في صباح يوم ربيعي نادر نسيمه يلامس اهواء الروح ويطربها سكونه وتنعشها القهوة العربية المهيلة او أحيانا الشاي الأخضر المنعنع
وتزينها زرقة السماء وتغنيها مناظر تشكيلات الطيور وتصديحاتها في ذلك الصباح وعطر نسيمه لايزال يفوح وفي الانوف
خرج صاحب المنزل ليجلس على كرسيه في باحة الدار الامامية التي تظللها مظلة معدنية مقوسة زاهية الألوان.
اظلالها اظلال أشجار الجنان وكان بين حافة المظلة واحد الحيطان عش حمامة جميل وجذاب وملفت لنظر العيان وباطواق دائرية شكلا وبالوان
شيدته الحمامة ذات لمعة قوس قزح في الرقبة وتعيش فيه منذ سنين بهناء وأمان تطير منه في الصباح لجمع قوت يومها وتعود اليه للسكينة والاستقرار واعالة
من فيه من الصبية والصيبان فيما كان صاحب المنزل يمعن النظر في كل كبيرة وصغيرة
ونظره شاخص تجاه العش المعلق كالمطاعم الدوارة عند الرومان والاسبان وفي ذلك اليوم وبعد خروج الام لجمع قوت يومها وتأمين حياتها وحياة افراخها
ظهر اثنان من فراخها من لوفيفات العش ليترفها وليتسليا بتوسيع افقهما ويحاربان ظلام عشهما ويسبحان في ضوء نهار يومهما وكأنهما يتحادثان لبعضهما
وذلك من خلال تقابل وطقطقة تلاقي منقاريهما وزقزقات حديثهما وكانهما يتب.ادلان حديث المصير وما سيحل بهمما بعد نظرات هذا الرجل الكبير
فقال الفرخ الأول : ما خطب هذا الرجل الجالس هناك؟ اعتقد هو مالك الدار يشزرنا بنظرات غير بريئة في صباح هذا اليوم؟ .وكادا ينفجران ابتساما وضحاكا
وماذا يدور في عقل هذا الرجل وما ينوي فعله. اينوي التهجير او الإبادة او ماذا؟
فجاء الرد: العلم عند الله يا هذا وما كان من الفرخ الأول الذي كان اكثر حذرا وخوفا على سلامة الجميع الا ان قاطعه.
قائلا : لا لا يا صاحبي لا اعتقد ذلك …………ان المشكلة مشكلة مبادئ واعتقاد
حيث يعتقد هؤلاء الناس انهم افضل من باقي المخلوقات واسمى منها
فقال الفرخ الثاني: يا هذا كلنا خلق الله ولا فضل لاحد على احد.؟
فلتتعايش المخلوقات. فلك الحق بالعيش دون تمييز بالاجناس وبالقدرة الذاتية ودون تسلط.
واستنادا الى المالك ان ما قاله الفرخ الأول كان كل ما دار في اجتماع الاسرة من ارارءوعين الصواب
حيث يقضي الراي الأول بتعليق دمية لفتاة قرب العش بحيث يبعد ويهجر هذه المخلوقات
وبعد فض الاجتماع بساعات تم وضع الدمية وادركت هذه الاحياء هذه الحيلة وفشلت الخطة.
وكذلك لم يفلح الجزء المعدل من هذه الخطة : بوضع قماش اسود حول الدمية تشبها بالنسر
وتوالت المقترحات الواحدة تلو الأخرى. منها مثلا وضع دمية بشكل نسر وليس غير
فوق او قرب الموطن الأصلي لهذه المخلوقات ومستقرها
وأسفاه لم نعثر على هكذا دمية في الأسواق وبتنا نبحث عنها مرارا وتكرارا
ومن المقترحات أيضا إطالة المظلة المعدنية وحرمان الطيور من حق بناء الاعشاش.
أي التهجير القسري وهذا المفترح من مساوئه حجب اشعة الشمس عن مكان المعاش
كل هذه المقترحات باءت بالفشل-مقترحات التهجير القسري او الإبادة
واقترح المالك بدل ذلك فكرة الاستعانة بالقطط او غيرها من أساليب القتل المتعمد او الابادة
ولم تحظى الخطة هذه بالنجاح المطلوب ولاقى المقترح هذا قبولا مبطنا كالعادة
وبقيت الحرب دائرة بين اهل المنزل وبين هذه المخلوقات لتجريدها من حقوقها دون هوادة
ولتسلط بعض الاجناس في دنيانا حرمت هذه المخلوقات من الاعتراض على ابسط حقوقها
وحرمت من رفع دعوة قضائية الى محكمة موحدة محايدة ومعترف بها للبت بحق وجودها
وحتى لو وجدت هذه المحكمة سيتدخل كبيرنا المتلسط لاصدار حكم لصالحنا وليس لصالحها
ونصبح نحن الأشرار في عداد الفائزين بسلب حقوق الاخرين الذين تحاصرهم المصائب
ونصبح نحن قساة القلوب واعداء الرحمة متوجين بنصر زائف وادعاء غير صائب
هكذا يجني المتسلط واعوانه المكاسب وستغرق في بحور الحق كل ما يملكه من مراكب