23 ديسمبر، 2024 10:45 ص

الإله : هو كائن خارق للطبيعة ، مطلق ، كامل ، قادر على كل شيء ، لا نهائي ، غير محدود بشيء ، يعلم كل شيء ، خارج الزمان ، خالق للكون والإنسان ، يستجيب للدعاء ، ويوصف بالرحمة والعدالة ..الخ ، و يطلق عليه الرب أو الله .

_من أهم الخواص الإلهية أنه ” قادر على كل شيء ” :

القدرة على كل شيء ، تعني أنه لا يوجد شيء لا يستطيع فعله ، ولا يوجد أي معوق أو أي شيء يحد من مقدرته ، فهو فوق كل مقدرة وكل إعاقة ، ومن جهة أخرى ، إذا وجد هناك شيء لا يستطيع فعله الإله ، فيعني أنه غير قادر على كل شيء ، بالتالي فهو غير موجود.

_هل يستطيع المؤمن إثبات أن الله قادر على كل شيء ؟

سنفرض أنك أنت إنسان مؤمن بالله وبتعاليمه ” مهما كانت ” أو بقدرته على فعل كل شيء ، وإنك تعلم أنك إذا دعوته دعوة صادقة سيستجيب لدعواتك . حسناً .

صلي وادعي وقدم قرابين وإفعل الخير وأطعم الفقراء وساعدهم على نية أن يفعل شيء أي يغير شيء أن يعطيك شيء ، أي شيء مهما يكن صغيراً أم كبيراً ، المهم أن يثبت أنه قادر على كل شيء ، فإذا دعوته ، فإنك ستنتظر وتحتار بأمره لماذا لم يستجيب بعد ، فأنا سأساعدك بوضع الاحتمالات الممكنة المعبرة عن موقف الله :

1- لم يسمعك ، فلم يجب لدعواتك . ( بالتالي هو غير قادر على كل شيء ) .

2- يستطيع مساعدتك ، ولا يريد . ( بالتالي فلا يمكن أن تثبت أنه قادر على كل شيء ) .

3- يريد مساعدتك ، ولا يستطيع . ( بالتالي فهو غير قادر على كل شيء ، بالتالي غير موجود ) .

سيعترض المؤمن على الاحتمال رقم ( 2 ) ، ويتحجج بأنها مشيئة الله .! والله لم يشاء أن يستجيب الآن . حسناً ..

بقليل من التفكير ، ستكتشف أيها المؤمن ما يلي :

1- أنك دعوت وصليت وساعدت الفقراء ..الخ ، ولم تجني شيئاً من هذا .

2- أن الله لا يستجيب ، إما الخطأ منك أو منه ، أو الله غير موجود .

3- لا تستطيع أن تثبت أن الله قادر على كل شيء .

_وهنا لابد من التذكير ، بحجة ” الشر أو السيئ ” :

هل يريد الله أن يمنع الشر ، لكنه لا يقدر ؟ حينئذ هو ليس كلى القدرة !

هل يقدر ، لكنه لا يريد ؟ حينئذ هو شرير !

هل يقدر ويريد ؟ فمن أين يأتي الشر إذن ؟

هل هو لا يقدر ولا يريد؟ فلماذا نطلق عليه الله إذن؟

_القدرة على كل شيء تعني القدرة على جميع المستحيلات ، والأشياء المتناقضة منطقياً :

ما هي الأفعال المنطقية ، والأفعال الغير منطقية ؟

لنتفق على أن كل فعل لا يخالف العقل ولا البداهة ولا التجربة ، والقوانين الفيزيائية ، هو ضمن الأفعال المنطقية ، والأفعال الغير المنطقية هي عكس ذلك …..فهنا نتساءل :

هل نستدل على الله بالمنطق ، أو لا ؟

الجواب المعتاد :

نعم نستدل عليه بالمنطق ، فإذا كنا لا نستطيع أن نضعه ضمن المنطق الإنساني ، فلن نستطيع أن نستدل عليه .

