادعائهم وادخل كقانون في حقوق المرأة هذا غير جائز لعدم ورد النص فيه.- والمرأة كما نعلم هي الام والزوجة والاخت – كل منهن لها تفصيل في الحقوق لايجوز اختراقه ابدا،ولكن بعد الوصية المقررة اجباريا في الارث ،فهو حديث يتناقض مع الاية الكريمة تماما. والقرآن يعلو على الحديث الثبت ،ولا يمكن للرسول الكريم(ص) ان يخترق الاية القرآنية ابداَ ،وبالتالي فالاثنان متساويان في الحقوق الارثية حسب نص آية الوصية ورأ ي المورث،يقول الحق:يا أيها الذين أمنوا لا يحلُ لكم ان ترثوا النساءَ كرهاً ولا تعضُلُوهُنَ لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن الا ان يأتينَ بفاحشةٍ مبينةٍ (اي ثبت) وعاشروهن بالمعروف فأن كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله ُفيه خيراً كثيرا… الاية 19سورة النساء) ليتبين لكم الحق او قل ذلك مرهون بوصية المتوفى.

الايات القرأنية واضحة وصريحة لا لبس فيها بخصوص المرأة وحقوقها الشرعية والانسانية مع الرجل في الارث،وهذه كلها احكام عُتمَ عليها من اجل تقديم مصلحة الرجُل على المرأة استجابة للتقاليد البالية المتعارف عليها في المجتمعات العربية والاسلامية.والتي ظلت متوارثة تتناقلها الاجيال من جيل الى جيل خطئاً ،متناسين أنها ما هي الا قواعد وقوانين ربانية لا يراد لها ان تُخرق..من هنا كان توقف التغيير في أمة الاسلام..لصالح الأفضل..؟
الميثاق والقوامة :
—————–
والمقصود بالميثاق هو العهد الذي يكتب بين الزوجين لتنظيم عملية تكوين الاسرة الواحدة من الرجل والمرأة، ثم الاولاد بعد ذلك، بدلالة الاية الكريمة لقوله تعالى :(وان أردتم أستبدال زوجٍ مكان زوج وأتيتم أحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وأثما مبينا،ألنساء 20).. وأية اخرى تقول : وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعضٍ واخذن منكم ميثاقا غليظا ،النساء 21).هنا يطبق الميثاق في حالة الاستبدال بشروط اخرى ليست هي الكيف وانما الضرورة القانونية والشرعية،كما جاء في اية (3) من سورة النساء،فنقض الميثاق بين الزوجين امر في غاية الخطورة وعلى الاثنين الايفاء به شرعاً وقانوناً،(الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ….. ويخافون سوء الحساب،الرعد 20،21). فالميثاق عهد مشترك بين الرجل والمرأة، شرعي ملزم،فلا طلاق بغضب ،ولا طلاق بالثلاث،فلا اصل لهما في النص القرآني،وهي مستحدثات فقهية طارئه على النص الديني ،وهذا مرفوض في النص حين وضع للطلاق شروطا قاسية رافقتها فترة زمنية واسعة غير محددة ،لعل كل من الزوج والزوجة يعودا الى رشدهما ويتصالحا،أضافة الى ماورد في ضرورة وجود الحكَمَ العائلي من الزوج والزوجة لعلهم يقومون بمهمة الاصلاح وعدم التفريق بينهما،كما في قوله تعالى:(وان خفتم شقاقَ بينهما فأبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها يُريدا أصلاحاً يوفق الله بينهما ان الله كان عليماً خبيرا،النساء 35). فأين الفقه الشرعي من حكم الله ..؟
في القوامة:
————
فقد جاءت بموجب الاية الكريمة (الرجال قوامون على النساءبما فضل الله بعضهم على بعض،النساء 34).القوامة في الاية لا يقصد فيها جنس الرجال على النساء وانما يقصد بها القوامة بالقدرات المختلفة بين الاثنين عدلاً وقانونأ،انظر كلمة(قوامة) في لسان العرب،حين تعني العدل ،وكلمة بعضهم تعني الجزء وليس الكل ،ففي قول الحق:(انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض،وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا،الاسراء 21). هنا الاية تنفي التفضيل بالخلق وتبقي الافضلية بحسن الادارة والحكمة والثقافة والوعي ،فالقوامة لا تنحصر بالزوج والزوجة بل بالاسرة كلها التي تقوم على التعاون والمحبة والرحمة والمودة، ولا علاقة لها بالتمييز الانساني بين الرجل والمرأة كما يدعي المفسرون مطلقاً.والتي جعلوا منها قانونا ظالما لحقوق المرأة في الاسلام.واليوم وقد سادت الثقافة بين الاثنين فلا بد من معالجة الامر بروح العصر الحديث ضمانا لحقوقهما معاً..والقضاء مسئولا امام الله في التنفيذ.ولكن اي قضاء نملك اليوم في عالم الاسلام والرجل له سلطة التنفيذ..

