اﻹنسان يعشق الكمال، وهو يسعى نحو التكامل في حدود فهمه للكمال، وبطبيعة الحال أن أختلاف الفهم عند بني البشر يلقي بظلاله على الكمال نفسه، ومن هنا تعددت اﻷهداف وأختلفت الى درجة التقابل والتضاد…
ولو أمعنا النظر بهذا الفهم البشري المتضاد للكمال ﻷكتشفنا أنه لا يمثل فهما عقليا خالصا، نعم، قد يشوبه شئ من التعقل إعتمادا على العقل النظري تارة والعقل العملي تارة أخرى، إلا أن وصفه بالفهم لا يخلو من تسامح ومجاز، بل هو خليط من الهواجس والعواطف وايحاءات النفس اﻷمارة بالسوء وشئ من الوهم مع شئ من التعقل فكانت النتيجة هذا الفهم البشري المتباين للكمال، ومع ذلك فإن الكثير من بني البشر من أدباء ومفكرين ومثقفين لا يعترفون بهذه الحقيقة – أي حقيقة الفهم البشري المشوب بالتناقضات-.
وحتى لو كان هذا الفهم البشري فهما عقليا خالصا فهو ليس كمالا مطلقا بل هو فهم محدود ناقص يحتاج الى ما يكلمه، فالعقل لا يستغني عن الوحي، ولذا ورد بحسب المضمون ” أن العقل نبي من الداخل”، فالوحي يرشد العقل الى الكمال المطلق.
وتلعب الشريعة بصورة عامة، والعبادة بصورة خاصة الدور الفاعل في حركة الإنسان نحو الكمال المطلق.
إن السير نحو الكمال يتوقف على معرفة الكمال، وهذه المعرفة لا تحصل الا بعد التفاعل الإيجابي بين العقل والوحي.
فالوحي مرتبط بالكمال المطلق، والكمال المطلق لله تعالى وحده لا شريك له الذي غرز في ذات المخلوقات الشوق نحو الكمال..
واﻹنسان مخلوق عاقل مختار فهو بالرغم من الشوق للكمال المغروز في ذاته إلا إنه يتحرك نحو الكمال بإرادته وإختياره وهذا يتطلب منه فهما ومعرفة وإدراكا للكمال وهذا ما عبرت عنه بالفهم البشري للكمال وهو ليس فهما معصوما او خالصا محضا كما اشرت قبل قليل…وبالتالي فهو يحتاح الى مرشد ودليل…ومن هنا يأتي دور الوحي كهمزة وصل بين الانسان وخال