هل أفعاله داخل المنطق أم خارجه ؟

وعلى هذا السؤال يوجد ثلاثة أجوبة :

أفعال الله داخل المنطق :

إذا كانت أفعال الله داخل المنطق ، فهي حتماً ليست خارج المنطق ، بالتالي الأفعال تقتصر على الأفعال المنطقية ، وسنربح من هذا الجواب ، الاستدلال على وجود الله من أفعاله المنطقية ، وسيخسر الله قدرته على الأفعال الغير منطقية ، بالتالي لن يكون قادر على كل شيء .

أفعال الله خارج المنطق :

إذا كانت أفعال الله خارج المنطق ، فهي حتماً ليست داخل المنطق ، بالتالي الأفعال تقتصر على الأفعال المنطقية ، وسنخسر من هذا الجواب ، الاستدلال على وجود الله من أفعاله المنطقية ، و سيربح الله قدرته على الأفعال الغير منطقية ، بالتالي لن يكون قادر على كل شيء .

أفعال الله داخل وخارج المنطق :

فالله يستطيع أن يفعل أشياء منطقية ، ويستطيع أن يفعل أشياء غير منطقية ، وفي نفس الوقت ، فنستدل على وجوده من الأفعال المنطقية ، ونُسحر ونتأمل بأفعاله الغير منطقية .

فالله يستطيع أن يعطي جوابين عن السؤال : 1+1 = ؟

1+ 1 = 2 ( وهو جواب منطقي ) ، و ، 1+ 1 = 54 ( وهو جواب غير منطقي ) .

فالجواب الأول صحيح منطقياً ، والجواب الثاني خاطئ منطقياً ، بالتالي أعطينا فرصة لله بأن يخطئ وهذا ينافي الكمال .

فالقدرة على كل شيء ، تعني أيضاً القدرة على الخطأ ، والخطأ هو بالنسبة لنا كبشر ، فبأي حق نطالب بالاعتقاد بوجود إله قادر على كل شيء ولا يخطئ ؟.

ونستطيع أن نعبر عن هذا بصيغة أخرى :

اذا كان الله قادر على كل شيء ،هل الله قادر على الخطأ ؟

اذا كان الجواب ” لا ” ، فهو غير قادر على شيء ، واذا كان الجواب ” نعم ” ، فهو غير قادر على كل شيء .

والجواب الأنسب للخروج من هذه الحالة الحرجة القول بأن الله غير معني بمفاهيم الخطأ والصواب ، لكن ذلك سيؤدي إلى نفي صحة الديانات و الحساب ، فكيف سيحاسب ، وليس لديه مفاهيم للخطأ والصواب ؟

_ليكون الله قادر على كل شيء ، عليه أن يفعل كل شيء :

هل كان الله كاملاً قبل الخلق ؟

قبل الوجود كان الله ، ولم يكن هناك فعل الخلق ، بالتالي الله لم يكن خالقاً ، بالتالي لم يكن كاملاً ، و عندما قام بالخلق ، فهو قام بشيء مجبر عليه ولم يكن مخيّر أبدا ، لكي يصبح كاملاً ، وليثبت ” لا أعرف لمن ، ربما لنفسه ” أنه قادر على كل شيء ، حتى الخلق ، وهنا نلاحظ تغير حال الله من ” كائن ناقص ، قبل الخلق ” إلى ” كائن كامل ، بعد الخلق ” فما معنى أن يكون لكائن خارق ، يتصف بالقدرة على القيام بكل شيء ، إن لم يفعل كل شيء ؟

فهل فعل الله كل شيء ، أم لم يفعل ؟

اذا كان فعل كل شيء ، فهو لا ولن يستطيع فعل شيء الآن ، وهو لا ولن ، يتدخل بمصير الكون أو الإنسان ، ولا يوم حساب ولا قيامة ولا شي من هذه الأمور .

وإذا لم يفعل كل شي فهو غير كامل .

_مشكلة ( خارج وداخل ) :

لنعود ونفترض أن الله كائن قادر على كل شيء :

– إذا كان الله خارج الزمن ، فهل يستطيع أن يكون داخل الزمن ؟

إذا استطاع أن يكون داخل الزمن ، فهو محدود بالزمن ، وإذا كان لا يستطيع أن يكون داخل الزمن فهو غير قادر على كل شيء .