في النشوز:
—————-
فكلمة النشوز تعني الكراهية بين الزوجين،قال تعالى:(واللاتِ تخافون نشوزهن) والنشوز هنا يعني استعصاؤها على زوجها لسبب من الاسباب،او نشز هوعليها نشوزا ًكذلك، لذا قال الحق:(وان أمرأة خافت من بعلها نشوزاً أو أعراضاً).وقيل في الحديث النشوز هو الكراهية بين الزوجين لاسباب معينة.
هنا يأتي دور الوعظ اي النصيحة والمصالحة لذات البين(فعظوهن) واذا لم يتعضن فاضربوهن على ايديهن اي اسحبوا منهن القوامة،لا تطليقهن على الفاضي والمليان أو اضربوهن بالعصا كما يحلو للرجل المتغطرس ان يتصور، لان العصمة بيدة، وكما نرى ان المرأة بمجرد الخلاف مع زوجها تفاجأ بورقة الطلاق من الباب يحملها مراسل المحكمة،وكأن الرجل لم يطلق زوجته وأنما يطلق نعجة في بيته بلا حقوق.هنا يجب ان تستبدل نظرية العصمة بنظرية الاستقامة كما جاء في آية التطهير)الاحزاب 33) ،ولان اليد هي وسيلة السحب لا الضرب،لانها مشتركة بين الاثنين ،والضرب في الآية الكريمة لا يعني العنف ابدا، بل يعني سحب القوامة من أيديهن (أنظر لسان العرب،كلمة ضربَ التي تعني السحب)،ويجب علينا وعلى المشرعين نزع فكرة الضرب بالعنف لاحلال التفاهم والمجادلة للوصول الى افضل الحلول .
ان سيادة نظرية الضرب بالعنف معناه سيادة نظرية التخلف عند المسلمين،وهذا ما يُعاب علينا به عند المتحضرين من الشعوب الاخرى اليوم ،يقول الحق (…. واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع وأضربوهن،فأن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان علياً كبيرا، النساء 34).والاية الكريمة واضحة تماما حين تقول(فلا تبغوا عليهن سبيلا)، اي لا تدعوا فرصة ايجابية الا وأغتنمتموها من اجل الوفاق والعيش الكريم،والاية الكريمة لاتفسر الا لصالح الانسان الذي اعزه الله وجعله في موقع التكريم(وكرمنا بني آدم) فهل اجازه على النساء الاخريات من الحرائر،تقييم فقهي ميت بحاجة الى مراجعة، وحديث الرسول حديث ثبت قابل لقناعة المنطق.

في الحجاب واللباس
—————
كلمتان مترادفتان في العِرف الفقهي، والقرآن الكريم خالٍ من الترادف،وقد وردت كلمة الحجاب سبع مرات في القرآن الكريم،وكلها تشير الى معنى الستر، اما اللباس فقد وردت هي الاخرى سبع مرات في القرآن ،لكن اللباس غير الحجاب .الحجاب هو الستر او الحاجز كما في قوله تعالى( ومن بيننا وبينك حجاب،فصلت 5) .هنا يتبين لنا ان الحجاب غير اللباس لقوله تعالى( يا بني آدم قد نزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ،الاعراف 26) ولم تنزل كلمة اللباس الا في الصالحين ابتداءً بآدم ابي الانسنة.لذا فالحجاب ليس هو المقصود به اليوم والذي فرض على المرأة فرضا بلا قناعة شرعية،بعد ان ألتبس الامر على الفقهاء المشرعين بين كلمتي الحجاب واللباس ،فراحوا يخلطون بين الاثنين دون تمييز. لكن هذا لا يعني ان للمرأة حق الخلاعة والتعري بل لبسُ مقبول ومعقول حسب قناعة وشخصية المرأة وظروف العمل والموقع الاجتماعي وأعراف المجتمع دون تزمت.اما القناع فلا ذكر شرعي له ،لا في القرآن ولا في كتب الحديث،أنه أبتكار رجعي متخلف من فقهاء التزمت والتشدد وأصحاب ذكورية الرجل.

