23 ديسمبر، 2024 9:15 ص

المخفي من رحلة القمر 1969

المخفي من رحلة القمر 1969

توفي قبل أيام نيول أرمسترونغ، أول من هبط على القمر في أبوللو 11، في العشرين من تموز 1969. ويقال أنه قال ساعة وطئت قدماه الثقيلتان الأرض الجديدة: إنها خطوة رجلٍ بسيطة، لكنها قفزة عظيمة في تاريخ البشرية. وأول ما يتبادر إلى ذهني ونحن نودع الرجل أننا استقبلنا الخبر الأول ونحن جلوس على “الصبابة”، بجوار دارة البريد الصغيرة في الويمبي، وكنا خليطاً من طلبة الجامعة والثانوية. كانت لنا أحلامنا. نؤمن بالعلم، لكننا محرومون من الحياة، فكنا نتشبث بالصخور، أو نحفر في الرمال كي يكون لنا صوت، وقد كان. ومازال القمرُ هو القمر، عندنا وعندهم، لم يبدله شيء. نراه أياماً، وتحجبه عنا النوازل سنين. نعود إليه متخفين، خجلين. لا بد من أن نتذكر الآن كلمة الرائد الأولى التي قالها حال نزوله هناك. قال مشدوهاً: يا للروعة! والحقيقة أن هذه لم تكن من ضمن برنامج الرحلة المحكم كما وضعته ناسا، لكنها انسكابٌ لروح الفنان على المشهد، وكأنه أراد أن يقول إن القمر هو القمر، وسيبقى كذلك، ملهم الشعراء والعشاق. لكن هذه ضاعت اليوم، ولم يعد يذكرها أحد. ثم ما قالته زوجة رائد الفضاء حينما جاءها الصحافيون يسألون. قالت: كانت لحظة زواجنا أكثر إثارة من لحظة هبوط زوجي على القمر. ومرة أخرى، عزّزت الزوجة روح الإنسان التي نطق بها الزوج قبل ساعات.
نتذكر أيضاً الرائد الثاني أدوين ألدرين، وفي حياته قصة ذات معنى كبير، فبعد أيام من عودته من الرحلة الباهرة، تغيرت حياته. أطلق لحيته، وهجر عائلته، وصار ينام في الحدائق العامة. أرسل الرئيس نيكسون في طلبه. قال له أنت بطل قومي، فماذا جرى لك؟ قال: يا سيادة الرئيس، لو رأيت مثلي ما رأيتُ، لأصبحتَ مثلي تماماً. واضح أن الرجل قد خرج من قصة حب نادرة، قد لا تجري أحداثها إلاّ للقلة من البشر، وربما مرةً في الألف عام. لكن هذه ضاعت هي الأخرى، ولم تعد تذكر.
الثابت أيضاً أن العالم فاروق الباز أعطى لرائد الفضاء صفحةً من القرآن الكريم، وطلب منه أن يضعها على القمر، وقد فعل. كذلك طلب منه أن يتلو سورة من الذكر الحكيم بصوته، وفعل أيضاً. المؤسف أن هذه حقائق، لم يذكرها أحد حتى الآن، وفي زمن العولمة الأمريكي الكاذب.