– إذا كان الله خارج الكون ، فهل يستطيع أن يكون داخل الكون ؟

إذا استطاع أن يكون داخل الكون ، فهو محدود ، وإذا كان لا يستطيع أن يكون داخل الكون فهو غير قادر على كل شيء.

_القدرة على كل شيء تناقض المعرفة الكلية :

لو أن الله كلي المعرفة ، فهو يعرف بالتأكيد ومسبقا كيف سيتدخل بقدرته الكلية ليغير مجرى التاريخ ، وهذا يعني بأنه لا يستطيع تغيير رأيه بهذا الموضوع فهو بالتالي ليس كلي القدرة لآن هناك شيئا لا يستطيع فعله .

_الحجة الوجودية :

أول من قال بها أنسليم وهو قديس عاش بالعصور الوسطى ( 1033- 1109 ) ، وتفيد هذه الحجة بالتالي :

حتى الذي لا يعترف بوجود الله ، لا يمكن أن يتصور في ذهنه موجوداً أعظم من الله ، لآن الشيء الذي لا نتصور وجود أعظم منه ، لا يمكن أن يوجد في الذهن فقط ، لآنه لو كان موجود في الذهن فقط ، لكان بإمكاننا أن نفكر في أنه موجود في الحقيقة أيضاً ، وهذا وجود أعظم ، لآن الشيء الموجود في الذهن وموجود في الحقيقة ، أعظم من الشيء الموجود في الذهن فقط .

بالتالي الكائن الذي لا نستطيع أن نتخيل أعظم منه ، هو نفسه ما نستطيع أن نتصور أعظم منه ، وهذا تناقض ، وبذلك يكون ما لا نستطيع أن نتصور أعظم أو أكثر كمالاً منه ، يوجد في الذهن و الواقع .. إذاً الله موجود.

ويطرح ريتشارد دوكنز في كتابه ” وهم الله ” الحجة الوجودية على الطريقة التالية :

يقول وبطريقة طفولية ، الغاية منها توضيح الحجة بأبسط صيغة ممكنة :

“أراهنك بأني أستطيع اثبات وجود الله .

لا أظنك تستطيع

حسناً … تخيل أكمل .. أكمل .. أكمل شيء ممكن

لقد فعلت .. ثم ماذا ؟

هل هذا الشيء الكامل الكمال المكمل حقيقي ؟ هل هو موجود ؟

لا .. هو في خيالي فقط .

ولكن لو كان هذا موجودا لكان أكثر كمالا ، لآن الشيء الكامل الحقيقي جدا هو افضل من مجرد خيال سخيف لشيء ما . وبهذا أكون قد برهنت أن الله موجود . هيه .. هيه … هيه .. كل الملحدين حمقى ” .

طبعاً جاء الرد على هذه الحجة من قبل هيوم وكانت ، فقد عُثر على الخطأ في هذه الحجة ألا وهو ( الأكثر كمالاً ) من اللاوجود . ويقول نورمان مالكوم : ما معنى أن نقول وجود البيت سيكون أفضل من عدم وجوده ؟

وأتى رد آخر بطريقة ساخرة ، من دوغلاس غاسكنيغ حيث قال :

– إن خلق الكون هو أكبر إنجاز يمكن تخيله .

– قيمة أي إنجاز هي حاصل ضرب قيمتي : (1 ) قيمته الجوهرية ( 2 ) إمكانيات الخالق له .

– كلما كانت إعاقة الصانع أكبر ، كلما كان إنجازه مثيراً للعجب أكثر .

– أعظم الاعاقات وأكبرها بالنسبة لخالق هي عدم وجوده .

– لذلك لو افترضنا أن الكون هو إنجاز لخالق موجود فبإمكاننا أن نتخيل وجوداً أعظم – بشكل ما ، والذي يستطيع خلق كل شيء بدون أن يكون موجود .

– فالإله الموجود إذن لن يكون أعظم ما يمكن تخيله لآن الإله الغير موجود أعظم وأكثر إثارة للدهشة .

– النتيجة : الله غير موجود .