علينا ان نعرف ان اللباس غير الثوب،والسوءة غير العورة،والبعل غير الزوج، والخلود غير الدوام.كلها فسرت خطئاً وفق نظرية الترادف في اللغة التي حشرها الفقهاء حشراً في القرآن لعدم مقدرتهم من تأويلها علمياً، فلم يعد بامكانهم التراجع عن الخطأ،لاسباب نفسية وشخصية عديدة، وهاهي امامنا نظريات العلامة ابي علي الفارسي اللغوية وابن جني في الخصائص والجرجاني في دلائل الاعجازوكلها نظريات ترفض الترادف اللغوي في القرآن الكريم.فهل يحق لنا أتباع ما جاؤا به من أخطاء لنعتبره قوانين ألزامية ..وهناك امورا اخرى كثيرة بحاجة للمراجعة من قبل علماء النفس والاجتماع والتاريخ واللغة لاعادة الامور الى نصابها بعد ان عُتم على حق المرأة في المساواة بينها وبين الرجل. فاختلقوا لها الاحاديث والاقوال المدسوسة كما قالوا في المرأة(لايقطع الصلاة الا المرأة والحمار والكلب ، مسلم والبخاري) وقالوا :(مااجتمع رجل وأمرأة الا وكان الشيطان بينهما) وهي كلها احاديث منقطعة لا صلة لها بالرسول الكريم(ص) الذي أعز الانسان كل الانسان دون تفريق..وهو الذي كان يجتمع بالنساء في توجيه الدعوة في أيامها الاولى..وسمية هي اول شهيدة الدعوة.

واليوم على علماء الاجتماع والشريعة ان يتجهوا لوضع قانون جديد للاحوال الشخصية يتناغم وحقوق المرأة الانسانية التي حصلت عليها في الدول المتقدمة، لا ان تُحجم المرأة ويُفرض عليها قانون الغاب من قبلَ الاخرين ،وخاصة في المناطق البعيدة عن اشراف سلطة الدولة المركزية في الوطن العربي والاسلامي ،بدون وجه حق شرعي.

ورغم البحوث العديدة والمتعددة التي كتبت في المرأة لكننا الى الان لم نقرأ بحثا جريئا علمياً حياديا منصفاً للمرأة منطلقاً من الفلسفة الجدلية بين الاستقامة والحنيفية والفطرة الانسانية، وحدود الله هي العمود الفقري لهذا المنطلق. وذلك لعدم وجود نظرية اسلامية مصاغة صياغة حديثة معاصرة ومستنبطة حصرا من القرأن الكريم،سوى ما افرزه الفقه من أراء المذاهب المختلفة وما هي الا اجتهادات شخصية بحاجة الى مراجعة عصرية محايدة بعد ان مضى عليها اكثر من الف سنة دون تغيير، مما ادى الى التفكك الفكري والتعصب المذهبي واللجوء الى مواقف فكرية تراثية عفا عليها الزمن ، ولم تعد صالحة اليوم تماشيا مع التطور الفكري والحضاري للشعوب ولم يكن لها في ديننا القويم من أصل.

انا واثق كل الثقة لو ان التفاصيل الدينية للاسلام طبقت بحسب ما جاءت في القرآن وعلى عهد الرسول(ص) ودستور المدينة لامة الاسلام،لاصبح اليوم حتى الظالم مسلما،ولهرول الناس خلف الاسلام بلا حدود،لما يعانون هم من عاداتهم ودياناتهم من ضياع لا تعرف له من حدود،لما في الدين الاسلامي من تسامح ومثل وقيم خلت عنها المبادىء الدينية والتشريعية الاخرى الي دمرها التفسير الفقهي دون سند..فأصبحنا في أخر الشعوب.

صحيح ان بداية ظهور الدعوة لم يتح للمراة الاختلاط مع الرجل والعمل في المؤسسات السياسية والاجتماعية لضيق الافق في تلك المؤسسات في ذلك الوقت ،لكن الرسول(ص) منحها هذا الحق باشراكها في بيعة العقبة الاولى والثانية ودخلت مناقشة فيها ونافحت بعد ذلك عن الاسلام، فكانت سمية اول شهيدة في الاسلام بعد الدعوة. لا كما ارادوها للمتعة والخدمة ،حين قالوا( انها فتنة الرجل) وعليها ان تتحجب وتختفي في البيوت وكأنها قطعة اثاث قديمة لا ينظر اليها الا عند الحاجة،فاذا كانت كذلك فما تفسيرهم لحور العين يوم لا يحتاج الرجل لخدمتها في الجنة حين تكون (قطوفها دانية ).

لقد اكد القرآن الكريم ان المرأة والرجل صنوان لا يختلفان ففي المستوى الاول بشري فيزيولوجي والثاني انساني عاقل .ففي الاول الخلق المادي الفيزيولوجي كما في الاية(,انه خلق الزوجين الذكر والانثى النجم 45)حين دمج الرجل بالمرأة مع كل المخلوقات العاقلة وغير العاقلة لان الكل تشترك في هذا التركيب ،الجنس والولادة والارضاع وتربية النشأ كما في البهائم ايضا ،ويقول الحق: (من كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون،الذاريات 49).والثاني هو الانساني ضمن العقلانية المتميزة فيما بين المخلوقات ، (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم.،الحجرات 13). اي اقربكم للتقوى. ومن قال ان الرجل هو اقرب للتقوى من المرأة؟ سؤال مهم بحاجة الى جواب من فقهاء الدين ؟

كل خطابات القرآن تدعوا للمساواة بين الرجل والمرأة ولا تفريق بينهما،لان اسس الحياة في القرآن قائمة على أساس الكرامة الانسانية التي ضربت عند بعض الفقهاء حتى اصبحنا ندرك من جراء ارائهم، ان للمرأة وضعان في الاسلام، الاول ايجابي في القرآن الكريم والثاني سلبي عند الفقهاء.فيا ليت شعري لاادري من اين جاء هؤلاء بأفضلية الرجل على المرأة.هل لدينا قرآنيين كما يتهم البعض ممن ينتمون لأهل البيت (ع) اليوم ظلماً وعدواناً بوجود قرآنيين لهم،وهو قرآن الله وقرآن فاطمة الزهراء(ع) وهو أفتراء عليهم من القرضاوي وغيره من شيوخ تجارة الدين تجاوز كل الحدود المسموحة عرفا وقانوناً.

ونحن في العراق انتبه الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الى هذه الناحية في التفريق بين حقوق الرجل والمرأة، فألغى قانون الاحوال الشخصية القديم واستبدله بقانون اخر جديد بعد ان ركن الى اراء الفقهاء المتنورين المُحدثين في التفسير والشريعة، فانصف به المرأة وساواها بالحقوق الشخصية مع الرجل وحسناً فعل دون ان يلتفت الى اقاويل الفقهاء السابقين في تفسير النص الديني، لا حبا فيها ولكن حبا بالعدالة والانصاف الشرعي وما كانت تعانيه المرأة من ظلم اجتماعي في عهده، والقانون العراقي انصفها وساواها بالرجل منذ عهد البابليين،أنظر قانون حمورابي في باب المرأة).

نحن ندعوا الحكومة العراقية الحالية الى اعادة القانون القاسمي المنصف وان لا يسيروا وراء الذين لاهم لهم الا اضعاف حق المرأة بأرائهم التي لا تستند الى رأي قانوني شرعي يتفق وحقوق المرأة والتي جعلوها سلعة في باب المتعة والمسيار وتجاوزوا على الميتة منها بمفهوم “الوداع الأخير”، لذا نطالب بأعادة حق المرأة العراقية الى ما كان عليه في عهد الزعيم الراحل في الميراث والقوامة واللباس والعمل السياسي والاداري والقضائي، لنرضي الله والضمير والانسان،وننصف كل امراة اعتدي عليها اليوم ونعاقب كل المعتدين من التراثيين المتخلفين .. ولكن مع الاسف ان الظروف الصعبة التي نعاني منها اليوم تحول دون الحقوق ..لقد ضيع البعض حقوق المرأة العراقية واجبروها على الحجاب ، فالزموها الحجاب المتزمت،ان لم نقل النقاب المتكامل،وهو لباس غريب عليها، لم تعهده من قبل ابدا، ولم يترك لها حرية الاختيارفي الجامعة والكلية والمؤسسة ، حتى وصل بالبعض تجاوزا الى قتلها ان لم تنصاع لما هم فيه يعتقدون،حتى جعلوها سجينة دارها بعد ان نفذوا جرائمهم المخزية فيها في الشارع وصالونات التجميل وحتى معاهد العلم الاكاديمية،مستغلين الظروف الامنية القاهرة في الوطن العزيز وتراخي الامن العام تجاهها،مما اضطرها لهجرةٍ لا تعرف لها من سبيل .

أننا نلمس اليوم حركة فقهية وشعبية متقدمة وجادة لتصحيح المسار الخاطىءبحق المرأة،بعد ان ادرك الجميع خطأ ما كانوا به يعملون ، ،فلا بقاء لنسائنا في بلاد الغربة ،تلك البلدان التي كانت تتحسر علينا نعمة ورفاهاً ،وهي الان ترتع بأموالنا بدون مسوغ بعد ان باعوا الوطن للمتحزبين وسرقوا امواله ،وقتلوا المخلصين وغيرهم من قبل الظالمين الذي لا يؤمنون بانسانية الانسان .والذي نرجوه ان يُقطع دابر المعتدين.

ان الدولة مسئولة مسئولية قانونية عن هذا الخرق المتعمد وقتل المرأة بالباطل،والقرآن الكريم يقول”من قتل نفساً بغير نفسٍ او فسادٍ في الارض كأنما قتل الناس جميعاً”،وان لا يهمل المعتدون .فانتبهوا يا عراقيون أنكم أخوة قبل أن تكون خصماء بعضكم لبعض كما يريدكم العدو الكبير، شعباً ومسئولين،فالكل متشمت بكم اليوم،فوالله لا شيعي ولا سني ولاكردي ولا عربي ولا تركماني ولامسيحي بل الكل أخوة من عراق العراقيين وكلكم مسلمون (الآية 35 من سورة الاحزاب )،انها كلها من مخترعات المعادين والطامعين بالمال والوطن والكرسي اللعين ،دون وجه حق من اجل استنزافكم وتحطيم بلدكم الذي انتم به تسعدون.والدليل ،ما كنا عليه سابقا من اخوة لا تفصلنا فجوة ولا تباعدنا فرقة،وتاريخنا العراقي يشهد على ذلك..منذ عهد السومريين والبابليين.

نحن الان بحاجة للتكاتف والتعاضد،لا للتباعد والتفرق ،وعلى الدولة مساعدة المهاجرين والمهجرين وتنظيم دوائر الهجرة والمهجرين واعدة المغيبين للعود لنسائهم المحرومات بدون وجهحق من الظالمين ..التي لازالت دون الطموح ويشكوا منها الكثير،ولو ذهبت بنفسك الى الوزارة لأعتراك العجب من الفوضى والمحسوبية والمنسوبية هناك،وكأنك ليس في وزارة وأنما في ساحة الفوضى الخلاقة،أهذا هو التغيير؟أذن لا بد من التغيير الحقيقي القانوني المنصف ،علنا ان نحظى بما حظي به الاخرون. ولا نبقيها في فوضى الراغبين،لتكون عونا للعائدين،فعراقنا حر ووطنا حر وهو ملك الجميع مواطنين وحاكمين.

ويجب ان نكون جميعا وبلا تمييز سعداء امناً ورفاهية ،لا احد يخترق حقوقنا الا القانون على من اساء وأظلم، لذا نطالب بتطبيق القانون ،وأحترام الشخصية العراقية للمرأة خوفا من الانكسار ،والوطن العراقي خوفاً من التشتت والتبعثركما نحن اليوم،هذه الفوضى التي اضرت بنا اجتماعياً وسياسياً ولا زالت تخطط لقادم الايام، وأنظروا ما فعلت الدول المتقدمة العظمى،والتي أصبحت المرأة مصانة من العوز بالمطلق.. والا سنخسر كل شيء. للمرأة حقها وحقوقها كانسان مشارك وتطبيق حد العقوبة على كل من يخترق القانون بحقها..بعد ان تقدمت كل الشعوب الا امة العرب..؟

نرجومن منظمات المجتمع المدني ان تحيا من جديد لتكون جادة بعملها تؤدي واجبها الذي من أجله جاءت ، وان تمنع اصدار القانون الجديد الظالم للأحوال الشخصية من قبل رجال الدين اعداء المرأة ،وان نُحقق مانُريد من مساواة بينها وبين الرجل،ونرجو ان تتحول خطب كل المسئولين الى واقع قانوني ملزم التنفيذ عن طريق لجان للمتابعة من المتخصصين المحاييدين،وغداً ستفرح المرأة من كل من لايغفل حقها ولم يتهاون فيه، وحتى نقول جميعاً وبقناعة دوماً(المرأة هي الانسان).فهل ستتحق حرية المرأة وحقوقها الشرعية وضمانتها في الحياة مع أطفالها أو بدونهم مثلما تحققت الآن في آوربا وأمريكا ، وهل سيعي الرجل المسئولية امام القانون ان هو أعتدى على حرية المرأة وحقها ،أم ستبقى حقوقها مدفونة في المحاكم الشرعية يطاردها المحامون لاستغلال المرأة اكثر من التحايل على القانون؟ أم تبقى ضمن نظرية أحلام العصافير التي ينادي بها اللامنصفون ؟ فهل من مجيب ؟

[email protected]